الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيت العود العربي بأبوظبي خطوة أولى لتأسيس أوركسترا إماراتية

بيت العود العربي بأبوظبي خطوة أولى لتأسيس أوركسترا إماراتية
23 مارس 2008 01:58
مع افتتاح بيت العود العربي في أبوظبي تضاف علامة ثقافية أخرى إلى سلسلة الإنجازات التي حققتها العاصمة في السنوات الماضية· ويأتي بيت العود الذي أنشئ في فبراير الماضي بدعم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في إطار الاستراتيجية الثقافية العامة التي تتبناها الهيئة والقائمة على ضرورة تعدد الأنشطة الثقافية، ويشرف عليه الفنان الموسيقي وعازف العود العالمي نصير شمه· المكان المحاط باللمسات الشرقية في ديكوره وأدواته، هو أكثر من أكاديمية لتعليم مبادئ العزف على آلة العود· ويشعر الزائر المتجول في أرجاء البيت أنه وسط أسرة يعمل جميع أفرادها بروح المحبة والتعاون· وحتى الآن انضم إلى البيت 40 طالبا، بينهم 3 بنات، من مختلف الأعمار والجنسيات يقوم بتدريسهم ثلاثة أساتذة، اثنان منهم على العود وأستاذ على القانون، إضافة إلى قسم خاص يعلم كيفية تصنيع آلة العود· نصير شمه تحدث إلى ''دنيا الاتحاد'' مؤكداً حرصه على نثر بذور الحركة الثقافية بين الجيل الصاعد، معرباً عن تفاؤله بولادة جديدة للموسيقى الحقيقية بعد المخاض الأليم الذي مرت به الساحة العربية من انحدار المستوى الفني العام· مثنياً على الجهود التي بذلتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في سبيل جعل مشروع بيت العود حقيقة، معتبراً انه لولا الإيمان الكبير بدور الموسيقى في تهذيب فكر الشعوب وتوسعة رقعة الإبداع لديها، لما تنافست الأمم على تكريس الموسيقى كأهم المعالم الثقافية· أوركسترا الشرق وأعلن شمه عن مشاركة مجموعة من عازفي بيت العود بأبوظبي في ''أوركسترا الشرق'' المؤلفة من 60 عازفاً والتي تقدم حفلاً موسيقياً في الأول من ابريل المقبل في فندق قصر الإمارات''· وأضاف: ''نظرا للحالة الثقافية التي تعيشها عاصمة الإمارات، أصبح من الضروري إيجاد فرص مختلفة لتنمية مواهب الجيل الجديد في مجالات عدة تأتي الفنون عامة والموسيقى خاصة في مقدمتها· وقد جاء افتتاح بيت العود هنا في وقته الصحيح ليساعد المواهب الشابة على تحقيق طموحاتها، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير على البيت منذ اليوم الأول لإعلان قيام المشروع، الذي شكل لنا مفاجأة بحيث فاقت أعداد المنتسبين إلى صفوف العود والقانون، عدد الأساتذة المتوفرين مما يدفعنا لإعداد أساتذة أخر''· ويرى شمه أن الحاجة باتت ماسة في زمننا هذا إلى الفن الحقيقي، يقول: ''عندما كثر الفساد الفني وازدادت رداءة العمل الموسيقي وانحدرت القيمة الثقافية، تنبه الناس إلى ضرورة الحفاظ مجددا على الفن الأصيل''· ويلاحظ شمه أن هنالك شبه اتفاق في الوطن العربي على تشجيع الصغار على تعلم فنون الباليه والعزف الموسيقي السليم، بسبب التخوف من اندثار هذه الموروثات القيمة· وهذا ما يدفعه شخصيا إلى تشجيع ابنته الوحيدة ''ليل'' وعمرها 5 سنوات، على