الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ستة شعراء يتنافسون على لقب "أمير الشعراء"

ستة شعراء يتنافسون على لقب "أمير الشعراء"
2 سبتمبر 2007 03:48
جاءت الحلقة قبل النهائية لمسابقة أمير الشعراء، من أكثر الحلقات إثارة وتشويقا وقوة وجمالا وإبداعا وشعرا وحضورا جماهيريا غفيرا ومميزا ملأ مدرجات مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، حيث اجتمع الشعراء الستة المتأهلون من المرحلة الثانية للتصفيات النهائية، وذلك لساعة الحسم، وهم جاسم الصحيح (السعودية)، روضة الحاج (السودان)، محمد ولد الطالب (موريتانيا)، حازم التميمي (العراق)، عبدالكريم معتوق (الإمارات)، إضافة إلى المتسابق تميم البرغوثي (فلسطين)، والذي تم اختياره بعد الكشف عن تصويت الجمهور له في بداية الحلقة قبل الأخيرة من البرنامج· اللافت في بداية الحلقة هو ذلك الحضور الجماهيري الغفير من محبي الشعر من الإمارات ومختلف الجاليات العربية في الدولة، والذي جاء رافعاً الأعلام والشعارات الخاصة كلٌّ وبلده ومتسابقه الذي يشجعه، فضلا عن ملايين المشاهدين الذي يتابعون بث البرنامج من خلال قناة أبوظبي الفضائية وقناة أمير الشعراء وإذاعة إمارات إف إم، في جميع أنحاء العالم، فكانت أمسية ظبيانية رائعة لآخر حلقات التصويت والإعداد لتتويج أمير للشعراء، في برنامج استطاع بحق أن يعيد للشعر العربي جماهيرته· وأعلن الشاعر نايف الرشدان نيابة عن أعضاء لجنة تحكيم المسابقة معايير التحكيم للحلقة الأخيرة والتي ستتمثل في قراءة كل متسابق لقصيدتين، الأولى نص رئيس يختاره الشاعر بنفسه، أما الثانية فهي قصيدة شعرية ارتجالية ومكونة من أربعة حتى ستة أبيات وستعلن معايير التحكيم فيها يوم الحلقة الأخيرة· أمر البرغوثي بدأت الأمسية بالشاعر تميم البرغوثي (فلسطين)، والذي خطف أنظار الحاضرين كعادته بقصيدة قوية تحمل عنوان ''أمرٌ طبيعي''، وصف فيها حال الأمة العربية واستباحة المعتدين لأرضها، وقال فيها د·علي بن تميم، إن صاحبها استضاف شكلي الشعر الحديث وهما الشكل العمودي والتفعيلي، ولكل شكل وظيفته البنيوية في القصيدة، فالأول يمهد للتفعيلة في غنائية تفتتح الحكاية بطريقة سردية مستخدمةً كل ما هو غير إنساني للتعبير عن ما هو إنساني، فيستخدم الحيوان بطريقة الحكيم بن المقفع، كما أن النوع الأدبي عنده يقلب النوع الأدبي للمقامات رأساً على عقب، وذكر د·عبدالملك مرتاض أن تميم استخدم الخطابة واستحضر التراث الإسلامي والبيئة العربية، كما أن لغته الشعرية أنيقة بها صور بديعة، وأشار الفنان غسان مسعود الى أن الشاعر استخدم حضوره المسرحي الكبير مع تقنيات الإلقاء في جذب أنظار الحضور ومعرفته كيف يبدأ الحديث؟ ومتى يتوقف وأضاف، إن تميم يكتب الشعر على المسرح بعد كتابته على الورق، ووصف الشاعر نايف رشدان ''البرغوثي'' بشاعر الأقصى الذي يكتب مشتعلاً، وقدم نقداً اجتماعياً لواقع الأمة من خلال لغة مورقة بها إلحاح عجيب، إلا أنه لم يبذل جهداً كبيراً في الإيضاح، وقال د·صلاح فضل: إن الشاعر اختار كلمة الغار في قصيدته لأنه يحتضن النبؤات ويعد بالمستقبل· جاسم وبئر يوسف ثم قرأ جاسم الصحيح (السعودية) قصيدة بعنوان ''ما وراء حنجرة المغني'' تحدث فيها عن علاقة آدم مع الشعر لمدة تجاوزت العشرين عاماً ومن خلاله تغيرت صياغة ''آدم'' الإنسان داخله، ورأى فيها د·عبدالملك مرتاض، أن الشاعر تناول بنية النص بطريقة عميقة مع وجود حالة من القلق والتمرد للحدود الجغرافية، كما أنه استدعى قصة يوسف عليه السلام من خلال تحكم مكتمل في أدوات اللغة الشعرية، وقال عنه الفنان غسان مسعود، إن الشاعر يشغله البحث والسؤال ويذهب الى التورية من خلال نصه ويكشف به عورات الكثيرين، ووصف الشاعر نايف الرشدان القصيدة بالمائجة، وبأن محورها الشعور الإنساني والذي يرتقي إلى أسمى لغات الإنسان، لغة الحب، وأضاف أن صاحبها ممن يعول عليهم نقل الشعر إلى الحداثة، وقال د·صلاح فضل، إن الشاعر أجاد تصريف الكلام من خلال رؤية شعرية ناضجة تشارف على عالم الصوفية· لبلاب التميمي وتلاه المتسابق حازم التميمي (العراق)، والذي قرأ قصيدة بعنوان ''حسرة اللبلاب'' قال في أحد أبياتها ''وجعي تراث الناي يشرب من دمي ···· بوح الغروب وصفرة الأهداب''، وقال فيها الفنان غسان مسعود، إن صاحبها بناءٌ ماهر استطاع تجسيد الشكل التقليدي للشعر العمودي، لكنه في داخله صراع من أجل التحديث وعمل على التحرك أيضاً في داخله بصورة جديدة سواء باللغة أو التراكيب أو الجمل، وأشار الشاعر نايف الرشدان إلى القيمة التصويرية الجميلة بالقصيدة من خلال قدرة الشاعر على تكوين لغة تعادل بين أبيات القصيدة، كما أن النص تتدفق منه الكثافة الشعورية وينطلق المنظور الفني من خلال ثلاث مستويات، وقال د·صلاح فضل، إن حازم عراقي عريق حتى النخاع في شعره وحفيظ على تراث قومه، أمين على أصلاب الإبداع، وكلماته بها بعض قطرات بلاغة الإمام علي (رضي الله عنه) عندما كان يخاطب الدنيا، كما أنه مضى في تشعير التشاؤم واستقطاع الطرقات عمراً ضاحكاً، وأشاد د·علي بن تميم بقناعة الشاعر في نصه والتي تشبه قصيدة نزار قباني في قصيدة ''موال بغداد''، خاصة أنه يقدم صوت الإنسان المحطم في بغداد، وأشار د·عبدالملك مرتاض، أن القصيدة تناولت قضية العراق من خلال الإيحاء في نص شعري عمودي يمثل اليأس القاتل وعمد صاحبها على استحضار بعض العلامات الدالة مثل نبات اللبلاب كرمز إلى الذبول السريع· ضوء روضة الحاج أما رابع متسابقي الأمسية فكانت الشاعرة روضة الحاج (السودان)، التي جاءت قصيدتها بعنوان ''ضوءٌ لأقبية السؤال'' ذكر فيها الشاعر نايف رشدان أنها مؤثرة تعبر عن حقيقة صراع تعيشه الشاعرة رغم مكانتها الكبيرة في الحركة الشعرية، وهناك حيرة لضوء تفرغ إليه الشاعرة من خلال ذكر الدهاليز والأخبية، وقال د·صلاح فضل، إن الشاعرة تحمل خريطة مجسدة لعلاقة المرأة الشاعرة، فهي تجمع التضاد ولا تتحمل الذوبان فيه، كما أنها