الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مالك الملك».. المتصرف كيف يشاء ولا راد لحكمه

13 فبراير 2014 22:00
أحمد محمد (القاهرة) - «الله» سبحانه هو مالك الملك، المتصرف في الأكوان، يهب الملك لمن يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، يعطي العزة لمن يشاء والذلة لمن يشاء، بيده وحده خزائن كل خير، وهو على كل شيء قدير، له الملك كله، يمنح الملك والمال والتمكين في الأرض من يشاء من خلقه، ويهب العزة في الدنيا والآخرة، ويجعل الذلة على من يشاء. «مالك الملك»، من أسماء الله الحسنى، هو المتصرف في ملكه كيف يشاء ولا راد لحكمه، ولا معقب لأمره، والوجود كله من جميع مراتبه مملكة واحدة لمالك واحد هو الله تعالى، هو الملك الحقيقي المتصرف بما شاء كيف شاء، إيجاداً وإحياء وإماتة، تعذيباً وإثابة من غير مشارك ولا ممانع. قال جل شأنه: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، «آل عمران: الآية 26»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية»، وورد في الحديث القدسي، «أنا ملك الملوك ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي فإن العباد أطاعوني، حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرحمة والرأفة، وإن العباد عصوني، حولتها عليهم بالسخطة والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك وادعوا لهم بالصلاح فإن صلاحهم بصلاحكم». الملك المطلق له وجاء في أسباب النزول عن ابن عباس وأنس بن مالك، لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ووعد أمته مُلك فارس والروم، قال المنافقون واليهود هيهات هيهات! من أين لمحمد ملك فارس والروم؟ هم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمداً مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية. فالله هو الموصوف بصفات الملك، وهي صفات العظمة والكبرياء، والقهر والتدبير، الذي له التصرف المطلق، في الخلق والأمر والجزاء، وله جميع العالم، العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك، ومضطرون إليه، فهو الرب الحق، الملك الحق، الإله الحق، خلقهم بربوبيته، وقهرهم بملكه، واستعبدهم بألوهيته. قال الشيخ السعدي في تفسيره، مالك الملك، أي الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق له، والمملكة كلها علويها وسفليها والتصريف والتدبير، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد البارئ تعالى بها، فقال: «تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء»، وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدرون عليها والصبر وعدم التنازع. يعز من يشاء بطاعته، ويذل من يشاء بمعصيته، إنه على كل شيء قدير، لا يمتنع عليه أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئته وقدرته. لا يزول ملكه وقال الإمام ابن كثير في تفسير الآية، أي قل يا محمد معظماً لربك وشاكراً له ومفوضاً إليه ومتوكلاً عليه، «اللهم مالك الملك» أي لك الملك كله، أنت المعطي، وأنت المانع، وأنت الذي ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن وفي هذه الآية تنبيه وإرشاد إلى شكر نعمة الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة، لأن الله تعالى حول النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأمي المكي، خاتم الأنبياء. أنت المتصرف في خلقك، الفعال لما تريد، تعطي من تشاء من المال ما لا يعد ولا يقدر على إحصائه، وتقتر على آخرين لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة والعدل. قال الزجاج، مالك الملك، الله تعالى يملك الملك يعطيه من يشاء وهو مالك الملوك والملاك يصرفهم تحت أمره ونهيه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ويقول الإمام الغزالي، مالك الملك هو الذي تنفذ مشيئته في مملكته كيف يشاء وكما يشاء، إيجادا وإعداما، إبقاء وإفناء، القادر التام القدرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©