الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدفاع عن المرأة··· والشفافية الغائبة

الدفاع عن المرأة··· والشفافية الغائبة
24 مارس 2008 02:40
مع تطور المجتمعات، واتجاهها نحو العصرنة والعولمة، تظهر المشكلات الأسرية وتتنامى، بحيث أصبحت ظاهرة مشتركة في كل دول العالم· المهم أن تتوافر المؤسسات الرسمية وجمعيات النفع العـــام التي تعمل على احتواء هذه المشكــــلات وعلاجهـــا في إطار من الشفافية والأسس القانونية النابعـــة من قيم المجتمع وتقاليده· هذا لا يعني أننا بصـــدد ظاهرة قد تكون جديــــدة على المجتمعات الخليجية ومنها مجتمع الإمارات الذي يمر بعملية تطوير واسعة في كافة المجالات· لا توجد قيود على العمل التطوعي طالما أنه يتم بشكل قانوني عبر الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية بممارسة النشاط، وذلك للتأكد من مصادر التمويل، وأيضاً من الأهداف التي تسعى أي جمعية أو منظمة أهلية إلى تحقيقها· مناسبة هذا الكلام التأكيد الذي أطلقه مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان في شرطة دبي العقيد محمد المر، بعدم وجود أي تعاون رسمي بين إدارته ودار الإيواء المعروفة باسم ''مدينة الأمل''، المؤسسة غير الربحية التي أنشأتها ''شارلا مصبح'' عام ،2001 والتي ترى ''أن هذه الــدار لا تحتــاج إلى أن تكــون قانونيــة في الإمارات لأنها معروفة في عدة دول منذ أكثر من أربع سنوات''· ''مدينة الأمل''، حسب الجهات المعنية، ليست لها أية أوراق ثبوتية في وزارة الشؤون الاجتماعية· اللافت أن ''شارلا'' التي تقول إنها تعمل في مجال الدفاع عن حقوق النساء اللواتي يتعرضن للعنف أو يقعن ضحية للاتجار بالبشر، لم تتعرض لأية صعوبات أو معوقات تحول دون ممارستها هذا الدور، علماً أن مجال عملها جديد في المجتمعات العربية حيث تحول القيم والتقاليد دون حل المشكلات الأسرية بعيداً عن نطاق العائلة· كما أن بعض النماذج الغربية في العمل التطوعي قد لا تكون صالحة للتطبيق في مجتمعات أخرى، فلكل مجتمع سماتـــه التي تميزه عن المجتمعات الأخرى· والنشاط الذي تقوم به ''شارلا'' قد يؤدي إلى تأجيج المشكلات الأسرية لا حلها، خاصة وأن الدخول في هذا النوع من المشكلات يعد لدى كثيرين انتهاكاً للخصوصية، ناهيك أنه قد يفضي إلى نتائج قد لا يرضى عنها أطراف النزاع· والسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً لماذا لا تتعامل ''شارلا'' مع جمعيات أهلية إماراتية لحل المشكلات الأسرية؟ يبقى نشاط ''شارلا مصبح'' غير قانوني ومجهول التمويل، وربما لا ينسجم مع التقاليد المتعارف عليها في المجتمع، لا سيما أن نشاط ''شارلا'' أسفر عن تهريب فتاتين إماراتيتين إلى كندا في إطار ما يسمى ''مشكلات أسرية'' تعرضت لهما الفتاتــان، وهــو سيناريــو غير مقبــول إطلاقـــاً فــي مجتمع الإمارات المعروف بتماسكه الاجتماعي· وإذا كانت ''شارلا'' تقول ''إن من يعارضني لا يدرك مدى ما أنجزته لحالات قضايا العنف في الإمـــارات''، فلمــاذا لا يكـــون نشاطهــا في إطار قانوني رسمي يخضع للمعايير المتبعة في الدولــة؟ على صعيد آخر، يحتاج العمل الاجتماعي الى تمويل معروف المصادر والمنابع، فنحن بصدد مجال يحتاج إلى الشفافيـــة في الأهداف ومصادر التمويل، فمن أين لها بتوفير نفقات الضحايا أو النزلاء في ''مدينة الأمل''؟ وهل لا توجد مؤسسات حكومية أو غير حكومية في الدولة قادرة على احتواء قضايا العنف الأسري؟ هناك مؤسسات حكومية في الدولة معنية باحتواء المشكلات الأسرية في إطار قانوني، على سبيل المثال، هناك الإدارة العامة لحقوق الإنسان التابعة لشرطة دبي التي تتضمن قسماً للأمن الأسري تعمل به كوادر متخصصة في علم الاجتماع وعلم النفس وضباط شرطة، كما توجد وحدات للتوجيـــه الأسري بمحاكم دبي، إضافة إلى مؤسسة دبي الخيرية لرعاية النساء والأطفال، التي أنشئت بموجب القانون رقم 15 لعام ،2007 وهي توفر ملجـــأ مؤقتاً للأطفال والنساء من ضحايا العنف الأسري والاتجار بالبشر، وتنص المادة الخامسة من قانــــون إنشائها على أنهـــــا تعتني بالنساء والأطفال من مختلف الجنسيات التي تعيش في دولة الإمارات، ممن كانوا ضحية للعنف ويشمل ذلك: توفير المأوى والعنايــــة الصحية والنفسية لهـــؤلاء النســـاء والأطفال وفقاً للنظم واللوائح الموضوعة من قبل المنظمة، وتوفير الاستشارات العاجلة، وعلى مدار الساعة، للضحايا وإعلامهــــم بحقوقهم وكيفية حل مشكلاتهم، وإعــــادة تأهيل الضحايا وتدريبهم، وإعادة دمجهــــم في المجتمع، وتقديم المساعدة القانونية والمالية إلى الضحايــــا المغتربين لتمكينهـــــم من العـودة إلى وطنهــــم الأم إذا ما رغبــــوا في ذلك، وتوعية المجتمـــع من أجل حماية حقوق النساء والأطفال· وتلقى هذه المؤسسة حالات من الإدارة العامة لحقوق الإنســــان التابعــــة لشرطة دبي، كمــــا توجــــد مراكز للدعم الاجتماعـــي في أبوظبي والعين والشارقــــة تابعــــة لوزارة الداخلية· والسؤال هنا إذا كانت ثمة مؤسسات معنية بحماية المرأة ومجابهة العنف الأسري ومكافحة الاتجار بالبشر، فما الداعي لمؤسسات غير مرخصة تمارس العمل الاجتماعي دون رقيب أو حسيب؟ وكون نشاط ''مدينة الأمل'' معروفاً في دول أخرى أجنبية، فذلك لا يعني أن هذا النشاط فوق القانون، أو لا يخضع للاعتبارات الاجتماعية السائدة في الدولة، خاصة في ظل ما أثير عن استغلالها لوسائل الإعلام الأجنبية المختلفة لدعم ما تسعى إليه مع نزلاء المدينة · طه حسيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©