تصور في إبداع نسيج الشراكة الزوجية وتقدم تجربة ذاتية بالغة الصدق والتدفق بمنظور شاعرة ثاقبة الرؤية لكنها تختزل الرجل في مجرد شهريار، وأشار د·علي بن تميم، إلى أن روضة تساءلت داخل النظام المفروض على البشر لتحريره من أصوله وتقرر التاريخ بدل أن تقع ضحيته وتحدد في نصها الأشكال والمفردات وشمال السودان عن جنوبه، وهو تنوع لفظي، وأكد د·عبدالملك مرتاض على تناول الشاعرة في بنية عميقة مجموعة من القضايا والأسئلة الواقعية التي تشف عن صوت أنثوي ثائر هادر مكبوت حزين، كما أن هناك استدعاء لصوت المرأة وذكائها ومكرها في لغة شعرية متألقة وتصوير فني بديع ووصف عنوان القصيدة بأنه أجمل العناوين في الأمسية، وذهب الفنان غسان مسعود إلى قدرة الشاعرة على إحكام النص وشموله على فكرة أنثوية منفتحة على الآخر وجمعها لأقطاب الكون لتكوين دراما الحياة· الشاعر الرحالة وألقى الشاعر عبدالكريم معتوق (الإمارات) قصيدة بعنوان ''نسبُ الحروف'' قال فيها د·صلاح فضل إنها استعجلت الفراق المُر وقدمت الخطاب بلون من الخطابة الآسر للجمهور في حلبة الصراع، كما تعلو فيها قيم نبيلة في المحبة والإيثار ونموذج كرم الأنصار للمهاجرين، غير أن الشاعر يقول شيئاً ويقصد شيئاً آخر، وأشار د·علي بن تميم إلى أن القصيدة بها تمييز مجازي بين الشاعر الرحالة والشاعر المقيم على مبدأ واحد، فالشاعر الرحالة يشكل وجوده عن طريق الحروف بدل الهوية القائمة على العرق، كما أنه يقوم على الحركة والرغبة في الذهاب إلى عوالم مختلفة، وأضاف د·عبدالملك مرتاض، أن الشاعر امتلك ناصية الشعر وهو أول من تناول موضوع تسامح الأديان والمحبة، كقيمة عظيمة أمام البنية السطحية، فتحمل تفعيلة في أربعة مقاطع ونشط الشكل التفعيلي بثلاثة أبيات من خلال لغة معجمية سليمة البناء· سندباد ولد الطالب واختتمت المسابقة بقصيدة للشاعر محمد ولد الطالب (موريتانيا) تحمل عنوان ''سندباد الريح'' قال فيها: ''الأرض توغل في المساء ····وفي ظلال العابرين ظلالها منداحة''، وقال فيها د·علي بن تميم، إنها قصيدة تتحدث عن السلام والتسامح مستخدمة قصة السندباد والتي بحاجة إلى رد الاعتبار لرحلته، كما أن بها استذكارا لرمزين عربيين هما ''الثريا'' و''السهيل'' وتجسيد للصراعات العربية وغير العربية وفيها تتجاوز كافة أشكال التعصبات، وأشار د·عبدالملك مرتاض أن القصيدة لا تتساءل وتقلق وتحار ولكنها تصف شيئاً قاتماً، غير أنه جميل بديع، وتستدعي أسطورة السندباد وتحولها من حالتها البحرية إلى حالة الريح العاصفة· رحلة ''أمير الشعراء'' وفي نهاية الحلقة قامت لجنة التحكيم بتقييم النصوص الإجبارية للمشاركين من خلال مناقشات شعرية مكثفة حول وصف الشعراء الستة مشاركتهم في برنامج ''أمير الشعراء''، وقدم المشاركون الخمسة أجمل ما لديهم في صورة شعرية راقية، لم يجد فيها الفنان غسان مسعود نقداً ليذكره للشعراء، وقال د·عبدالملك مرتاض، إن قصائد عبدالكريم معتوق(الإمارات) تناولت قيمة