الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من سيراقب من؟

8 سبتمبر 2007 00:33
مسألة ''الرقابة'' من حيث هي فعل سلطوي ـ بغض النظر عن مجال حركتها ونوع السلطة ـ تأتينا أو نذهب إليها، وأحيانا نطلبها حين تغيب عنّا أو عندما نقع في وهم الحريّة، ما يعني ارتباطها بحاجة الناّس إليها وبجانب التأمل لجهة التنظير، خصوصا إذا تم التحكم في الفكرعبر مضامين معرفية أو إشكالات فلسفية، وما أكثرها في حياتنا المعاصرة رغم الاعتقاد السائد بالوصول إلى سدرة المنتهى في المعرفة وإنجازاتها بحيث لم يعد هناك مسوّغ للدرس أو البحث الفلسفي· لقد مثّلت الرقابة ـ ولا تزال ـ نوعا من المشاركة في صيغة الإرث الفكري للبشرية سواء من ناحية تحديد مجالات الوعي وتحمل المسؤولية، أو لجهة ممارسة السلطة ولو في حدود ضيقة، حتى عندما تكون ذاتية داخلية، وهي بالطبع أصعب أنواع الرقابة لكونها تسليما وخضوعا لقيود تحدّ أحيانا من حرّية الفكر، ومع ذلك فهي مطلوبة وضرورية، خصوصا عندما تتعلق بسلطة الإيمان من حيث هو تسليم المخلوق للخالق بكل الأوامر والنواهي ضمن فضاء العلاقة التحررية حيث الحوار واستحضارالعقل، الأمر الذي يكشف عن زيف الإدعات وأباطيل تلك الأطروحات القائلة:'' إن الدين يركز على الرقابة باعتبارها محددا للسلوك للبشري ومقيّما له، وبناء عليه يتحدد مصيره الأخروي'' الملاحظ أن الفهم السابق يختلط مع الحاجة إلى التمرد على أنظمة الحكم وعلى علاقات البشر وهوى النفس، ما يدفع بمدّعي الإبداع إلى شن حرب على الموروث الثقافي والديني بل على النصوص بحجة الحرية واستعمال العقل والتخلص من حكم الأقدمين،إنّهم يقيمون خصومات مع الماضي على حساب الحاضر، وهم مثل المنغلقين الذين يقيمون خصومات ومعارك مع العصر بحجة المحافظة على قضايا الماضي لجهة صدقيتها وأهميتها وجدواها عند التطبيق في زمن ولّى· هكذا غدت الرقابة ملجأ الحيارى والعاجزين عن المواجهة سواء أكانوا من أهل النخبة أم من المنخرطين في العمل السياسي، وهذا غير ذي جدوى بدليل أن جميع أنواع الرقابة لم تمنع استشراء الفساد في الدول العربية، حتّى أنّ بعضها غرق في وحل الاختلاف وفتن الحرية لدرجة أصبح التخابر لصالح الأعداء أو التحالف معهم شرفا وفخرا ومطلبا على مستوى الدول والجماعات والأفراد، متخذا مسمّيات مختلفة، تحمل شدو البلابل، مع أنها في حقيقتها نعيق البوم في ليالينا الحالكات، بعد الابتعاد عن مسارات النّور، ألا يعني هذا حاجتنا إلى الرقابة من جديد؟، لكن '' من سيراقب من؟'' خالد عمر بن ققه benguega@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©