السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نواف يونس: القصة الجديدة محقونة بومضات شعرية

نواف يونس: القصة الجديدة محقونة بومضات شعرية
5 سبتمبر 2007 23:39
استضاف بيت الشعر بمنطقة الشارقة القديمة ليلة الثلاثاء الفائت جلسة نقاشية حول تشعير القصة القصيرة، أو اختلاط الأجناس الأدبية من أجل خلق نوع من التمازج بين الفنون الكتابية لإخراجها من حيز التعميم والتقليد، وإقحامها في مناطق خصبة تستفيد من تقنيات الكتابة الجديدة· قدم للجلسة خولة الشامسي مسؤولة بيت الشعر، وحاضر فيها الزميل نواف يونس المحرر الثقافي بصحيفة الخليج، وحضرها بهجت الحديثي المستشار العلمي لبيت الشعر، ولفيف من الإعلاميين والمثقفين ورواد بيت الشعر· أشار (يونس) قبل حديثه عن قضية تشعير القصة القصيرة، إلى أن التعرف إلى فن القصة القصيرة بدأ في الفترة ما بين منتصف ونهاية القرن التاسع عشر، عندما رصد النقاد الكتابات التي تختلف عن الفنون الأدبية الأخرى المتعارف عليها كالشعر والرواية والكتابة المسرحية، وذلك عبر كتابات موباسان وأنطوان تشيخوف وأدجار آلن بو، ومن قبلهم نيكولاي جوجول الذي خرج من معطفه معظم كتاب القصة القصيرة ! النمط التقليدي وأضاف (يونس) أن خصوصيات فن القصة التي ميزته عن الرواية تمثلت في الزمن القصير، والمكان المحدد، والشخصية البطلة أو المحورية، وظلت هذه التقنيات مسيطرة على مسيرة القصة القصيرة حتى منتصف الخمسينات عندما برزت كتابات ناتالي ساروت وآلان روب جرييه وجيرارد رينيه وغيرهم من كتاب القصة الجدد في فرنسا وأوروبا، حيث تمردت هذه الكتابات على فنيات القص التقليدي، وابتدعت أدوات فنية جديدة أهمها كسر تسلسل الزمن والحدث، وتدوير الزمن لإبراز مضمون الحدث، والابتعاد عن التتابع التقليدي للمقدمة والوسط والنهاية، ونتيجة لذلك تأثرت مجموعة كبيرة من كتاب القصة العرب بهذا التوجه الجديد، فقرأنا قصص محمد برادة في المغرب، وزكريا تامر وحيدر حيدر في سوريا، وادوارد الخراط ومحمد المخزنجي في مصر، وأحمد بوزفور في المغرب، وواسيني الأعرج من الجزائر· وأشار المحاضر إلى أنه على الرغم من هذه التطورات والقفزات النوعية في نمط وهيكلية القصة القصيرة العربية، إلا أن أسلوب الواقعية التسجيلية ظل مسيطراً على مسيرة هذا الفن في الوطن العربي، ولكن مع الاقتراب من بداية الألفية الثالثة حدثت ثورة أسلوبية جديدة في هذا الفن على أيدي القصاصين الشباب الذين عملوا على تنحية السرد وإحداث فجوات تجريبية من خلال الاعتماد على المدخل الشعري الذي أصبح جزءاً مهماً في صياغة القصة المحقونة شعرياً، وذلك عبر اللغة الحاملة لمدلولات إيحائية، تنقلنا من عالم واقعي وفوتوغرافي إلى عالم فني يتداخل فيه الواقعي بالمتخيل، فبات عالم القصة الجديدة يستفيد من البنى الشعرية، ويتكئ على اللغة بأنساقها الجمالية من خلال التكثيف والاختزال والسعي نحو حقن العناصر الفنية للقصة بشعرية مندسة في نسيجها، وساق المحاضر أمثلة لكتاب محليين انضووا تحت هذا الأسلوب أمثال ناصر جبران وظبية خميس وناصر الظاهري ومريم جمعة فرج وسلمى مطر سيف وباسمة يونس· القصة الهايكو ولخص (يونس) في محاضرته مستويات الشعرية في القصة الحديثة من خلال المحاور التالية : شعرية الصورة (المركبة والمجازية) وشعرية اللغة عبر شعرية المفردة والجملة وشعرية الشخصيات والتي أصبحت تتسم بصفات وسمات تجسد شخصية الشاعر نفسه بكل ما يحمله من قيم مطلقة وجمالية· وشعرية البناء للمحافظة على الوحدة العضوية التي تتسم بها القصيدة وشعرية الخطاب السردي وذلك من خلال الانحراف الدلالي بلغة مشحونة ومكثفة على مستوى الوصف والحوار والمونولوج الداخلي· وشعرية الزمان من خلال هدم التراتبية في تسلسل الحدث وشعرية المكان من خلال تيار الوعي أو وعي الذات بمطلق المكان· وفي نهاية الجلسة أشار الباحث إلى بروز شكل جديد من القص في الآونة الأخيرة، وهو القصة القصيرة جداً، أو القصة (الهايكو) التي تقترب من الرباعيات أو التخميسة في الشعر، ويعمد القاص من خلالها إلى اختزال الحياة وتجاربها ومن دون التقيد بزمنها أو تطابق الأمكنة فيها، إيماناً من هذا القاص بأن الإبداع في القصة هو إدراك ووعي يبدأ من سيطرته على زمن اللحظة لينطلق في حوار مكثف ومفاجئ ومواكب للقارئ الجديد المأهول بعالم الصورة وإمكاناتها المتسارعة والمكثفة في آن·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©