الحب العظيمة في زمن الويلات والحروب، أما حازم التميمي (العراق)، فانفرد عن زملائه بالحوار وتقديم التحية للجنة التحكيم، وتميز جاسم الصحيح(السعودية) باستخدام اللغة الدينية، لقطة في غاية الطرافة، واستطاعت روضة الحاج(السودان) تقديم الإمارة على قصة موسى (عليه السلام)، وأبدت التقدير لدولة الإمارات لرعايتها هذا الحدث، وقام محمد ولد الطالب (موريتانيا) بتوظيف وادي الجن ''عبقر'' وقصة أخوة يوسف (عليه السلام) كمسلك مليح للشعر· وقال نايف الرشدان: إن مستوى الشعراء كان راقياً لدرجة السمو، وتميز محمد ولد الطالب، ببراعة استيعاب التجربة الشعرية، والبرهنة على أن البرنامج يقدم دعوة للبقاء والصفاء، كما أنه أراد أن يكون غصناً يبتسم في حقل الجراح· واتفق الناقدان د·صلاح فضل و د·علي بن تميم، على جمال هذه الأمسية المشهودة بالكوكبة من الشعراء، وأشارا إلى أن محمد ولد الطالب يجعل الشعر أرض عبقر ''الجن''· وقد أعلنت لجنة التحكيم نسبة الخمسين بالمائة المخصصة لها لتبقى الخمسون الباقية لتصويت الجمهور، واستقرت آراء لجنة التحكيم في نهاية الحلقة على حصول الشاعر عبدالكريم معتوق (الإمارات) على أعلى درجة من لجنة التحكيم بنسبة 47,4%، وأصبح القرار الآن في أيدي الجمهور عبر التصويت للشعراء الستة على مدار الأسبوع لتُعلن النتائج النهائية في الحلقة القادمة، حيث تُضاف نتائج تصويت الجمهور إلى تقديرات أعضاء لجنة التحكيم، ويتحدد من سيكون ''أمير الشعراء''؟· مفاجأة إلكترونية جدير بالذكر أن برنامج ''أمير الشعراء'' تدعمه وتنتجه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وهي صاحبة المشاريع الثقافية الرائدة، والتي حققت النجاح الأكبر من خلال استقطاب هذه الحب والمتابعة الكبيرة للشعر العربي من كل مكان، لتؤكد أبوظبي أنه لايزال الشعر العربي أهم الآداب والفنون، وكان يحتاج فقط إلى دعم لإعادة إظهاره وتقريبه للناس· كما أثبت مسرح ''شاطئ الراحة'' هو الحاضن المميز لجمهور الشعر أسبوعيا· ومفاجأة أمير الشعراء لجماهير ومتابعي المسابقة، هو استضافة أبوظبي للمشاركين في ترشيح متاسبقيهم وشاعرهم المفضل، وذلك لحضور فعاليات الحلقة النهائية لأمير الشعراء، فمن يقع عليه الاختيار من قبل الكمبيوتر سيكون أحد ضيوف الحلقة النهائية، وسيكون شاهدا على تتويج أبوظبي لأمير جديد للشعر العربي· سعدون جابر يطرب الحضور تميزت الأمسية قبل الأخيرة بحضور المطرب سعدون جابر، والذي تغنى بقصيدة ''عيرتني بالشيب وهو وقارُ ويا ليتها عيرتني بما هو عارُ''، فأطرب الحاضرين بصوته وغنائه العذب· وما بين أمنيات المشاركين بالفوز بجائزة المسابقة، وتفاعل الجمهور معهم، حفلت الأمسية بمواقف نقدية متقاربة لما قدمه الشعراء جميعاً من نصوص شعرية، حسمها قرار لجنة التحكيم، والتي تمحورت أغلب قصائدهم حول قيم السلام والتسامح التي استعادت قوة نزار قباني وواقع الحكيم بن المقفع·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©