العكازة صديقة «العجائز والشياب»

تتخذ هيئة إشارة استفهام رغم كونها إجابة يثقون بها ويتكئون عليها.. تنحني تقديراً لماضيهم وجهودهم طيلة سنوات.. تخفض رأسها وتثقب بعينيها التراب بحثاً عن خطوة آمنة، تسبقهم إليها لتسلَم أقدامهم في الدروب. العكازة التي تكوّر رقبتها في قبضة كبار السن وتمنحهم شعور الثبات على الأرض، هي الدليل لخطوة قادمة إلى الأمام، فيستندون إليها ويستعملونها للتنقل حين تخذلهم أقدامهم بفعل السنين تارة والتعب والمرض تارة أخرى. ومن يظن العكازة مجرد عصا خشبية فهو مخطئ بحسب الوالدة أم يوسف، إذ تقول: «تشكّل العكازة سنداً لنا نحن كبار السن، فهي بمثابة القدم السليمة أو كما يقول بعضنا «قدم ثالثة» لايمكن الاستغناء عنها خلال مسيرنا. تضيف: «على الرغم من برّ أولادي بي وإصرارهم حين وجودهم في بيتي على أن أتكىء على سواعدهم خلال السير، لكنني أفضل العكازة التي اعتدتها». بينما يقول الوالد راشد النعيمي- 77 سنة: «استخدم العكازة منذ حوالى 15 عاماً، نتيجة إصابتي بكسر في القدم اليسرى، فضلاً عن كوني مصاب بهشاشة العظام التي تستدعي اتكائي على العكازة التي لا أرضى عنها بديلا». في حين تقول الوالدة مريم النعيمي 70: «أعتمد على العكازة منذ نحو 5 أعوام بشكل دائم، لأن قدمي اليمنى شبه معطّلة ولا أستطيع السير دونها بحيث اعتبرها (صديقتي) التي لا تفارقني». وعلى الرغم من تطور صناعة العكازات وتوفر أنواع طبية منها تصنع من المعادن والألمينيوم، متعددة القوائم والألوان، ويختلف ثمنها بحسب مصدر صناعتها ومدى جودتها وسبب استخدامها، إلاّ أن العكازة الخشبية المصنوعة من خشب الأشجار تظل الأهم والأقرب إلى نفوس الشياب والعجائز، بحسب فضل آغايا، مدير متجر خشبيات وعكازات، يقول: «تصنع العكازة من خشب الأشجار، وأفضل أنواعها تلك المصنوعة من خشب «المحلب الشامي» وهي شجرة تشبه شجرة الكرز متوفرة في شمال سورية. ثم العكازة التركية المصنوعة من أشجار الصنوبر والجوز المتوفرة في مدن «إستانبول، بيكور، بيتلس» ثم العكازة الإيرانية ويتوفر منها أنواع مختلفة يصنع القسم العلوي من الفضة بينما يصنع جسم العكازة من خشب أشجار «الأبانوز أو الكرز أو الورد». وتتراوح أسعار العكازات المتوفرة في الأسواق الشعبية أو المتاجر العصرية بين 100- 1000 درهم إماراتي، بحسب جودة تصنيعها والمواد المستخدمة في صناعتها، فثمة مقابض عكازات مصنوعة من الفضة أو العظم تعدّ الأعلى ثمناً بين قريناتها، لأن قوامها يسهّل عملية الاتكاء عليها، فيما يريح ملمسها باطن الكف.