السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرار «إبادة الأرمن» والعلاقات التركية -الأميركية

9 مارس 2010 21:14
يمكننا التماس العذر للذين يشاهدون التوتر المتفاقم بين الولايات المتحدة وتركيا حول قرار لإحدى لجان الكونجرس تعترف فيه واشنطن بالإبادة الجماعية للأرمن، إذا شعروا أنهم رأوا شيئاً مماثلاً لذلك في الماضي. فالحقيقة أن إحدى لجان الكونجرس كانت قد مررت قراراً مماثلاً في العام 2007، ما دعا تركيا وقتها إلى استدعاء سفيرها من واشنطن - وهو نفس ما فعلته هذه المرة أيضا بعد أن تم تمرير القرار الأخير-ما هدد بحدوث شرخ خطير في العلاقات مع الولايات المتحدة، لولا تدخل في اللحظة الأخيرة من قبل الإدارة الأميركية، حال بين لجنة الكونجرس وبين المضي قدماً في إجراءاتها لما هو أبعد مما كانت قد وصلت إليه. من المفترض أن يأتي الوضع هذا العام مختلفاً عما كان عليه عام 2007، خصوصا بعد الاتفاقيات التاريخية التي وقعت بين تركيا وأرمينيا لاسترداد العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإطلاق عملية لتقصي أحداث الماضي، كان يفترض أنها ستكون قادرة على سحب البساط من تحت أي محاولات لوصم تركيا بارتكاب" إبادة جماعية" بحق الأرمن. ولكن الجمود الذي لحق بعملية المصالحة، وحساسية تركيا الشديدة، تجاه مسألة الإبادة الجماعية، ساهما مرة أخرى في خلق وضع، يمكن أن تترتب عليه أضرار جسيمة بالعلاقات التركية - الأميركية، كما يمكن أن تترتب عليه أيضاً تداعيات بعيدة المدى على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، الذي تعتبر تركيا واحداً من أهم وأكثر حلفاء الولايات المتحدة نفوذها فيه ـ وهو نفوذ يزداد بشكل مطّرد. يقول "سنان أولجين"، مدير مركز دراسات الاقتصاد والسياسات الخارجية وهو مركز دراسات وبحوث مقره اسطنبول:"من المؤكد أن تركيا ستكون مدفوعة للقيام باتخاذ إجراء انتقامي ضد الولايات المتحدة، يمكن أن يتخذ شكل الامتناع عن التعاون معها في موضوعات إيران، والعراق، وأفغانستان، وربما يقود أيضاً إلى فرض قيود على أميركا بشأن استخدام بعض المواقع الاستراتيجية التركية مثل قاعدة إنجيرليك الجوية، وهي كلها مجالات كان تشهد تعاونا مهما من البلدين". ويضيف:"هذا الموضوع من النوع الذي تأتي فيه الهوية والعاطفة قبل المصالح البحتة، ففي موضوع مثل الإبادة الجماعية للأرمن نجد أن المصالح القومية تتراجع أمام أسئلة جوهرية تتعلق بالعواطف وتضرب عميقاً في جذور الهوية". وكان توقيع الاتفاقات مع أرمينيا قد حظي بالثناء في تركيا في البداية باعتباره يمثل اختراقاً مهما. ولكن تركيا بدت بعد ذلك، وكأنها تحاول كبح العملية بعد مواجهتها لمعارضة قوية من القوى المحلية، ومن جانب أذربيجان الغنية بالنفط، والتي تعتبر حليفاً تقليدياً لتركيا، ومكوناً رئيسياً من مكونات السياسة الخارجية لأنقرة. تعليقا على ذلك يقول "سينجيز اكتر" مدير قسم الدراسات الأوروبية في جامعة "باهسيسهير" باسطنبول:"من الواضح أن ما تم كان محاولة من السلطات التركية لتجربة شيء مختلف عما كانت تفعله على مدى 95 عاماً، ولكنها باءت بالفشل". يُشار إلى أن أيا من الدولتين لم تقم بالمصادقة على الاتفاقات، وأن تركيا تصر الآن على أن التقدم في هذا الموضوع، يتوقف على التحرك بشأن وضع منطقة "ناجورنو كاراباخ"، وهي منطقة آذرية محتلة من قبل القوات الأرمينية. وكما يقول المحللون هنا، يعتبر تجميد الاتفاقات مع أرمينيا سبباً رئيسياً في وصول الولايات المتحدة وتركيا إلى نقطة تهدد فيها تركيا مرة أخرى بتعريض علاقاتها مع واشنطن لأضرار جسيمة، إذا مضى الكونجرس في إجراءاته للتصويت الكامل على القرار. "لم نكن نصل إلى ما نحن عليه الآن لو كانت البروتوكولات الموقعة مع أرمينيا مضت قدماً في طريقها"... هذا ما يقوله "هيو بوب" المحلل المختص في الشؤون التركية لدى مجموعة الأزمات الدولية"، وهي مجموعة سياسية حقوقية تتخذ من بروكسل مقراً لها. ويضيف"بوب" إن تركيا تصر على مبدأ المشروطية، أي الربط بين تقدم البروتوكولات والتقدم في موضوع ناجورنو كاراباخ، وهو ما لم يكن متضمناً في البروتوكولات، وهو أيضا ما قادنا إلى ما نحن فيه اليوم". الآن، وفي مواجهة احتمال صدور قرار آخر بشأن" إبادة الأرمن" في واشنطن، تبدو تركيا وكأنها قد عادت لنفس الاستراتيجية التي استخدمتها في السنوات السابقة، وهي استراتيجية لا تتعلق بالهموم السياسية فحسب. يشرح السيد"أولجن" هذه النقطة بقوله "الموضوع يحمل شحنة عاطفية كبيرة في طياته، لأن الأتراك يشعرون بالغضب الشديد عندما يقوم أحد بتصويرهم على أنهم أحفاد مرتكبي الإبادة ضد الأرمن، خصوصاً أن الأحداث التي تعرض لها الأرمن وقعت في فترة كان الاضطراب سائداً في كل مكان". ويضيف أولجن": الجانب الثاني من جوانب رد الفعل التركي يتعلق بالشأن السياسي والقانوني بمعنى أنه إذا تم اعتماد مشروع القانون المقدم للكونجرس، فقد يؤدي ذلك إلى وضع تجد فيه تركيا نفسها في موضع المدافع في عدد من القضايا القانونية في الولايات المتحدة، وهو وضع لا تريد أن تجد نفسها فيه". السؤال الآن هو إلى أي مدى تريد تركيا أن تأخذ الأمور، إذا ما تم طرح المشروع للتصويت الكامل في مجلس النواب. "براد شيرمان" السيناتور "الديمقراطي" من كاليفورنيا رد على هذا السؤال بالقول إن تركيا"نمر من ورق" بدليل أن فرنسا مررت قراراً يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن على أيدى الأتراك، ومع ذلك فإن هذا القرار لم يؤثر على العلاقات التجارية بينهما، بل الحقيقة هي أنها قد ازدهرت منذ ذلك الحين. من جانبه يقول"اكتر" من جامعة "باهسيسهير" إنه يعتقد أن التهديدات التركية ليست سوى نوع من" التهويش"، وهو ما لا يوافق عليه أولجن الذي يرى أنه إذا ما قام الكونجرس بالفعل بتمرير القرار، فإن كل الاتفاقات السابقة التي وقعتها تركيا مع أرمينيا ستصبح لاغية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: اسطنبول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©