الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان: "إنجاز" بان كي مون

5 سبتمبر 2007 23:44
تبدو زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ''بان كي مون'' الحالية للسودان، واجتماعاته بمسؤولي الحكومة وقيادات الأحزاب السياسية واستماعه إلى وجهات نظرهم وتصورهم لحل مشكلة دارفور العصية، خطوة صحيحة كانت مفتقدة في تعامل قمة المنظمة الدولية التنفيذية منذ دخول مشكلة دارفور أجندة مجلس أمنها الدولية· ربما كانت القيادة في المنظمة الدولية مدفوعة بالتقاليد البيروقراطية المتمكنة منها، فظلت على أساس ذلك تحصر اتصالاتها ومشاوراتها في شأن دارفور على طرفي القتال الجاري هناك -السلطة المركزية السودانية والجماعات المسلحة التي تحاربها- فكانت النتيجة أن ظلت بقية القوى السياسية شبه معزولة عن شأن هو من صميم الشؤون السودانية، ولم يكن لديها من سبيل لتوصيل وجهة نظرها في حل أزمة دارفور إلى قيادة المنظمة -التي أصبحت بحكم الواقع الوصي الدولي على الشأن السوداني- خاصة وأن ما يحدث في دارفور تصب تعقيداته ومآسيه المتجددة في وجدان كل السودانيين وليس أهل وإقليم دارفور وحدهما· لذلك فمهما حاول البعض التقليل من أهمية زيارة ''بان كي مون'' للسودان ولقاءاته واجتماعاته المستمرة -حتى كتابة هذه السطور- فالواقع سيكشف أن الزيارة ومردوداتها خطوة صحيحة تحسب للأمين العام، وهي خطوة كان من المطلوب أن تبدأها قيادة الأمم المتحدة منذ سنوات· غير أن لقاءات الأمين العام بالقيادات السودانية غير الحكومية، رغم كونها خطوة صحيحة ومطلوبة، ليست بادرة فريدة في مسيرة المنظمة الدولية، فالأمم المتحدة وضمن تحولات بطيئة جرت في تفكيرها البيروقراطي قد بدأت النظر إلى المنظمات والهيئات غير الحكومية ودورها المساعد في القضايا والمسائل الإنسانية -كحقوق الإنسان والبيئة والمرأة والإسكان·· الخ- منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، فتواجدت في المؤتمرات التي عقدت لمثل هذه القضايا فيما عرف رسميا بـ''منبر المنظمات غير الحكومية''، بل وكانت للمنظمة مساهمات مقدرة لدرجة جعلت الأمين العام الأسبق بطرس غالي يعين أحد كبار مساعديه منسقاً للمنظمات غير الحكومية· لقد بدا الأمر بالنسبة لدارفور، وقبلها قضية الجنوب التي انتهت إلى ''نيفاشا'' بعزل باقي القوى السياسية الأخرى، وكأن هناك موقفاً مسبقاً اتخذته الأمم المتحدة -الراعية الدولية- يقضي بهذا العزل، لأنها ولأسباب وملابسات غير صحيحة كانت تريد أن تتصور أن القوى السياسية السودانية -غير حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية- لن تكون ''مفيدة'' في الوصول بالقضية إلى بر السلام المنشود· لو لم تتمخض زيارة السيد ''بان كي مون'' ولقاءاته بقيادات الأحزاب السودانية عن أي ''طفرة'' في أزمة دارفور، فإن الأمر الإيجابي الذي سيحسب، أن ما حدث كان فرصة مناسبة له ولمن التقاهم من القادة السياسيين ليستمع مباشرة إلى تصوراتهم ومقترحات أحزابهم حول هذه المشكلة السودانية· فقضية دارفور وغيرها من القضايا السودانية لن تجد حلولها الجذرية إلا في مشروع سوداني بدايته ومنتهاه بيد السودانيين، وطريقه -مع كل التقدير الموضوعي لجهود المجتمع ومساعداته للسودان وشعبه المبتلى بهذه المآسي العنيفة- هو توافق السودانيين على تحقيق العدالة والكرامة والديمقراطية لكل أهل أقاليم السودان الواسع العريض· لو نجحت جهود الأمين العام في زيارته هذه في إقناع الحكومة بقبول قوات شرطة دولية لحماية النازحين واللاجئين في معسكرات دارفور من عدوان العصابات المسلحة التي تمارس فيهم عمليات القتل، فإنه بذلك سيكون قد حقق إنجازاً مهماً تشتد إليه الحاجة والضرورة في المعسكرات البائسة، وقد يوفر بعض الأمن لضحايا وحشية المعتدين من النساء والشيوخ والأطفال·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©