من دفاتر الخادمات رصيد الخادمة

لا أدري لم انفعلت بهذا الشكل عندما أخبرها زوجها بأنه تزوجني· كان عليها أن تتوقع مثل هذا الأمر، إنهما شبه منفصلين وإن لم يتزوجني فسيتزوج غيري، وهل يبقى الرجل بلا امرأة؟ إنها إنسانة متناقضة، لا أدري كيف تفكر· الخلافات مستمرة بينهما، ولا تفاهم ولا حلولا وسط، بمجرد أن يجلسا سوياً تبدأ المشاجرة، وهي تعاقبه على أتفه الأشياء، بمقاطعته لمدة غير بسيطة حتى أصبح لكل واحد منهما غرفة نومه الخاصة· منذ اليوم الأول الذي وصلت فيه إلى هذا البيت، أحضرتني السيدة من المكتب، دخلنا البيت وكان زوجها جالساً أمام التلفاز، نظر إلي نظرة غريبة، كنت وقتها أرتدي بنطلوناً ضيقاً ''لو ويست'' و''بدي'' قصير يظهر البطن والظهر، قال لزوجته: أخبري هذه الخادمة بأن تبدل طريقة لبسها إن كانت تريد العمل عندنا· نظرت إليه زوجته باستفزاز وقالت له: أنا أحب أن تكون خادمتي أنيقة، ألا يكفي أنك ألبست خادمتنا الأولى ''الحجاب'' و''اليوني فورم'' فأصبح منظرها مقرفاً، حتى إني كنت استحي أن أظهرها أمام صديقاتي، أرجو أن لا تتدخل في أمر هذه الخادمة، لقد أحضرتها على نفقتي الخاصة وأنا مسؤولة عنها· سكت الزوج قليلاً ثم قال لزوجته: وهل تقبلين أن تمشي خادمتك بهذه الملابس الفاضحة أمامي؟ ثم كيف ترضين أن تسير إلى جانبك في الشارع، أنت بعباءتك واحتشامك وهي إلى جانبك خليعة؟ ألا تكون الأناقة إلا بمثل هذه الثياب؟ أجابته زوجته بانفعال: إنها مسيحية، الكل يعرف ذلك، ولست مسؤولة عن نشر الفضيلة في المجتمع، سامحك الله، أنت تنغص علي حياتي في كل صغيرة وكبيرة· كانت هذه هي البداية، كنت وقتها لا أفهم ما يدور بينهما ولا أدري عما يتعاركان، إلا إن الخادمة الأخرى الموجودة قبلي شرحت لي كل ما دار بينهما، وأخبرتني بكل الخلافات التي تجري باستمرار بين الزوجين، وقد كانت مستغربة من تصرفات السيدة مع زوجها مع كونه إنسانا طيبا ولطيفا ولا يقصر في بيته أبداً· بعد أن منحتني السيدة الضوء الأخضر في لبس ما يحلو لي وبعد أن عرفت بأن هذا الزوج يعيش حالة من العزوبية في حياته الزوجية، جاءتني الفكرة التي ستوصلني إلى كسب المال بأسرع وقت ممكن، فلو استطعت التأثير على هذا الرجل فسأكون الرابحة في جميع الأحوال، لأنه إن أعجب بي وتزوجني فذلك هو حلمي، وان طلب مني أن تكون بيننا علاقة عابرة فهذا أفضل، لأنه سيمنحني المال ليشتري سكوتي بأي ثمن، ففي كل الأحوال أنا الرابحة فعلاً· بدأت خطتي بدقة وعناية، الملابس الفاضحة والعطور والسعي في خدمته وارضائه على الرغم من تبرمه وعدم استجابته ''فكثرة الدق تفك اللحام'' كما يقولون، ولابد أن يلين الحديد، خصوصاً وأن الظروف تساعدني، فهذه الزوجة لا تفكر لحظة واحدة بمشاعر زوجها وهي منغمسة انغماساً كاملاً في عملها وصديقاتها وأهلها، حيث لديها جدول مزدحم لا مكان لزوجها فيه، حتى إنها لا تعود لمنزلها إلا آخر الليل وهي متعبة ومرهقة لا تطيق منه كلمة واحدة· أما هو، فهو من النوع ''البيتوتي'' يحب أن يعود من عمله فيجلس في بيته، يراقب أطفاله ويشاهد مباريات كرة القدم وبعض أفلام ''الأكشن''، وعندما يشعر بالملل يذهب إلى النوم، وعادة ما يكون نومه قلقاً، حيث ينهض عدة مرات في الليل يتمشى في البيت ثم يعود لغرفته· كل هذه الظروف جاءت لمصلحتي، حتى توصلت أخيراً لما أريد، لأنني فوجئت وبلا مقدمات بعد سنة واحدة من عملي ومثابرتي على الاهتمام به، فوجئت بأنه يطلب مني الزواج، وهذا الشيء هو أكبر من أحلامي· تزوجنا في السر كما أراد وصرت أتمتع بميزات كثيرة كما توقعت، حصلت على مال كثير وهدايا وعطور وأصبحت أوضاعي على أفضل حال· الغريب أن زوجته لم تشعر بأي شيء ولمدة سنة كاملة، وكنت مستغربة، كيف تمر كل هذه الشهور وهي لا تشعر أبداً بأن في حياة زوجها امرأة؟ إنها إنسانة عديمة المشاعر· المشكلة أن الخادمة الأخرى التي في البيت عرفت بالحقيقة، وقامت بابلاغ سيدتها، لأنها كانت تشعر بالغيرة مني طوال الوقت· لم أكن أتوقع بأن تثور الزوجة كل هذه الثورة، صارت تصرخ بلا وعي وهي تقول: هل تزوجت الخادمة؟ وأين كنت أنا؟ هل كنت ميتة؟ أنت إنسان نذل·· منحط· دفعها زوجها وأسقطها على الأريكة، ثم قال لها: الذنب ذنبك، كنت أجدها أمامي طوال الوقت شبه عارية، أنا بشر، لست ملاكاً، هل نسيتي؟ كم طلبت منك أن تبقي إلى جانبي، كم طلبت منك أن تمنحيني ولو جزءا بسيطا من وقتك واهتماماتك، أن تكفي عن المشاجرة والعناد على كل صغيرة وكبيرة، أن تفكري بحقوقي كزوج، وهل تذكرين عندما طلبت منك أن لا تظهر الخادمة أمامي بمثل هذه الملابس؟ لا تلوميني ولومي نفسك، خشيت أن أقع في الحرام فتزوجتها، حدث ذلك منذ سنة وأنت لم تشعري بشيء لأنني خارج حساباتك· بكت المرأة بكاءً مراً، واعترفت بتقصيرها ثم طلبت منه أن يطلقني، فقال لها: لا أفكر في طلاقها لأنني لا أضمنك· فلازالت لدي الفرصة لزيادة رصيدي في البنك·· يالسعادتي بهذا الوضع· فمادامت هنالك خلافات بين الزوجين فأنا والشيطان في احتفال بهيج·