الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديمقراطية والدعاية السلبية

24 مارس 2008 02:47
مهما قيل من تعليقات عن الحملة الإعلانية للمرشحة الرئاسية ''هيلاري كلينتون''، وانتقاداتها اللاذعة لمنافسها السناتور ''باراك أوباما''، فإنه يجب الاعتراف بحاجة الناخبين الماسة لمعرفة المرشحين بما يكفي، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار انتخابي صائب عند ذهابهم إلى صناديق الاقتراع، ولكي نعيد النظر في الاستهجان الذي يواجه به سلوك ''كلينتون''، فإن علينا أن نتساءل: هل هي مخطئة في تقصيها لسيرة ''أوباما'' خاصة انتقادها لضعف خبرته النسبية في شؤون السياسة الداخلية والخارجية، بسبب قصر فترة عمله السياسي نوعاً ما؟ وبالمثل هل يصح أن نخطئ ''أوباما'' على انتقاده لتأييد ''هيلاري'' المبكر لقرار شن الحرب على العراق؟ أم يحق لنا أن نلوم منافسهما الجمهوري السناتور ''جون ماكين'' بسبب تقصيه لسجل الاقتراع الليبرالي الخاص بـ''باراك أوباما''؟ وهل يحرم على ''أوباما'' أن ينتقد ''ماكين'' على عدم اهتمامه الشخصي بالقضايا الاقتصادية؟ فهذه هي نوعية الأسئلة التي يحتاج الناخبون لإجابات عنها قبل وصولهم إلى صناديق الاقتراع في المعركة النهائية الفاصلة التي سوف يختارون فيها رئيساً جديداً لهم· سواء شئنا أم أبينا، فإن هذه الإعلانات الهجومية، وما تثيره من سجال انتخابي، تعد مصدراً لا غنى عنه للحصول على الإجابات التي يحتاجها الناخبون، وبما أن الحملة الانتخابية تكشف عادة عن نقاط القوة والضعف لدى كل واحد من المرشحين، فكيف لنا أن ندرك نقاط الضعف هذه دون أن تناقش ويدور الحوار العام حولها؟ ولكي نكون أكثر أمانة وصراحة مع أنفسنا، فإن المشكلة ليست في الإعلانات الانتخابية الهجومية بحد ذاتها، وإنما في مواقف المعلقين والمراقبين الذين يرصدون التأثيرات المحتملة لهذه الإعلانات السلبية· هناك ثلاثة افتراضات عامة وشائعة الانتشار حول الدعاية الانتخابية السلبية هذه، أولها أن تزايد استخدام التلفزيون في هذه الحملات أسهم في جعلها أكثر سلبية، وثانيها تزايد الارتباط بين نشاط الجمهور ومواقفه من القضايا المثارة من جهة، والنشاط الإعلاني من جهة أخرى، أما الافتراض الثالث فيتلخص في الاعتقاد بضرورة إيجابية أي حوار عميق قائم على الحقائق والمعلومات، ولعل هذه الافتراضات تفسر تزايد حنين الخبراء لما يصفونه بالماضي الذهبي للانتخابات الأميركية، غير أنه ليس في تاريخ العملية الانتخابية الأميركية، ما يدعم الصورة المثالية هذه للعصور الذهبية المزعومة، طالما أن العملية الانتخابية لم تكن يوماً حالة إيجابية وخالية من أي انتقادات أو هجوم وهجوم مضاد، فعلى رغم زيادة حجم الدعاية الانتخابية التلفزيونية في أيامنا هذه، إلا أن دعاية اليوم، لم تبلغ قط من حيث رداءة ألفاظها وشراسة محتواها الهجومي، ما كانت عليه الدعاية الانتخابية في تلك العقود المبكرة من نمو التجربة الديمقراطية الأميركية· والأكثر أهمية، أنه لم يتأكد حتى الآن أي أدلة على التأثير السلبي لهذه الحملات الدعائية السلبية على آراء الناخبين، بل على العكس -كما تؤكد دراستنا الحالية- فقد تأكد أن للدعاية السلبية تأثيرها الإيجابي على الجمهور، من ناحية تثقيفه وتوعيته· ومن أحد الأسباب التي تعطي هذه القيمة الإيجابية للدعاية السلبية، أن الأخيرة أعمق محتوى وأكثر موضوعية من الدعاية الإيجابية، وتشير دراساتنا المتخصصة في هذا النوع من الدعاية الانتخابية، إلى أنه يركز أكثر على القضايا الانتخابية، ويتسم بدرجة أعلى من التحديد، فضلاً عن اعتماده على الحقائق أكثر مما تفعل الدعاية الإيجابية، ولما كانت الدعاية السلبية تسهم في الارتقاء بمستوى الاهتمام السياسي وزيادة ألفة الناخبين وتعودهم على المرشح، فإن من المرجح أن تعود على المرشحين بعدد أكبر من المؤيدين مما تفعل الدعاية الإيجابية، ويمكن القول إيجازاً إن الدعاية السلبية -وليست الإيجابية- هي الأكثر قدرة على استقطاب نشاط الجمهور الناخب الأميركي، وهو الأمر الذي تصبو إليه أي ممارسة ديمقراطية حقة في نهاية المطاف· غير أن هذا الدفاع عن الدعاية السلبية لا ينفي خلو ممارستنا السياسية من العلل وأشكال الضعف، التي يجب ألا تتحمل الدعاية السلبية المسؤولية عنها، والصحيح أن السلبية هي الرافد غير المحبذ لسياساتنا الديمقراطية· جون جي· جير - أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيندربلت كين جولدشتاين - أستاذ العلوم السياسية بجامعة ويسكونسن ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©