الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سميحة أيوب: ستة جنيهات غيرت حياتي!

سميحة أيوب: ستة جنيهات غيرت حياتي!
23 مارس 2008 02:03
بدايتها في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي في شقة لأسرة مصرية متوسطة بحي شبرا العريق بالقاهرة· فتاة جميلة في عمر الزهور أطلت من الشرفة فوجدت الفيلم السينمائي الشهير ''الحذاء الأحمر'' يعرض في دار سينما مواجهة لمنزلها· فحلقت في عالم من الخيال، وحلمت بأن تصبح راقصة باليه، وسرعان ما أفاقت من أحلامها على صوت الأم الحازمة تنبهها الى ضرورة الانتهاء من واجباتها المدرسية· وتمضي بها الأيام حتى جاءتها الإشارة عبر صوت الراديو يعلن عن مسابقة لاختيار فتيات لمعهد التمثيل، بمكافأة قدرها 6 جنيهات أثناء الدراسة، فقلبت تلك اللحظة حياة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب، واستغرقت تفكر في كيفية انفاق هذه الثروة، ولم يكن يعنيها أن تصبح ممثلة· والتحقت سميحة بمعهد الفنون المسرحية، واضطرت لترك منزل الأسرة والإقامة مع خالها المثقف الذي يكتب الشعر ويتذوق الفنون بعد اعتراض الأب والأم على فكرة التمثيل· وتقول: كنت الابنة الوسطى بين ثلاث شقيقات، الكبرى كانت طموحاتها بعيدة تماما عني، والصغرى كان كل ما يهمها الحصول على لعبة جديدة، وكان والدي مشغولا طوال الوقت، يعمل مديرا عاما في وزارة المالية وناظرا لوقف عائلة أيوب، ووالدتي كانت الحاكم الآمر في البيت، ورفضت بقائي في المنزل بعد التحاقي بالمعهد وعهدت الى خالي بتولي مسؤوليتي''· وبدأت المشاركة في العروض المسرحية التي أعدها الأستاذ زكي طليمات عميد المعهد، وأسند بطولتها لطلبته ثم اختارها بابا شارو''محمد محمود شعبان'' لبطولة أوبريت ''عذراء الربيع'' بالإذاعة ونجح العمل، لكن سعادتها لم تكتمل فقد دخلته باسم مستعار هو ''سامية سامي'' المصرية وتوالت الأعمال الإذاعية حتى جاءتها الفرصة لأول عمل سينمائي في فيلم ''المتشردة'' بطولة محسن سرحان وحكمت فهمي، وحصلت على أجر ثلاثين جنيها· وبدأت مشاعر الحب بين الفنانة الصغيرة والنجم الكبير محسن سرحان، ورغم اعتراض الأسرة نجحت سميحة في اقناعهم بالموافقة وتخلت عن دراستها وعن التمثيل لتتفرغ لدور زوجة النجم· ولم يستمر الوضع طويلا رغم أنها أنجبت طفلها الأول ''محمود'' وطلبت الطلاق وحصلت عليه· وعادت سميحة الى دراستها وعملها بالإذاعة والمسرح ثم التليفزيون وحققت العديد من النجاحات ولفتت الأنظار بحضورها الطاغي وصوتها الشجي المؤثر وأكدت موهبتها في كل عمل تقدمه لتبرز كنجمة مسرحية بين جيل العمالقة عبدالله غيث وحمدي غيث وكرم مطاوع وسناء جميل وسهير البابلي· وعن هذه الفترة تقول:''تخرجت عام 1954 بتقدير''ممتاز'' لأواصل عملي في فرقة المسرح الحديث ولم يمر سوى عام حتى جاء قرار ضم الفرقة القومية برئاسة يوسف وهبي الى المسرح الحديث وأذكر ذلك اليوم العصيب الذي صدر فيه قرار ابعاد زكي طليمات عن المسرح، وكنت في منتهى الثورة مع زملائي ورفضنا رئاسة يوسف وهبي هذا الفنان العظيم ولكنها قلة خبرة في ذلك الوقت واندفاع الشباب· وسافرت مع يوسف وهبي الى تونس وباريس وقدمنا هناك عروضا ناجحة''· تعود سميحة لتحقق المزيد من النجاح، ووسط هذا التألق ظهر النجم العملاق محمود مرسي في الأفق ليشغل عقل وقلب سميحة، وبعد أيام كان عليها أن تسافر مع الفرقة الى المغرب، وعند عودتها فوجئت بأن زوجها تم اختياره للسفر في بعثة الى ايطاليا لدراسة التليفزيون، واستسلمت لنداء الحب والواجب فشجعته، وحصلت على اجازة من العمل والسفر لمصاحبة زوجها خاصة أنها كانت تنتظر مولد ''علاء''، ومرت أيام السعادة سريعا لتبدأ المشاكل بعد العودة الى القاهرة لانشغالها، وتذمر الزوج الشرقي، وفي لحظة غضب تم الطلاق· وتعترف بمسؤوليتها بشجاعة وتقول: ''كنت في تلك الأيام أبني ''سميحة ايوب''، لكني كنت أنانية، وفوجئت بخبر طلاقي منشورا في الصحف وأنا مع الفرقة في بورسعيد، ومادت بي الأرض وتماسكت ولبست أجمل ما عندي، ودخلت من باب المسرح وأنا في شدة المرح· وكما يقولون كالطير يرقص مذبوحا من الألم· وأتقنت دور اللامبالاة''· وعبرت شاطئ الآلام الى أن تعرفت على الكاتب الكبير سعد الدين وهبة في بداية شهرته، وسرعان ما تم التقارب الفكري والفني وأثمر زواجهما عشرات الأعمال المسرحية الخالدة في الستينيات في مقدمتها ''السبنسة'' و''كوبري الناموس'' و''سكة السلامة''، وانطلقت تجسد روائع المسرح العالمي ''أنتيجون''، و''فيدرا'' لتملأ خزانة المسرح العربي بأكثر من 170 مسرحية لعبت بطولتها، كما خاضت تجربة الاخراج المسرحي بعملين هما ''مقالب عطيات'' و''ليلة الحنة''، وتولت رئاسة المسرح القومي لفترة حققت خلالها نجاحا كبيرا، أما أرشيف الاذاعة المصرية فمازال يحمل صوتها الأثير في أنجح الأعمال''عذراء الربيع''، و''سمارة'' و''أم كلثوم''· وفي السنوات الأخيرة نقلت نشاطها للدراما التليفزيونية لتحفر في الذاكرة أدوارا لا تنسى في ثلاثية ''الساقية''، و''الرحيل''، و''الضحية''، وفي ''عصر الحب''، و''الكتابة على لحم يحترق'' ، و''عودة الغائب''، و''مذكرات ضرة''، و''الضوء الشارد''· ومازالت تواصل ابداعها بعد أن حصدت العديد من التكريمات والأوسمة في مصر والعالم آخرها جائزة الدولة التقديرية عام ·2007
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©