ومن التلفزيون ما قتل

على كل مشاهد عربي أن يبعث برقية شكر إلى كل المحطات الفضائية العربية، لأنها لم تتحول ـ بعد ـ إلى أدوات قتل لمشاهديها· وينبغي أن تنوه تلك البرقيات بكل المذيعين والمذيعات، لأنهم لم يحملوا السكاكين لتقطيع أوصال من يقع بين براثن أسئلتهم· يبدو هذا الاقتراح افتراء على المحطات والمذيعين والمشاهدين، ولكنه لن يصبح كذلك عندما تتضح دوافعه الأميركية كما هي العادة· وينبع الدافع من محطة CNN الأشهر بين المحطات التي تواجه منذ عام تقريباً قضية قانونية لأن مذيعة فيها تسببت في وفاة مواطنة استضافتها في برنامجها· فقد استضافت نانسي غريس، المعروفة بأسلوبها القاسي في مخاطبة ضيوفها، الأم الشابة ميليندا داكيت، ووجهت إليها الاتهام مغلفاً بسلسلة من الأسئلة حول مسؤوليتها عن اختفاء طفلها· وهو أمر لم تبت فيه تحقيقات الشرطة ولم تتوصل المحكمة إلى اكتشاف حقيقته· وقد أصابت أسئلة المذيعة الشرسة الأم بانهيار، ما أدى بها إلى الانتحار باطلاق النار على نفسها وقت إذاعة الحلقة· تثير هذه القضية ما تثيره من سجال داخل المحاكم وفي الأوساط الإعلامية حول الواجب المهني وحقوق الناس غير المدانين· ولا شك في أن الشق الثاني من المعادلة هو الغلاب ، طالما أن البت في شبهة الإدانة أو البراءة، هو أمر يخص القضاء وحده، وليس من اختصاص محطة تلفزيونية شهيرة أو مذيعة تسعى وراء المجد المهني· طبعاً هناك حقول أوسع من الخيال أمام كل إعلامي في مهنة الأضواء المبهرة لتحقيق مجده المهني، منها الشأن العام باتساع مجالاته السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية والعلمية· ففي مقابل المذيعة نانسي غريس، التي استضافت والدة مغمورة، قد تكون مدانة أو بريئة، نجد نموذج جيريمي باكسمان، مذيع القناة الثانية في هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وهو المشهور بإحراجاته المربكة لكل من يستضيفهم· فباكسمان هذا، يمسك بتلابيب ضيفه سواء أكان وزيراً في الحكومة أم سياسياً في المعارضة، ويضيق عليه الخناق حتى يستسلم أمامه ويعترف بسوء مواقفه السياسية أو بجموح سلوكه الشخصي· من هنا يستحق باكسمان، راتبه الأعلى بين زملائه، الذي يبلغ مليون جنيه استرليني سنوياً، عداً ونقداً· طبعا سمعنا بين المذيعين العرب من ينسب نفسه إلى جيرمي باكسمان، فيسمي نفسه باكسمان العرب أو باكسمان الشرق الأوسط أو·· أو··، من دون أن نتلمس دلالة على هذه التسمية، وكل الرجاء ألا تظهر بيننا من تسمي نفسها نانسي غريس العرب، ويكون لها من هذه التسمية دلالات· adelk85@hotmail.com