الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين الفرخة والجمهور

8 سبتمبر 2007 00:47
''كانوا حياكلوني''· هذا التصريح لم تطلقه فرخة نفدت بريشها من سيخ الذبح، أو نعجة اشترت حياتها باستكانة لا تتقن خبراتها إلا النعاج، بل أطلقته مطربة يبدو أنها تجمع في جيناتها صفات الفراخ والنعاج وكل ذوات القوائم المحلل لحمها· طيلة أسبوعين تابعت الصحافة ووسائل الإعلام الإنترنتية، وأيضا التلفزيونية، حلقات مسلسل المطربة مروى و''جمهورها الوفي''· تنوعت حكايات هذا المسلسل· فمرة تدعي مروى، أن الجمهور ـ بقضه وقضيضه ـ حاول التحرش بها، ولولا العناية المستجيبة لدعاء أمها وفطنة حراسها، لكان وصل الأمر إلى حد الإعتداء السافر والفتك بها· ومرة ثانية، تقول مروى، إن الأمر لم يكن تحرشاً ولا محاولة اعتداء وفتك، بل إنه لم يتعد حدود التعبير عن الحب والتفاعل مع أغانيها وأدائها، ولكن بطريقة فوضوية، ما جعلها تشعر بأن الجمهور يريد أن يأكلها، فهربت برفقة حراسها ولجأت إلى إحدى الشقق بالقرب من مسرح الحدث· هاتان الروايتان تسببتا بإثارة نوع من الضباب في الرؤية لدى متابعي الحدث، حول تقييمهم للجمهور· فمرة هو وحش كاسر، يتحرش بذوات العفة ويحاول نهش براءتهن، ومرة ثانية يصبح كالأم الحنون تهدهد ابنتها على طريقة المطربة صباح وتغني لها أغنيتها القديمة ''أكلك منين يا بطة، أكلك منين''· ومع الأسف، فإن كلتا الروايتين، تنبعان من حكم مبرم أطلقه العاملون العرب في مجالات الفنون السمعية والبصرية، يختصره القول الشهير ''الجمهور عايز كده''· وهذا الحكم يقدم في واقع الأمر تبريراً، وليس تفسيراً، لكم هائل من الإنتاجات الفنية في مجالات الأغنية والفيديو كليب والسينما· ولعل مروى، ومن هن مثلها، يعرفن على وجه اليقين ما الذي يريده الجمهور، طالما أنهن غير قادرات على تقديم الأفضل· ومن هنا تبرز رواية ثالثة، لما حدث في الساحل الشمالي بمصر· تقول الرواية إن مطربة ''إنت ما بتعرفش'' هي التي تحرشت بالجمهور، وإن شروط هذا التحرش بدأت بقميص نوم ساخن في بداية الحفلة، واكتملت بـ ''شورت'' ماجن في نهايتها· وتضيف الرواية، إن مروى كانت متحسبة لنتيجة مثل هذا التحرش، فطلبت من منظمي الحفلة توفير 40 ''بودي غارد''، لكنهم قصروا أو استسهلوا، فحصل ما حصل· وهذا الأمر بالذات يفتح الباب واسعاً أمام الخيال، فوجود 40 حارساً مدربين ومدججين بالسلاح، لحماية مطربة من جمهورها، أو العكس، يرسم صورة غير مفرحة لمجتمع يبدو أنه بات يحتاج إلى حمايات متبادلة· ثم لو أن الجمهور تمكن فعلاً من أن ''يأكل'' مروى في ظل هذه الكتيبة، فإن توصيفاً جديداً كان سينتظرنا في المحافل الدولية، هو أننا من أكلة لحوم البشر، من دون أن تقيم المحافل الدولية أي اعتبار إلى حقيقة أن التي تعرضت للأكل هي فرخة أو نعجة بدليل أغنياتها المصورة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©