الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأونكتاد: الاتفاقات الإقليمية تضعف النظام التجاري متعدد الأطراف

الأونكتاد: الاتفاقات الإقليمية تضعف النظام التجاري متعدد الأطراف
5 سبتمبر 2007 21:11
حذر تقرير التجارة والتنمية لعام 2007 الصادر عن الأونكتاد من أن اتفاقيات التجارة الثنائية والإقليمية قد تضعف النظام التجاري متعدد الأطراف وان هذه الترتيبات كثيراً ما تنطوي على خيارات صعبة بالنسبة لحكومات البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية، وهي قد تكون أكثر كلفة مما هو متوقع، وأشار التقرير إلى انه بالنظر إلى بطء وتيرة تقدم المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف في إطار منظمة التجارة العالمية، فقد حدث تكاثر في اتفاقات التجارة الحرة أو اتفاقات التجارة التفضيلية الإقليمية والثنائية التي عُقد العديد منها بين بلدان متقدمة وبلدان نامية· كما أن هذه الاتفاقات قد تنطوي على مكاسب مؤقتة من حيث الوصول إلى الأسواق وتزايد الاستثمار الأجنبي المباشر، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى الحد من التدخل الحكومي الذي يمكن أن يؤدي دوراً مهماً بالنسبة لنمو الصناعات التنافسية على المديين المتوسط والطويل· ويذهب التقرير إلى أن مسؤولي البلدان النامية ينبغي أن يفكروا ملياً قبل أن يدخلوا في مثل هذه الاتفاقات، ويلاحظ التقرير أن البلدان الصناعية في عالم اليوم والبلدان النامية التي سجلت نموا اقتصادياً مذهلاً في السنوات الأخيرة قد بدأت مسيرة هذا النمو بحماية صناعاتها ''الوليدة'' حيث مكنتها من تنمية قدراتها على مواجهة المنافسة الدولية· وعلى النقيض من ذلك، يقول التقرير إن اتفاقات التجارة الحرة أو اتفاقات التجارة التفضيلية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية كثيراً ما تتطلب إجراء تخفيضات حادة في التعريفات المفروضة على السلع الصناعية، مما يعرض المصنعين المحليين لمنافسة أجنبية كاسحة، وهذا يمكن أن يحول دون تمكن البلدان الأفقر من تنمية قطاعاتها الصناعية، كما أن هذه الاتفاقات تنزع إلى الحد من سيطرة البلدان النامية على الاستثمار الأجنبي المباشر· وزاد عدد اتفاقات التجارة الثنائية والإقليمية التي أبلغت بها رسمياً مجموعة التعريفات الجمركية والتجارة (الجات) منظمة التجارة العالمية من 20 اتفاقاً في عام 1990 إلى 86 اتفاقاً في عام 2000 ثم 159 اتفاقاً في عام ،2007 وتتصل نسبة كبيرة من هذه الاتفاقات بالتجارة بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة· ويعتقد الاونكتاد أن الاتجاه نحو عقد هذه الاتفاقات التي يطلق عليها أحيانا اسم ''الإقليمية الجديدة'' يمثل خروجاً محفوفاً بالمخاطر عن مسار (تعددية الاطراف) وكثيراً ما تشتمل هذه الاتفاقات على أحكام تمتد إلى ما هو أبعد من القواعد واللوائح الحالية لمنظمة التجارة العالمية في مجالات كالاستثمار وحقوق الملكية الفكرية وسياسة المنافسة والمشتريات الحكومية، أو أنها تشمل مجالات ظلت مستبعدة من جدول أعمال المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف· ونتيجة لذلك فإن الكثير من هذه الأحكام تقلص الخيارات المتاحة لصانعي السياسات في البلدان النامية لتنفيذ سياسات استباقية من أجل دعم عملية التصنيع والتغيير الهيكلي، ويحلل تقرير التجارة والتنمية أهمية هذه الاتفاقات ويخلص إلى أنه ينبغي للبلدان النامية أن توازن بعناية بين ما تنطوي عليه هذه الاتفاقات من تكاليف وما تحققه لها من فوائد· ويقول تقرير التجارة والتنمية إن الاتجاه نحو عقد اتفاقات التجارة الثنائية أو الإقليمية بين الشمال والجنوب ناشئ جزئياً من شعور بعض الحكومات بالإحباط إزاء بطء وتيرة التقدم في المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف، ولكن التقرير يحذر من أن الترتيبات الثنائية والإقليمية تهدد تماسك النظام التجاري المتعددة الأطراف وقد تحد من الفوائد الناشئة عن ترتيبات التعاون الإقليمي القائمة فيما بين البلدان النامية· ويذهب التقرير إلى أنه (لدى تقييم الفوائد الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لاتفاقات