الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منال فرح: أمي مدرستي الأولى في الفن والحياة

منال فرح: أمي مدرستي الأولى في الفن والحياة
23 مارس 2008 01:59
في يوم الأم لم تتمكن منال فرح أن تهدي والدتها جانيت فرح هدية عيد الأم، لأنها رحلت عن الدنيا قبيل يوم الأم، ولم يبق لمنال إلا ان تتذكر والدتها الفنانة الفلسطينية جانيت الصرّاف فرح التي خلفت وراءها أكثر من ثمانين لوحة جسدت الجمال الفلسطيني بكل أشكاله، ذلك الجمال الأصيل الذي لم يستطع الاحتلال رغم قسوته وبشاعته أن يطمس معالمه الخالدة· منال تشترك مع والدتها الراحلة في الإحساس المرهف بما يدور حولهما، فعنها أخذت الموهبة الفنية في الرسم والتطريز، تقول: ''تشربت الفن من والدتي منذ الطفولة فقد علمتني أصول الرسم، والمقاييس، ومزج الألوان، واستخدام أنواع متعددة من الرسم الزيتي، والألوان المائية، وألوان الزجاج والخشب، وأقلام الفحم كما اكتسبت منها البراعة في استخدام المواد المختلفة في الأشغال اليدوية والتطريز''· المدرسة الأولى أثر الجمال في نفسها وروحها يظهر جليّا في رسوماتها ولوحاتها المختلفة التي عكست جمال الطبيعة في قطاع غزة، والضفة الغربية، وبساطة العيش، وروعة العادات والتقاليد· تلك التفاصيل التي حاول الاحتلال أن يطمس معالمها بمشاهد العنف والدماء، لكن جانيت كانت ترفض رسم مشاهد الدماء التي تتنافى مع روحها الجميلة، تقول منال: ''أمي هي المدرسة الأولى لي ولأخوتي· كانت، رحمها الله، تسعى دوماً للجمال بكافة أشكاله، في الإنسان، وفي الطبيعة، وفي النفس، فغرست داخلنا مبادئ لا يمكن أن نتخلى عنها، كما أن نشأتنا بغزة في منزل ملأت اللوحات جدرانه انعكس دوما على أسلوب حياتنا· ولقد اختارت والدتي الفن الصعب وأبدعت فيه فجسدت أعمالها التفاعل بين روحها ورؤيتها الخاصة التي تميزت بشفافية وحس مرهف''· حين تدخل منزلها في أبوظبي تخال نفسك داخل متحف متكامل للفن التشكيلي يبهر الزائرين، إذ تصطف مجموعة من اللوحات على جدران المنزل لتحكي الحكاية الفلسطينية الأصيلة، فتأخذك تارة في رحلة استجمام إلى شاطئ بحر غزة، أو في جلسة ممتعة تحت الظلال، وقد تذهب معك إلى صخب الحياة، وتدخل معك إلى الأسواق لتعيش مع الباحثين عن لقمة العيش، مثل بائع العنب والبطيخ، وبائعة الليمون''· عشق الأخضر تأثير الأم والفنانة الراحلة جانيت الصراف على ابنتها منال كان كبيرا ومتشعبا، فقد تشاركتا رؤية جمال الأشياء، والمكان، والإنسان، والأرض، والبحر، والسماء، والأشجار· وفي الوقت الذي برعت فيه الأم في توظيف انعكاس الضوء على الأشياء والأماكن، في الشروق والغروب، في لوحاتها، فإن الابنة ''منال'' وظفت هذه الموهبة في فن التصوير الذي تعشقه وتتقنه جيدا، إذ تحمل الكاميرا خاصتها أينما ذهبت لتصور كل ما تقع عليه عيناها من جمال، لاسيما سحر الشروق والغروب· ليس هذا وحسب، تقول منال: ''علمتني أمي حب الحياة، وقد عشقت اللون الأخضر، رمز الحياة، لذا تجده في معظم لوحاتها، وكان ارتباطها بالأرض والتراث قوياً فغرست فينا حب الوطن وضرورة الحفاظ على تراثنا العربي الفلسطيني، وانعكس ذلك على فنها، فصوّرت الثوب الفلسطيني بتطريزه وزخارفه، وعندما تنظر لأعمالها ترى النساء يرتدين الثوب في المناسبات المختلفة، فتجد ثلاث سيدات إحداهن ترفع الحنة والأخرى تزغرد احتفالا بالعرس في لوحة ''عرس فلسطين''، وأخرى تصب القهوة لجارتها في ''حديث الصباح''· خلال الفترة التي تلت إنجابها لأولادها الأربعة انقطعت جانيت عن الفن لتربيتهم لكن عشقها للفن وإصرارها على متابعة مشواره جعلها تواصل حياتها الفنية بقوة أكبر فرسمت لوحات رائعة، دفعت الرئيس الراحل ياسر عرفات لتقليدها ''وسام القدس للثقافة والفنون'' تقديراً لأعمالها المبدعة التي تخلد وتحافظ على أصالة الهوية الفلسطينية· وعندما كبرت ابنتها بدأت الشراكة بين الأم وابنتها فاشتركتا في معرض ثنائي في القدس، وآخر في غزة، وثالث في بير زيت· تقول منال، التي تؤرشف حاليا أعمال والدتها الراحلة كما تستعد لتنظيم معرض في أبوظبي يخلد أعمالها: ''لقد أعطت والدتي للفن من روحها ووجدانها وأحبت الحياة بألوانها المتعددة· ويدرك المشاهد لأعمالها قدرتها وبراعتها في مزج الألوان واختيار مواضيع لوحاتها، حيث رسمت جماليات مدينة غزة التي لا يراها العالم الآن، وجمال طبيعتها وبحرها، وأشجارها، وزيتونها، وبيوتها، وأصالة ثوبها من جباليا إلى رفح، كما صورت البساطة التي عاشها أهلها، ورحلت وهي لا تزال تحمل في ذهنها أعمالاً عظيمةً بعضها لم ير النور، كما تركت للدنيا ثروة ثقافيةً، ولكنني عندما أنظر لأعمالها غير المكتملة أتساءل من سيكملها!''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©