الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمر الرجل الحقيقي... ينكره اللسان وتبوح به التجــــــاعيد والشعيرات البيض

عمر الرجل الحقيقي... ينكره اللسان وتبوح به التجــــــاعيد والشعيرات البيض
8 سبتمبر 2007 23:25
قف ولا تتجاوز، غير مسموح لك بأن تسأل الرجل عن عمره، وإذا قبل منك التجاوز، فربما من باب المزاح، أو على سبيل التحدي واصطناع الروح الرياضية طمعاً في اكتساب شعور اضافي بالرجولة والشباب· لكن ردة الفعل هذه، لن تمنع الشعيرات البيض من الزحف إلى رأسه، ولن توقف زحف التجاعيد التي ترسم علامات العمر فوق ملامحه، ولعل السر وراء اعتراض الرجل على البوح بعمره الحقيقي ليس للآخرين فقط بل ولنفسه أحياناً، ينبع من خوفه من طيران الزمن وتقافز الأيام!· في هذا التحقيق حاولنا أن نكسر حواجز منطقة الخطر بالنسبة للكثير من الرجال، ونقترب أكثر وأكثر مما يعترف به الرجل سراً ويخفيه علانية، لا سيما إن شارف على الاربعين أو الخمسين أو تجاوزهما، حيث تكون الأسئلة حول العمر حادة كنصل السيف· الاعتراف بالخوف فضيلة والبوح به صدق، هذا ما شعرت به أثناء إجرائي التحقيق، فقد واجهت في بداية الأمر هروب بعض الرجال من الإدلاء بأعمارهم، مؤكدين أن هذا سر لا يمكن التصريح به، وعلى الرغم من وجود التجاعيد على الوجه، وظهور الشعيرات البيض على الرأس إلا أن كثيرين أنكروا أعمارهم، بينما اعترف بها آخرون موضحين أنهم يعيشون أعمارهم بكل مراحلها· لا أهاب البوح محمد المر البادي لا يهاب من ذكر عمره ما دام قد أدى دوراً في حياته تجاه أسرته يقول: حب الجمال والجذب الفكري للآخرين من المفاتيح الطبيعية لشخصية أي رجل، وهي بالطبع من علامات الشباب التي يحرص عليها الرجل، لكن هذا لا ينطبق على جميع الرجال، فهناك شخصيات لا تبالي بمعيار الزمن، وتتعامل معه على أنه واقع لابد من معايشته والدخول فيه، وهؤلاء يعلنون عن أعمارهم بلا خوف ولا تردد، ويعتمد ذلك على قناعته الذاتية بنمط حياته، وبمراحلها كافة · حيلة دفاعية ويتفق معه اسماعيل حسن في موقفه من العمر، فاسماعيل لا يخجل من ذكر عمره إن سأله أحد عنه، يقول: الإنكار بصفة عامة حيلة دفاعية نفسية، تمكن الإنسان من الاستمرار في الحياة بالرغم من المشاكل الصعبة التى يمر بها، وربما يتخلص بعض الناس من الشعور بالإحباط عبر تجاهل المشاكل وإنكار وجودها· وأعتقد أن ميل الرجل لإخفاء عمره الحقيقي يأتي في هذا الإطار، فهو بهذا السلوك يبتعد عن الاكتئاب ويوحي لنفسه بأن الحياة لا تزال أمامه وأنه يتمتع بصحته وشبابه · ما زلت صغيراً أما شادي عمر فيتمنى أن يظل صغيراً باستمرار، ويخشى من اليوم الذي يرسم فيه المشيب علامات الكبر فوق رأسه، يقول: أنا متزوج وأب لخمسة أبناء، وبصراحة أتمنى أن أظل صغيراً، صحيح انني بدأت مرحلة الأربعين من عمري، وهي مرحلة النضج، لكني لا استغني عن اهتمام زوجتي بي، وهناك فئة من الرجال لا يشعر الواحد منهم بأن زمانه قد ولّى وأن العمر قد تقدم به، إذا كان يجد الاهتمام ويرى نفسه عنصراً ضرورياً فى حياة من يعيش معهم كالابناء والزوجة والأهل، ومثل هذا الرجل يعيش شباباً دائماً لأنه يعرف هدفه وماذا يريد؟ وماذا يفعل؟''