تعلم الموسيقى؛ ''فهي موهوبة حقا، وتهوى العزف على العود كما أنها تغني بشكل سليم وإيقاعاتها صحيحة· ويكون يوم عيد بالنسبة لها حين أصطحبها معي إلى جلسة عزف في بيت العود''· وهنا يعلق شمه على أهمية المهارات الموسيقية كافة في حياة النشء والمراهقين، لأنها تقيهم من السلوكيات الخطيرة في هذه السن· ويعطي مثالا على كلامه بأن ''المنتسبين الشباب إلى بيت العود، ونظرا للثقة بالنفس التي يشعرون بها، تكون اختياراتهم في الحياة مهمة وصحيحة· وهم لا يرتكبون الأخطاء التي يرتكبها سواهم، لان اهتمامات المثقف السوي هي جمالية والجمال لا يتفق أبدا مع القبح''· ويصرح شمه أنه لولا إيمانه الكبير بالفن كرسالة لا بد أن تتوارثها الأجيال بالشكل الصحيح، لما سخر وقته وجهده في نشر تعاليم العزف في بيوت العود· ''فأنا أولا وأخيرا ''صوليست'' ويجب أن أتفرغ للعزف وتأليف الأعمال، ولا أخفيكم سرا بأن التدريس لا يضيف شيئا إلى مسيرتي الفنية، ولكنه رسالة اتخذتها عهدا على نفسي''· ومع ذلك، فإن سعادته الحقيقية تكمن في أن يستمع إلى عزف جميل يخرج من أحد بيوت العود· ويذكر الحالة الفريدة ''لتي لم تحدث منذ ثلاثين عاما وهي عازف العود من الدرجة الأولى ''الصوليست'' محمد أبو زكري وعمره 14 عاما، والذي تخرج من بيت العود بمصر ويعتبر أصغر أستاذ في العالم العربي· وهو على وشك أن يدخل موسوعة ''جينيس'' للأرقام القياسية''· ويرفض شمه القول الشائع بأن ''الموسيقى لا تطعم خبزا''، والواقع برأيه مختلف تماما، لأن الموسيقي الذي يتعب على تطوير نفسه، لا بد أن يحترمه الجميع وتفتح أمامه الفرص في الحياة· جزء من التراث من جهته يذكر عبد الله العامري مدير ادارة الثقافة والفنون في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ''أن الهدف من إنشاء بيت العود هو نشر الثقافة والوعي الموسيقي بآلة العود وإبراز أهميتها وتدريس تقنياتها، إضافة الى تطوير مواهب العازفين على آلات العود والقانون والبزق التي تعتبر جزءا من التراث الشعبي للمنطقة· وذلك بهدف تأسيس أوركسترا إماراتية عربية تمثل الإمارات في مهرجانات الموسيقى وتدعم الحركة الثقافية في البلاد على أن يتم في المستقبل تخريج أساتذة مدرسين من البيت· وصرح العامري أن معظم المنتسبين الى البيت هم من مواطني الدولة، ''وهذا إن دل على شيء فهو يدل على تطور الوعي عند فئات المجتمع بعد الانتفاضة الثقافية التي عمت البلاد في السنوات الأخيرة والتي برزت من خلال اهتمام الأهالي بتعليم أبنائهم المهارات الفنية المختلفة''· وهو يعتبر أن ازدحام النشاطات الثقافية وتعدد المهرجانات القائمة حاليا في العاصمة، ظاهرة صحية مئة في المئة تأتي نتيجة المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد والتي لا بد معها من وجود طفرة في الأحداث والفعاليات· ويستطرد: '' في أي مجتمع متطور لا بد أن يظهر الحراك الفني حتى يكتمل المشهد الثقافي ويكون جزءا من منظومة متكاملة تبدأ بإنشاء الأكاديميات والجامعات والمعاهد العالمية، والتي باشرنا فيها لتكريس أبوظبي عاصمة