التجارة الحرة الثنائية أو الإقليمية بين الشمال والجنوب وتكاليف الدخول في مثل هذه الاتفاقات، ينبغي للبلدان النامية ألا تأخذ في الاعتبار فقط التغيرات المحتملة في الصادرات والواردات الناشئة عن فتح الأسواق، والزيادات الممكنة في الاستثمار الأجنبي المباشر)، بل ينبغي لها أن تنظر أيضاً في تأثير هذه الاتفاقات على خياراتها وأدواتها في مجال السياسة العامة سعياً إلى تنفيذ استراتيجيات التنمية الأطول أجلاً· وما ينصح به التقرير هو أنه بدلاً من الانخراط في (الإقليمية الجديدة)، يمكن للبلدان النامية أن تنظر في مجالات أخرى للتعاون مع البلدان الشريكة لها الواقعة في المنطقة الجغرافية نفسها وذات المستوى المماثل من التنمية الاقتصادية، وذلك بروح من (الإقليمية) الفعلية، اذ من شأن هذا أن يساعد في تدعيم استراتيجيات هذه البلدان نفسها فيما يتصل بالتنمية الوطنية والاندماج في الاقتصاد العالمي، مستفيدة في ذلك من مزايا قرب الموقع الجغرافي، وتماثل المصالح والتكامل الاقتصادي· تعزيز التنمية والتغيير الهيكلي الدافع الذي يجعل بلداً نامياً يقدم على عقد اتفاق ثنائي مع بلد متقدم شريك يتمثل في الحصول على امتيازات لا تمنح للبلدان الأخرى، وبخاصة فيما يتصل بتحسين وصول منتجاته إلى الأسواق، ويقول تقرير التجارة والتنمية إنه بالرغم من أن اتفاقات التجارة الحرة بين الشمال والجنوب يمكن أن تتيح للبلد النامي الشريك فرصاً تجارية جديدة، ومزيداً من الاستثمار الأجنبي المباشر، فإن هذا ينبغي ألا يعتبر مساوياً للتقدم في عملية التنمية، فزيادة التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر لا تكونان مستحسنان إلا عندما يكون في هذه التجارة وهذا الاستثمار ما يعزز عملية التنمية والتغيير الهيكلي· ومقابل تحسين الوصول إلى الأسواق، قد يطالب البلد النامي بأن يتنازل لا عن سيطرته على الاستثمار الأجنبي المباشر فحسب وإنما أيضا عن سيطرته على المشتريات الحكومية، وقد يطالب أيضاً بمراعاة أشد صرامة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، كما أنه قد يخضع لضغوط من أجل إجراء عملية تحرير لتجارة السلع والخدمات تكون أوسع وأعمق مما اتفق عليه في إطار ترتيبات منظمة التجارة العالمية· تحرير تنافسي أبدى خبراء الاقتصاد في الأونكتاد أسفهم أيضاً لأن المفاوضات الثنائية تنشئ - بعكس المفاوضات التي تجري في سياق متعدد الأطراف - بيئة من ''التحرير التنافسي''، أي أن البلدان قد تشعر أنها مضطرة لإبرام اتفاقات تجارة حرة خشية أن تفقد قدرتها التنافسية في مواجهة البلدان النامية الأخرى التي تدخل في اتفاقات للتجارة الحرة مع الشريك التجاري الرئيسي نفسه· ويذهب التقرير، من جهة ثانية، إلى أن القوة التفاوضية للبلدان النامية تكون أضعف عادة، الأمر الذي يقلل المكاسب التي يمكنها أن تحققها هذه البلدان في المفاوضات الثنائية بين الشمال والجنوب، وكثيراً ما لا تكون هذه البلدان قادرة على تحقيق كامل الفوائد الناشئة عن تحسين فرص الوصول إلى الأسواق التي توفرها اتفاقات التجارة الحرة وذلك لكون قدراتها التوريدية والتسويقية، وكذلك قدرتها التنافسية، محدودة وبسبب تواصل تقديم الإعانات إلى القطاعات (الحساسة) في البلدان المتقدمة، ولأن الشركات المحلية كثيراً ما لا تكون قادرة على الامتثال لقواعد المنشأ التقييدية فيما يتعلق بالسلع المخصصة للتصدير إلى البلد المتقدم الشريك، كما أن الافضليات التي يتفاوض عليها أحد البلدان النامية مع بلد متقدم شريك قد تتآكل بسرعة إذا ما قام البلد المتقدم نفسه أيضاً بعقد اتفاقات للتجارة الحرة مع بلدان نامية أخرى· ويخلص خبراء الاقتصاد في الأونكتاد إلى أن (المكاسب التي تحققها البلدان النامية من خلال تحسين الوصول إلى الأسواق ليست مضمونة، في حين أن خسائرها فيما يتعلق بحيز حرية التحرك على صعيد السياسة العامة تكون مؤكدة)، وهم يضيفون بأنه من مصلحة البلدان النامية أن تتقدم المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف ولكن مع إدماج بُعد إنمائي أقوى في القواعد التجارية الدولية·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©