ارتفاع أسعار الأعلاف ينذر بمجاعة محتملة بين المواشي

يعاني مربو المواشي والدواجن في أوروبا منذ بضعة أشهر من ارتفاع صارخ في أسعار الأعلاف· وبلغ الأمر حداً من الخطورة جعل الخبراء يعربون عن مخاوفهم من أن تسود البلاد ظاهرة التخلي الجماعي للمربّين عن صنعة تربية الحيوانات وبما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم والكثير من السلع الغذائية المرتبطة بها على المدى البعيد· وتكمن المشكلة في أن المربين لا يملكون القدرة الكافية على رفع أسعار منتجاتهم حتى تتوازن مع ارتفاع تكاليف إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف· ويعود ذلك إلى أن الأسواق الأوروبية تعجّ بأنواع اللحوم المستوردة، ولو عمد المربون إلى رفع أسعارهم، فلن يمثل ذلك أكثر من سبب مباشر لزيادة مبيعات منافسيهم الأجانب· ويقول تقرير نشرته صحيفة (هيرالد تريبيون) إن معظم مربي المواشي والدواجن يفكرون الآن في التخلي عن هذا العمل· ولو حدثت مثل هذه الهجرة الجماعية، فلا بد أن تقفز أسعار معظم أنواع السلع الغذائية· ويقول لاسلو باراني، رئيس الجمعية المجرية لإنتاج الدواجن: (إذا أفل عصر الحبوب الرخيصة فلا بد لعصر الدواجن الرخيصة أن يأفل)· وخلال الأشهر الاثني عشر الماضية تضاعفت الأسعار العالمية للحبوب· وفي دولة لا تكون فيها الأسعار محكومة بقواعد لعبة السوق، كالمجر مثلاً، يمكن أن ترتفع الأسعار بشكل كبير· ثم إن هذه الدولة التي تقع في وسط شرقي أوروبا عانت من موسم جفاف مرير خلال السنة الجارية أدى إلى نفاد شبه تام لمخزون الأعلاف والحبوب، وتناقصت تبعاً لذلك أعداد المواشي والدواجن بشكل كبير· ويضيف باراني قوله: (وكان للارتفاع الكبير في أسعار الحبوب أن يصيب مربي المواشي بصدمة حقيقية لم يشعروا بمثلها من قبل)· وفي ألمانيا، التي تعد واحدة من أشهر دول الاتحاد الأوروبي في تربية المواشي، تضاعفت أسعار العلف إلا أن أسعار اللحوم الاستهلاكية لم ترتفع إلا بنسبة 3 بالمئة خلال النصف الأول من العام الجاري· وفي شهر أغسطس، عادت أسعار اللحوم للانخفاض بمعدل 1,7 بالمئة عما كانت عليه خلال الشهر ذاته من العام الماضي· وبسبب هذه الأحوال الشاذّة، تصاعد السؤال في أوساط خبراء أسواق المواد الغذائية في أوروبا: كيف يمكن التوفيق بين ارتفاع أسعار الأعلاف بنسبة 100 بالمئة وانخفاض أسعار اللحوم؟· وينقل التقرير عن ميشيل ستارب، المدير الإداري لرابطة المزارعين الألمان قوله، إن صناعة إنتاج اللحوم في أوروبا باتت في مواجهة كارثة حقيقية· ومضى قائلاً: (أصبح المربون يخسرون أموالهم في هذه السوق غير المتوازنة خلال الأشهر الماضية· ومن المؤكد أنهم لا يستطيعون الاستمرار طويلاً على هذه الحال· وإذا لم تغيّر مراكز التسوّق الأوروبية من سياساتها المتبعة الآن في التسعير الاستهلاكي للحوم والدواجن، فإن مما لا شك فيه أنها ستواجه انقطاعاً في الإمداد من مصادر الإنتاج المحلية)· وتبدو هذه المشكلة أكثر صعوبة بالنسبة للمزارعين الإسبان والإيطاليين والبرتغاليين لأنهم أكثر بعداً عن مناطق إنتاج الحبوب والأعلاف، وهم يدفعون تكاليف أكثر لنقلها إلى بلادهم· وليست أسعار الأعلاف والحبوب هي المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المربون، بل إن ارتفاع أسعار النفط لعب دوراً مهماً في زيادة تكاليف إنتاج اللحوم والدواجن فضلاً عن ارتفاع أسعار نقل المواشي التي تضاعفت بدورها خلال الأشهر الأخيرة· ولعل الغريب في هذه المشكلة أنها ترافقت مع انخفاض محسوس في أسعار لحوم المواشي والدواجن في كل الدول الأوروبية التي تعاني من ارتفاع أسعار الأعلاف·