ثقافية''· منهجية التعليم أستاذ العزف على العود في البيت أحمد شمه، وهو ابن أخت الفنان نصير شمه، يشرح منهجية التعليم في بيت العود بحيث يخضع الطلاب لفترة تجريبية لمدة شهرين، يتم بعدها تحديد مستوياتهم، وقبول العناصر الجيدة منهم· ويتدرب الطلاب على تقنيات العزف المختلفة، إضافة إلى علوم الموسيقى النظرية· ويحصل كل طالب أسبوعيا على جلستي تدريب فردي مع أستاذه المباشر، وجلسة عامة مع جميع المنتسبين· وخلال سنتين يتخرج الطالب بشهادة رسمية ويصبح بامكانه الالتحاق بطاقم الأساتذة في بيت العود· أما الطالب غير الملتزم بجدية فيطلب منه أن يترك مكانه لزميل آخر· ويفضل أحمد التعامل مع الطلبة الذين لم تكن لديهم أي دراسة سابقة في هذا المجال لأن تعليم الأسس الصحيحة من البداية أسهل بكثير من تصحيح معلومات خاطئة· وينصح الطلبة خلال سنتي الدراسة، أن يتفرغوا بشكل شبه كلي للتدريب على العود بما لا يقل عن 8 ساعات في اليوم· عاشق للموسيقى أما أستاذ العود الثاني في البيت علاء مدحت يوسف فيذكر أنه حتى وان لم تكن لدى الطالب دراسة مسبقة في مبادئ العزف، الا أنه من الضروري أن يكون عاشقا للموسيقى ومستمعا مواظبا لها حتى يتمكن من الحفظ السريع· ويعتبر أن وجود 3 بنات في البيت ظاهرة مشجعة لدخول العنصر النسائي في مجال العزف على الآلات الشرقية تماما كما هو الحال في الغرب بحيث يوجد الكثير من عازفات البيانو والكمان والجيتار· ويوضح أن دراسة النوتة أمر مهم جدا، وهنا ينصح هواة العزف على آلة العود عن طريق السمع أن يصقلوا موهبتهم بالعلم، لأن ثمة فرقا كبيرا بين العزف التلقائي والعزف المبني على المعرفة· المفارقة أنه على الرغم من انفتاح الطلاب على تعلم العزف على آلة العود، إلا أن معظمهم يرفض التصوير أو التصريح باسمه للصحافة على اعتبار أنها مسألة شخصية· ومن بين طلاب البيت تحدثنا إلى حسين أحمد الشيخ وهو بالأصل عازف ناي، يقول: ''بمجرد أن سمعت بافتتاح بيت العود انتسبت اليه فورا لفرط إعجابي بهذه الآلة الجميلة· ولم أكن أتوقع أنني سأجيد التعامل مع العود خلال فترة بسيطة، والسبب يعود الى خبرتي في قراءة النوتة''· وعن الفرق بين العزف على الناي والعزف على العود، يذكر أن لا مجال للمقارنة وأنه لكل آلة خصوصيتها وإحساسها في التعبير· ومع أن الشيخ دخل في الأربعين من العمر، إلا أنه لا يجد مانعا في البدء من جديد وتعلم مهارة لطالما أحبها، وهي تدخل إلى نفسه السعادة· أما وعد البحري الموهوبة في الغناء والعزف فذكرت أنها منذ صغرها تعشق آلة العود وتعتبرها رمز الطرب الأصيل· وقد سبق لها قبل عشرة أعوام أن تلقت دروسا في العزف لكنها لم تكملها· ''وبعدما تسنت لي المشاركة في برنامج سوبر ستار للعام 2002 ونجاحي في المسابقة حتى المرحلة الأخيرة، صممت أن أدرس العزف بجدية وانتظرت طويلا حتى سنحت لي الفرصة أخيرا في أبوظبي''· وعد فخورة جدا بهذه التجربة لأنها مؤمنة بأن الصوت الجميل والأداء المميز لا يكتملان إلا بالثقافة الفنية والمعرفة بتقنيات النوتة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©