· ويخلص شادي إلى القول: الرجل هو الرجل سواء فى الاربعين أو الخمسين فهو في نهاية المطاف يحتاج الى الأمن الاجتماعي وكلمات الإطراء من زوجته · سلوك تافه كانت تلك آراء الرجال، ولكن ماذا عن المرأة؟ كيف تنظر إلى بعض الرجال الذين يخفون أعمارهم؟ دعاء أحمد تتهم كل من ينكر عمره الحقيقي أو يخفيه رجلا كان أم امرأة بالتفاهة ، لأن الإنسان لا يستطيع أن يتحدى علامات الزمن، ومن يعش مراحل حياته كافة بكل ما فيها من حلاوة ومرارة، لا تهمه مسألة العمر· أنا ضد المرأة التي تتعدى الأربعينات والخمسينات وتقوم بتقليد فتاة في العشرين· العمر وثيقة السفر ويصعب التلاعب به، والرجل الذي ينكر عمره ويحاول إظهار عكس ذلك من خلال الاهتمام المبالغ به في مظهره وتصرفاته بحجة الحفاظ على أسرته، وعدم ''زوغان'' عينه لامرأة أخرى، هو رجل لا يملك من الحكمة شيئاً · مسألة نسبية قد تلعب الظروف والحياة الاجتماعية أو الثقافية دورها في هذه الظاهرة، وتدفع المرأة أيضاً مثل الرجل إلى إخفاء عمرها إلا أن عائشة المشوي لن تتردد في ذكر عمرها إن سألها أحد من باب المزاح، وستجيب بمنتهى الصراحة، تقول: أعتقد أن هذه المسألة نسبية، وتختلف من رجل لآخر باختلاف ظروفه الخاصة، وبشكل عام فإن الرجال والنساء في الأغلب يلجأون إلى إخفاء أعمارهم لما لها من طبيعة خاصة، فالمرأة تحب أن تكون مدللة وشابة وجميلة، والرجل يحب أن يكون جذاباً ومرغوباً عند الآخرين· لكن علينا أن نتذكر أن الرجل مهما استخدم من وسائل التجميل ربما ينجح في إخفاء بعض السنوات القليلة، لكنه يفشل في إخفاء بقية عمره · الخوف وتعزو منى جاسم قيام الرجل بالتصرف كالشاب اليافع في اختيار الملابس، وبعض التغيرات والسلوكيات، إلى خوفه من أن يسأله أحد عن عمره، ويعود ذلك إلى عوامل نفسية تتعلق بالخوف من الكبر والعجز، لذلك فهو يحاول أن يثبت انه لا يزال في شبابه، على الرغم من الشعيرات البيض التي انتشرت في رأسه· أما قصة نوف الغامدي فتختلف عن كل ما سبق، فقد بدأ زوجها يبحث عن مخرج لأزمته بعدما تخطى سن الخمسين، في حين أنها ما زالت في الثلاثين من عمرها· تقول نوف: صغر سني أشعل الغيرة في قلب زوجي، وبدأ يبحث عن ضالته في الملابس الشبابية وصبغ الشعر، وصار يتابع ويلاحق ويرتدي آخر صيحات الموضة، وكأنه شاب في العشرين من عمره، كما أجرى ثلاث عمليات شد لوجهه وواحدة لشفط الدهون، ومع ذلك ظل بعيداً عني · هاجس الموت لطالما كانت مسألة عدم ذكر العمر الحقيقي وتصغير العمر معروفة كطبع من طبائع النساء، وأنها ليست ذات أهمية لدى الرجال، لكن هذا لا يبدو دقيقاً جداً، فقد أشارت بحوث عدة إلى أن الرجال ينكرون أعمارهم أيضاً بسبب الخوف، وإذا ما حاولنا تحليل المسألة من منظور نفسي واجتماعي لوجدنا أن الموت حقيقة يدركها الجميع وأن هناك ارتباطاً واقعياً بين مسألة التقدم في العمر والموت، وربما يقوم الإنسان - لا شعورياً - بهذا الفعل لكي يدفع عنه هاجس الموت وينسى أنه بات قريباً منه· هذا ما يوضحه أحمد سليمان ـ مدير عام مراكز الناشئة- حيث يقول: النفس البشرية ترفض الموت ولا ترغب في الحديث عنه أو الاستماع إلى عبارات تجعلنا قريبين منه كالعمر مثلاً، وهنا ينشأ ما يعرف ''بدفاع النفس الداخلي''، ولا يختلف الأمر بين المرأة والرجل في هذا فكلاهما بشر ولديه مشاعر وأحاسيس مشتركة مبنية على التفكير الذي