الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عمالقة الطاقة يشددون قبضتهم في القارة الأوروبية

عمالقة الطاقة يشددون قبضتهم في القارة الأوروبية
7 سبتمبر 2007 23:52
يبدو أن طموحات الاتحاد الأوروبي الهادفة لفتح قطاع الطاقة في القارة أمام المزيد من التنافسية قد تلقت لطمة مفاجئة يوم الاثنين الماضي عندما أعلنت شركة الغاز الطبيعي الفرنسية الحكومية جاز دو فرانس عن اندماجها مع شركة سويز للخدمات في صفقة تمخضت عنها أحد أكبر مجموعات الطاقة في العالم بأسره· وهذه الصفقة التي استحدثت أكبر شركة بائعة ومشترية للغاز الطبيعي في أوروبا بالإضافة الى أكبر موزع أيضاً للغاز الطبيعي قد عززت موقف فرنسا كأحد أكبر اللاعبين في سوق الطاقة الفرنسي والعالمي على حد سواء· إلا أن الصفقة جاءت أيضاً لتشكل مواجهة وانتهاكاً صريحاً لجوهر المقترحات التي ظلت تتبناها المفوضية الأوروبية والرامية الى ضرورة كسر الاحتكار والهيمنة على إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة كما يحذر المحللون· وكما جاء في التحليل الذي أوردته صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون مؤخراً فيما يختص بالصفقة المثيرة للجدل والتي تم إبرامها في الأسبوع الماضي· يقول كريستيان ايجنهوفر المحلل في مركز الدراسات السياسية الأوروبي في بروكسل ''لقد أوضحت صفقة غاز دي فرانس وشركة سويز ان خطط المفوضية لفتح السوق المحلي أمام المنافسة قد ضلت طريقها بهذه الصفقة سوف تؤدي الى المزيد من تركيز السلطة والنفوذ في السوق''· ومنذ العام 2003 ظلت المفوضية، الذراع التنفيذي في الاتحاد الأوروبي تحاول جاهدة كسر هذا التركيز في أيدي كبريات الشركات كجزء من مبادرة متسعة لزيادة حدة التنافسية وتنشيط النمو الاقتصادي· إلا أن الموعد النهائي لكامل عملية التحرير والذي تحدد بحلول يوليو القادم حيث سيتم إزالة آخر الحواجز الوطنية أمام التجارة في الطاقة قد أشعل فيما يبدو تسارع عمليات الاندماج في القطاع وشجع كل حكومة من جانبها لتقديم الدعم والإسناد لشركاتها الوطنية· وبالطبع فإن صفقة سويز - غازدي فرانس والتي احتفظت من خلالها الحكومة الفرنسية بحصة الأسد باتت تعني أيضاً أن قطاع الغاز الأوروبي قد أصبحت تهيمن عليه بالكامل شركات بعينها لا يزيد عددها على أصابع اليد الواحدة بما فيها شركة غاز بروم الروسية وشركة ئي أو إن الألمانية وايني الإيطالية وغازوني الهولندية بالإضافة الى شركة نورسك - هايدرو النرويجية· وبالإضافة الى شركة غاز دي فرانس فقد درجت جميع هذه الشركات الكبيرة على تحقيق مواقعها عبر إبرام اتفاقيات غير رسمية في بعض الأحيان بحيث لا تتضارب مصالحها في أسواق بعضها البعض وجعلت هذه القبضة المتشددة من الصعوبة بمكان على الشركات الأصغر حجماً الدخول الى هذا القطاع ما لم تتمكن من إنفاق استثمارات هائلة مثل بناء خطوط الأنابيب كما أدت الى أن تصر المفوضية على شركات الطاقة بأن تسمح للشركات الأخرى بالدخول الى شبكاتها· ويبدو أن المفوضية الأوروبية قد حاولت يوم الاثنين الماضي أن تحافظ على ماء وجهها حيال الصفقة الفرنسية عندما قالت على لسان جوناثان تود المتحدث الرسمي باسم نيللي كرويز مفوضة التنافسية ''إننا بصدد فحص تفاصيل عملية الاندماج وإذا ما تبين لنا أن الشركتين قد أساءتا استغلال نفوذهما الاحتكاري بتقييد عملية الدخول الى الغاز أو الكهرباء فلن نتردد عندها في فرض غرامات عليهما''· وبلا شك فإن الدور البارز الذي لعبته الحكومة الفرنسية في التوسط في عملية الاندماج - وبشكل أساسي من أجل تفادي عمليات بيع أجنبية غير مرغوب فيها - قد عززت الشكوك والمخاوف في بروكسل من أن مصالح الحكومات الوطنية - وليست الأوروبية - ظلت تلعب الدور الأكثر أهمية في قطاع الطاقة الحساس· بل ان هذا الدور قد أثار أيضاً العديد من الأسئلة بشأن عما إذا كانت السياسة الرامية لخلق عمالة وطنية في الصناعة ستنسجم مع الأهداف الأوروبية الرامية لفتح أبواب التنافسية على مصاريعها في سوق الطاقة· والى ذلك فإن فرانسوا فيلون رئيس الوزراء الفرنسي بادر من جانبه الى الإشادة باندماج الشركتين معتبراً إياها ''عملية استراتيجية'' سوف تسمح لفرنسا إعادة هيكلة سوق الطاقة في كامل أنحاء القارة الأوروبية· على أنه من المؤكد أن عملية الاندماج بات من المرجح لها أن تمنح أوروبا موقفاً أقوى عندما يتعلق الأمر بالمفاوضة على عقود الطاقة مع الشركات الكبيرة الأخرى خاصة شركة غاز بروم عملاقة الطاقة الروسية الحكومية والتي تزود أصلاً أوروبا بربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي· إلا أن هذا الأمر لا يلغي حقيقة أن كبريات شركات الطاقة الأوروبية قد مارست أيضاً ضغوطات شرسة من أجل حصولها على الدعم من الحكومات حتى تتمكن من إحباط خطط بروكسل الرامية لتفكيك قبضتها المتشددة على كل شيء ابتداء من الإنتاج والنقل والتوزيع ونهاية بالتسويق· وليس أصدق من ذلك أن نيكولاس ساركوزي الرئيس الفرنسي الذي لعب دوراً حاسماً في عملية الدمج قد عمد علانية الى المطالبة بضرورة خلق كيان استراتيجي في مجال الطاقة بحيث يعمل على تحصين فرنسا من أية عملية استحواذ خارجي بالإضافة الى الدفاع عن القطاع أمام المفوضية ومقترحاتها· إلا أن المدهش كما يشير بعض المحللين، انه وعلى الرغم من التفسيرات المختلفة لهذه الصفقة تحديداً فإن هناك شبه إجماع ضمن الطبقة السياسية الفرنسية على ضرورة الحاجة الى تدخل حكومي في الصناعات الاستراتيجية بحيث يؤدي الى تفادي أية تأثيرات ناجمة عن سياسات الطاقة في الدول الأوروبية المجاورة وإمكانية أن تفرض بروكسل المزيد من قوانين التحرر في القطاع·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©