الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العصابات الإجرامية في أفغانستان

العصابات الإجرامية في أفغانستان
24 مارس 2008 02:45
عندما اختطفت عصابة إجرامية في الأسبوع الماضي ابن أحد الأطباء المرموقين -يبلغ من العمر 12 عاماً- من شوارع مدينة ''حيرات'' الأفغانية، خرج سكان المدينة إلى الشوارع احتجاجاً على انعدام الأمن بعدما تكررت الاختطافات وطفح الكيل بالأهالي، وهكذا ترك الأطباء والممرضات وباقي موظفي القطاع الصحي وظائفهم للاحتجاج على ما يقولون إنه تقصير حكومي عن توفير الأمن ومعالجة مشكلة العصابات الإجرامية في المدينة، لكن الاحتجاج لم يقتصر على موظفي القطاع الصحي، إذ سرعان ما انضم إليهم التجار والقضاة، بالإضافة إلى أكبر نقابة في المدينة، وهو ما أدى إلى توقف 250 مصنعا عن العمل· جاء هذا الإضراب، الذي انتهى مطلع الأسبوع الحالي، ليبرز الاستياء الشعبي العام إزاء الجهود الحكومية لتوفير الأمن، كما جاء ليلقي الضوء على المدى الذي أصبحت فيه العصابات الإجرامية، وليس ''طالبان'' الخطر الأول الذي يتهدد المدن الرئيسية في أفغانستان· يعبر عن هذا الوضع ''أحمد قريشي'' -أحد سكان حيرات- قائلا: ''نحن نتردد في الخروج من المنزل، لأننا لا نعرف متى سيكون خروجنا المرة الأخيرة''، وتفيد تقديرات المسؤولين الحكوميين أن ما يقرب من مائة حادثة اختطاف تم تسجيلها في العام 2007 بالعاصمة الأفغانية ''كابول'' أغلبها نفذتها العصابات الإجرامية، هذه العصابات، التي تتميز بتنظيمها المحكم وسريتها العالية، تلجأ إلى اختطاف الأغنياء من رجال الأعمال والأطباء، وشخصيات أخرى بارزة مقابل الحصول على فدية· وتقوم تلك العصابات أيضا بتنظيم عمليات سرقة معقدة، وتهرب معها مئات الآلاف من الدولارات، وفي هذا الإطار يؤكد رئيس التحقيقات الجنائية في الشرطة الأفغانية الجنرال ''علي شاه باكتيوال'': أن هناك مجموعة من العصابات القوية والمنظمة، فضلا عن أخرى تعمل على نطاق ضيق وغير منظم تقوم بترويع السكان، وفيما يتعرض الأجانب بدورهم إلى الاختطاف والاعتداء، يبقى المواطنون الأفغان أكثر من يعاني عبث العصابات واعتداءاتها المتكررة· فقبل شهرين كان ''ميرزا كوندوزي'' -رجل الأعمال الذي يملك محلا للصرافة في سوق كابول المركزي- عائداً إلى بيته بعد عناء يوم عمل طويل، وفجأة اعترض سبيله ستة أشخاص مسلحين، يصف ''كوندوزي'' ما حدث له قائلا: ''كانوا يرتدون زياً عسكرياً، وقاموا بتعصيب عيني واقتادوني في سيارتهم إلى مكان مجهول''، ويبدو أن المختطفين أخذوه إلى منزل قريب، حيث تعرض للضرب عدة مرات، ويواصل ''كوندوزي'' حديثه بالقول: ''لقد طلبوا مني فدية كبيرة تصل إلى مليوني دولار، واستمروا في ضربي لأني رفضت دفع المبلغ، وظلت عيناي معصوبتين لسبعة أيام، وهي طيلة الفترة التي بقيت فيها محتجزاً لدى العصابة''· لكن في الأخير وافق المختطفون على مبلغ 40 ألف دولار وقاموا برمي ''كوندوزي'' على جانــب الطريق في وقت متأخر من الليل· وتتطابق محنة صاحب محل الصرافة الأفغاني مع تجربة المئات من المواطنين الذين تعرضوا لحوادث مماثلــــة، وهو ما يؤدي، حسب الخبراء، إلى هروب الكفاءات ورؤوس الأموال من البلاد· في هذا السياق أشارت إحدى المجموعات التجارية المحلية إلى تراجع استثمارات الشركات الخاصة بحوالي النصف خلال العام ،2007 هذا التراجع هو ما تؤكده أيضا وكالة دعم الاستثمار الأفغانية التي أفادت بأن ''استهداف الشركات ورجال الأعمال من قبل العصابات الإجرامية للحصول على المال كان له أثر فادح على معنويات القطاع الخاص، ومن ثم على حجم الاستثمار في أفغانستان، ويرجع البعض سبب تفاقم أنشطة العصابات إلى ارتفاع معدل البطالة بين الأفغان وانعدام فرص حقيقية أمام الشباب، ما يشكل أرضية خصبة لانتعاش العصابات الإجرامية، ويعبر عن ذلك ''هارون مير''، نائب مدير مركز البحوث والدراسات السياسية في أفغانستان قائلا: ''عندما حُل جيش المجاهدين قُذف بالعديد من أفراده إلى البطالة، وفي حالة الشباب الذين لا يتوفرون على عمل، ولا يرون أي أمل في المستقبل فإنهم قادرون على فعل أي شيء''· ويشك البعض في ضلوع شركات الأمن الخاصة المزدهرة في أفغانستان، التي توظف العديد من الجنود السابقين، في عمليات الاختطاف، وهو ما يؤكده الجنرال ''باكتيوال'' بقوله: ''لدينا أدلة تشير إلى تورط بعض شركات الأمن الخاصة في عمليات السرقة وتجارة المخدرات''· والأسوأ من ذلك هو ما يعتقده البعض من انخراط رجال الشرطة الأفغانية في أعمال غير قانونية، وبأنهم لا يمكن التعويل عليهم لحفظ الأمن وضمان الاستقرار، وفيما قادت أجواء انعدام الأمن في مدينة ''حيرات'' إلى خروج سكانها إلى الشارع احتجاجاً على تقصير الحكومة، قرر ''كوندوزي''، تولي الأمور بنفسه من خلال الحصول على ترخيص لحمل السلاح، ويوضح موقفه هذا قائلا: ''بعض رجال الشرطة لديهم يد فيما يحصل، أما الحكومة فهي لا تحمي أحداً، لذا أدركت بعد تعرضي للاختطاف أن السبيل الوحيد لحماية نفسي هو حمل السلاح''· أناند جوبال-أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©