حباه الله للإنسان من دون جميع مخلوقاته · ويضيف: من الطبيعي أن ترفض المرأة البوح بعمرها، وخاصة إذا تجاوزت الثلاثين، لأن التربية الاجتماعية عززت مفهوم سن اليأس الذي ستصل إليه المرأة في الأربعين، بغض النظر عن المعنى الحقيقي لـهذا المفهوم· أما الرجل فقد انضم إليها نظراً للتغيرات الكبيرة التي حملها الواقع الحالي، وتقدم العلم في مجالاته المختلفة خاصة ''التجميل'' الذي بات يوجه إعلاناته للرجال، ويسعى إليه النجوم من الفنانين كشد البشرة وتغيير الملامح وهي أمور باتت أشبه بالظاهرة، ولم تعد تفرق بين الرجال والنساء، كل هذا وغيره، كانت له تأثيرات على طريقة تفكير الرجل ونظرته إلى مظهره وجماله وعمره وما يحمله من أفكار حولها · الرقم الصعب ويؤكد سليمان أن الخمسين وليس الأربعين هي الرقم الصعب بالنسبة للرجل، كما هي الثلاثين بالنسبة للمرأة، ويوضح ذلك بقوله: الأربعون عند الرجل هي بداية الرشد الحقيقي واكتمال القوة والعقل، وهناك الكثير من المعطيات والأدلة التي تؤكد ذلك في التربية المجتمعية والموروث الديني، فالقرآن الكريم يقول في الآية الكريمة: ''حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة''، وهو هنا يربط بين تمام القوة العقلية والبدنية وبلوغ الأربعين· وفي هذه السن يلجأ بعض الرجال لإخفاء عمرهم الحقيقي عملياً بالزواج مرة أخرى، وهذا نوع من الدفاع الداخلي يثبت الرجل من خلاله أنه ما زال قادراً، كما تسعى المرأة لتكون بعد الثلاثين أكثر جاذبية، فنرى اهتمامها بنفسها يتزايد وتكون أكثر ابتهاجا إذا ما قيل لها بأنها ما زالت شابة وتبدو كأنها في العشرين· إذاً نستطيع القول إن مسألة العمر مرتبطة بجوانب نفسية عديدة، ومن أهمها كما قلنا سابقا مسألة الموت واليأس والواقع الاجتماعي والتربية المبنية على أن الثلاثين هي بداية الكِبَر وأن الفتاة إذا تجاوزت العشرين تصبح بايرة أو ''عانساً'' فاتها القطار، تلك التربية التي لا تزال حاضرة لدى كثير من الآباء والأمهات، حتماً لها أثر على نفسية الرجل والمرأة ليكذبا الكذبة البيضاء في العمر · همٌّ ذكوري إذن، هل يمكن القول والحال كذلك أن إخفاء العمر بات أيضاً همّاً ذكورياً، وأن الرجل أصبح يخفي عمره الحقيقي مثلما تفعل المرأة عادة؟ يقول الاختصاصي النفسي محمود فاضل: أعتقد أن إخفاء الرجل لعمره يمكن أن يحدث، فالرجل والمرأة يشتركان في أشياء كثيرة على الرغم من الاختلافات التي بينهما، فالكبر ومرور السنين وأرقام الأربعين والخمسين، وابيضاض الشعر وتجعد البشرة كلها أمور تثير القلق عند الرجل، وإذا كان الانزعاج الصريح من قبل المرأة تجاهها أمراً طبيعياً ومتحققاً في الواقع، فإن إخفاء التأثر وعدم الاهتمام بالعمر من قبل الرجل هو تحايل نفسي · ويؤكد فاضل أن انزعاج الرجل من بلوغ الأربعين، والمرأة من بلوغها الثلاثين أمر عادي وبات مألوفاً في هذه الأيام، وربما يلجأ الرجل لمثل هذه الممارسة ليقنع نفسه بأن الحياة أمامه ما زالت مفتوحة والفرص متاحة، كما كانت من قبل، لأن الاعتراف بغير ذلك يؤدي إلى التقوقع والبعد عن الآخرين والعزلة وغيرها من الآثار السلبية التي تترك أثرها على نفسيته فيسعى جاهداً للتهرب منها والتحايل عليها .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©