الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بولنديون لا يحلمون بشيكاغو!

3 سبتمبر 2007 01:20
يتوقع للتعديلات الجديدة التي أجازها الكونجرس على تشريعات تأشيرات السفر الأميركية، أن تثير الكثير من المتاعب لمواطني دول وسط أوروبا الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة· والسبب أنه سيتعين عليهم تقديم الطلبات الخاصة بالحصول على تأشيرة الدخول إلى أميركا، في كل مرة يرغبون في السفر إليها· والمشكلة أن الكثيرين من مواطني هذه الدول يجهلون القواعد التي تقوم عليها إجراءات التأشيرة الأميركية، إلى جانب ما تثيره في نفوسهم هذه الإجراءات من شعور بالإهانة وانعدام الندية والتكافؤ في التعامل بينهم وبين المواطنين الأميركيين، وخاصة أن هؤلاء الأخيرين ليسوا بحاجة للحصول على أي تأشيرة دخول لأي من البلدان الأوروبية! والحقيقة أن هذه التعديلات الجديدة على قوانين التأشيرات الأميركية جاءت متأثرة بعاملين اثنين هما: الخوف من تدفقات المهاجرين غير المرغوب فيهم إلى أميركا، ثم الهواجس الأمنية· وعلى رغم قدرتنا على تفهم هذه المخاوف، إلا أنه لا ينبغي لها أن تصبح عقبة أمام المسافرين من وسط أوروبا إلى الولايات المتحدة· وعلى الذين لازال في اعتقادهم أن الأولوية القصوى لأي بولندي تطأ قدماه تراب أميركا هي أن يحل به المقام في ولاية شيكاغو، أن يعلموا أنهم مخطئون وبعيدون كل البعد عن الإلمام بالتغيرات الكبيرة التي طرأت على حياة المواطنين في بلادي اليوم· وأول هذه التغييرات ما طرأ من تحسن اقتصادي كبير انعكس إيجاباً على حياة المواطنين في بولندا وغيرها من دول منطقة أوروبا الوسطى· ولو كان القصد الوحيد من سفر البولنديين إلى الولايات المتحدة هو البحث عن عمل أو وظيفة، فما أسهل الحصول عليها في الجارة القريبة بريطانيا أو أيرلندا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي، بدلاً من عبور المحيط الأطلسي كله لتحقيق الغاية نفسها· والمعلوم أن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي هذه، قد فتحت أسواق عملها أمام العمالة الجديدة القادمة إليها من الدول التي انضمت حديثاً لعضوية الاتحاد· والحقيقة أيضاً أن بولندا لا تزال مستثناة من برامج الإعفاء من تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، وهو البرنامج الذي يسهل إجراءات الدخول والسفر إليها· والمشكلة الرئيسية هنا هي عدم مرونة وعشوائية المعايير التي يرفض بها منح تأشيرات الدخول للمتقدمين بطلبات الحصول على التأشيرة من غير المهاجرين إلى أميركا، خاصة أولئك المتقدمين بطلباتهم من دول بعينها من دول العالم· وتعتمد هذه المعايير على استبعاد الذين يتوقع لهم تجاوز مدة الإقامة الشرعية المحددة في التأشيرة، بهدف البحث عن فرصة عمل في أميركا· غير أن لهذا المعيار علاقة تكاد لا تذكر بأوضاع المسافرين إلى أميركا من بولندا وغيرها من دول منطقة وسط أوروبا· يذكر أن برنامج الاستثناء المشار إليه آنفاً، قد صمم خصيصاً لاستثناء القادمين إلى أميركا بهدف مزاولة النشاط التجاري أو لزيارة أهلهم وأقاربهم أو لمجرد التسوق في مدينة نيويورك مثلاً· وهؤلاء هم من يشبهون كثيراً حال المواطنين البولنديين اليوم، الذين كان من الأوفق لأميركا أن تسعى لاجتذابهم إليها بدلاً من أن تبعدهم عنها· أما إن تحدثنا عن الهاجس الأمني الأميركي، كعامل آخر من عوامل تحديد هذه المعايير، فلابد من القول إن بلدان أوروبا الوسطى، تعد من أكثر دول العالم أمناً وسلاماً واستقراراً اليوم· بل الأكثر من ذلك أن دولاً عديدة من المنطقة قد تحالفت مع واشنطن في حربها المعلنة على الإرهاب الدولي· ومن بين هذه الدول بولندا التي حاربت جنباً إلى جنب مع القوات الأميركية منذ اليوم الأول لغزو العراق، ولا تزال تسهم إسهاماً مقدراً في المعارك الدائرة الآن ضد حركة ''طالبان'' الأفغانية· وإلى جانب ذلك كله أعلنت وارسو ضمن عواصم دول أوروبية وسطى عديدة، استعدادها للعمل مع الولايات المتحدة في فرض القيود والسيطرة اللازمين على حركة انتقال الأشخاص في دول المنطقة· ولذلك فإن في توسيع برنامج الاستثناء من التأشيرات ما يجلب المزيد من الأمن لأميركا، وليس المزيد من المهددات الأمنية كما يتصور المشرِّعون في الكونجرس· وفي المقابل فقد لعبت الولايات المتحدة الأميركية دوراً مقدراً في مساعدة أصدقائها وحلفائها في منطقة أوروبا الوسطى، في كفاحهم من أجل التحرر من قبضة الأنظمة الشيوعية السابقة· واليوم عليها أيضاً أن تمد ذات اليد البيضاء في تعاملها مع أصدقائها الجدد من المنطقة نفسها· السفير البولندي بالولايات المتحدة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©