السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الغوطة الشرقية تحت الدمار.. صبر فوق صبر!

الغوطة الشرقية تحت الدمار.. صبر فوق صبر!
22 فبراير 2018 22:28
مديرة (أ ف ب) انتقل كثير من سكان مدن وبلدات الغوطة الشرقية إلى الأقبية غير المجهزة بعدما دمرت غارات ومدافع قوات النظام منازلهم، بينما يتخذ آخرون منها ملجأ مؤقتاً لتفادي القصف الذي يستهدف أحياءهم وأسواقهم. وتشهد الغوطة الشرقية حالياً تصعيداً جديداً في القصف الجوي والصاروخي لقوات النظام أسفر منذ الأحد عن مقتل نحو 400 مدني بينهم عشرات الأطفال والنساء. وتنهمك أم جمال بالأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف أواني وغسيل ثياب في قبو بارد مفروش بالحصى حولته إلى منزل لعائلتها الصغيرة، بعدما طال قصف قوات النظام منزلها في بلدة مديرا بالغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق. وانتقلت أم جمال، البالغة من العمر 56 عاماً، وابنها الشاب وابنتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى القبو قبل أكثر من شهر ونصف خلال إحدى حملات التصعيد في القصف على الغوطة الشرقية. وتقول المرأة والحجاب محكم حول وجهها: «لم نصعد إلى البيت ولا مرة، نحن هنا ليلاً نهاراً». وتضيف: «قُصف منزلنا فهربنا وأتينا إلى هنا، ثم ضرب مجدداً أثناء وجودنا هنا، فانهار تماماً ولم يعد صالحاً للسكن». ووضعت أم جمال وابنها ألواحاً من الزنك في وسط القبو ليأخذ شكل غرفة صغيرة. وتتابع: «عندما تبدأ الطائرة بالتحليق، يأتي جيراني إلى هنا أيضاً، وحين يهدأ القصف، يعودون إلى بيوتهم، وأبقى أنا وولديّ هنا في القبو». وتصعد أم جمال من القبو بين الحين والآخر وتقصد منزلها المدمر لجلب الأخشاب والمياه. وتقطع الحطب بفأس صغير، ثم تأتي ببعض العبوات الفارغة وتملأها بالمياه، قبل أن تعود مجدداً إلى ملجئها. وتؤكد أم جمال: «نعيش بالصقيع والبرد تحت الأرض»، وتشير إلى حائط خلفها تتسرب منه مياه الصرف الصحي للمبنى فوق القبو. وأمام خيمة صفراء صغيرة ومتسخة، تقطع أم جمال الأخشاب وتضعها تحت موقد صنعته بنفسها من عبوة حديدية، تغلي عليه القهوة قبل أن تبدأ بجلي الأطباق، ثم رفع الغسيل على حبال طويلة. وتشير أم جمال إلى الخيمة خلفها وتقول: «ننام كلنا في الخيمة محشورين، لا تتسع لنا». وللفرار من القصف الذي اعتادوا عليه، أنشأ سكان الغوطة الشرقية مدارس تحت الأرض، ليتيحوا للأطفال التعلم واللعب دون خوف. وفي مدينة عربين، التي تطغى عليها مشاهد الدمار من أبنية باتت ركاماً وأخرى سقطت جدرانها، اتخذت عائلات عدة من مدرسة تحت الأرض ملجأ لها. ويتألف قبو مدرسة «دار السلام» من قاعات تدريس عدة طليت جدرانها بالألوان الفاتحة ورُسمت عليها الورود، فضلاً عن ساحة في الوسط تُستخدم عادة لاستراحة الطلاب. ولكن المشهد تغير، وباتت المدرسة بمثابة منزل جماعي تنتشر فيه الفرش والأغطية ومواقد للطبخ، وتحولت ألعاب الأطفال إلى حبال لنشر غسيل. وانتقلت أم عبدو، البالغة 53 عاماً، إلى المدرسة منذ نحو شهر ونصف بعدما تدمر منزلها. وتقول: «نحن مقيمون حالياً في غرفة عرضها متران ونصف، يعيش فيها 14 امرأة وطفل ولا يوجد فيها حمامات للاستحمام». وليس أمام أم عبدو حالياً خيار آخر، وتكتفي بالقول «بيتي تدمر، الحمد لله، صابرون صبراً فوق صبر». ولم يبق لأهالي الغوطة سوى الأقبية تحت الأرض ملاذاً لهم، لكنهم يجدون أنفسهم محاصرين فيها غير قادرين على الخروج على وقع الغارات والقذائف المحيطة بهم. وخلال الحملة الأخيرة، خلت منازل كثيرة من أصحابها بعدما لجأوا إلى الأقبية. ويستغل هؤلاء لحظات قليلة من الهدوء للبحث عن متجر يشترون منه بعضاً من المؤن أو ليتفقدوا منازلهم. وصباح أمس، خرج البعض من الملاجئ مستغلين غياب الطائرات نتيجة الأمطار، وتجمع البعض في حمورية أمام متجر وحيد فتح أبوابه، ولكن سرعان ما تفرق الجمع مع سقوط قذائف عند أطراف الشارع. وفي قبو آخر في مديرا، تجتمع نساء متشحات بالسواد وأطفال في غرفة صغيرة على وقع تحليق الطائرات. وتتعرض الغوطة الشرقية منذ سنوات لقصف مدفعي وجوي عنيف من قوات النظام أودى بحياة آلاف المدنيين وأسفر عن دمار كبير في الأبنية والبنى التحتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©