الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرطة الأفغانية... شكاوى وتجاوزات

8 فبراير 2011 20:25
على امتداد الحقول المغطاة بالثلوج التي تحيط بالقاعدة الصغيرة التي تضم القوات الأميركية الخاصة، يبدو أن حليفاً جديداً للقوات الأميركية على وشك الظهور إما ليلعب دوراً إيجابياً إلى جانب قادته الأميركيين، أو لإبراز الوجه القبيح لأفغانستان، ومضيفاً المزيد من التعقيدات الأمنية للوضع المعقد أصلاً، فرغم الشكوك التي تحيط بالمتمرد السابق، "نور الحق"، واحتقاره من قبل رئيس مجلس المحافظة الذي يعتبره "لصاً قاطع سبيل وخارج عن السيطرة"، فضلاً عن اعتراض قوات الشرطة الأفغانية عليه بسبب خطورته كمقاتل سابق وتعاطيه للمخدرات، إلا أنه بالنسبة للجيش الأميركي لا يعنيهم ماضي "نور الحق" في شيء بقدر ما يهمهم استعداده لمحاربة "طالبان"، حيث تم تعيينه في القرى والبلدات الخطرة شمال محافظة "باجلان" كقائد لقوات الشرطة المحلية المشكلة حديثاً ليشرف على مجموعة من الرجال المسلحين الذين تدعمهم القوات الأميركية بالسلاح والتدريب. هذه التجربة الأميركية الجديدة تمنح القرويين المنخرطين في القوات الجديدة بنادق رشاشة، وتخضعهم لتدريب يستمر ثلاثة أسابيع لمساعدتهم على حماية قراهم من هجمات "طالبان"، وتمثل التجربة التي سيتم استنساخها في جميع البلدات والقرى الأفغانية آخر محاولة ضمن الجهود الأميركية لاستحداث قوى معارضة حقيقية تتشكل من الناس العاديين لمواجهة التمرد في المناطق الريفية، لا سيما تلك التي تقل فيها أعداد القوات الأميركية ونظيرتها الأفغانية. وقد اعتبر تأمين موافقة الرئيس، الأفغاني، على الخطة الجديدة إحدى النجاحات المبكرة لبتراويس بعدما أفلح في تبديد المخاوف الأفغانية من تحول القوى الجديدة المسلحة إلى مليشيات أخرى تضاف إلى عشرات الجماعات المسلحة في البلاد المزعزعة لاستقرارها. وتضم قوات الشرطة المحلية الجديدة حوالي ثلاثة آلاف أفغاني موزعين على 14موقعاً على الأقل في سائر أنحاء البلاد، لكن المسؤولين في الجيش الأميركي يتوقعون تزايد أعدادها بعشر مرات بعد إنشاء ما بين 50 و70 مركزاً يغطون جميع التراب الأفغاني، وذلك قبل استئناف القتال مع حلول فصل الربيع، ولدعم هذه القوات المحلية ستصل إلى أفغانستان كتيبة من فرقة المشاة الأولى للجيش الأميركي في ترتيب غير مألوف داخل الجيش تعمل بموجبه الكتيبة تحت قيادة القوات الخاصة الأميركية الذين يتولون حالياً تنظيم قوات الشرطة الوليدة وتدريبها، ومع قدوم الكتيبة الأميركية الجديدة، فإنه يتوقع أن تتنامى أعداد الشرطة المحلية بعد إنشاء المزيد من المراكز. وفيما يؤكد المسؤولون في الجيش الأميركي أنه في بعض المناطق، وبخاصة في محافظة "أورزجان"، أبلى حرس القرى البلاء الحسن في الذود عن أحيائهم وصد هجمات "طالبان"، يظل مسؤولون آخرون متشككين في القدرة على إحكام السيطرة على الشرطة المحلية ومدى تقبلهم من الحكومة الأفغانية التي يُفترض أنها تتولى إدارتهم. والحقيقة أن ما يجري في محافظة "باجلان" التي يشرف فيها "نور الحق" على الأمن المحلي يثير بعض المخاوف المشروعة، فنور الحق ومعه رجاله السبعون اتُهموا أكثر من مرة بسرقة القرى وضرب الأهالي واقتحام البيوت خلال الليل، بل اعتقال الناس وحتى قتلهم لأسباب ذات صلة بالانتقام الشخصي. وفي هذا الإطار أيضاً، يقول أحد المسؤولين الأميركيين الذي رفض الكشف عن اسمه "إن التطورات في باجلان لم تسر على ما يرام، فالمفروض من قوات الحماية الجديدة أن تدافع عن الأهالي والقرى، لكن ما يحدث هو أنهم أقاموا نقاط تفتيش، وهي ممارسات تشبه إلى حد كبير ما تقوم به الميلشيات المعادية". وبتعزيز حضور ومكانة "نور الحق" وزملائه تكون القوات الخاصة الأميركية قد اختارت صفها وانحازت إلى طرف دون الآخر في الصراع القبلي المستحكم في أفغانستان الذي تغذيه شبكة معقدة من الخصومات والنزاعات القديمة. فهؤلاء البشتون الذين ينتمي إليهم "نور الحق" وجماعته لديهم أعداء داخل قراهم وفي أوساط الحكومة، لا سيما بين العرقيات الأخرى، لذا فإن قوتهم المتنامية التي يقف وراءها الأميركيون تهدد بتأجيج مشاعر عدائية تجاههم وإحياء الأحقاد القديمة. وفي هذا السياق يقول "نور العلم"، رئيس أحد المجالس المحلية التابعة للقرى المحافظة "ليس أمام الناس هناك سوى خيارين إما ترك المنطقة أو القتال". وكان نور العلم من الأعيان الذين وقعوا على رسالة موجهة إلى حاكم محافظة "باجلان" يدعونه فيها إلى تنحية "نور الحق"، رافضين أن "يكون محاربته لـ"طالبان" سبباً كافياً ليقوم بكل ما يريد في المنطقة دول حسيب أو رقيب". الأمر لا يقتصر فقط على سكان القرى الذين لا يخفون تحفظهم من قوات الأمن الجديدة، بل يمتد إلى عناصر القوات نفسها مثل "نزار جول" و"باراك" اللذين يعتبران نفسيهما أعداء لحركة "طالبان"، لكنهم أيضا يتخوفون من زملائهم بسبب الخلافات القبلية، "فنزار جول" على سبيل المثال الذي ينحدر من قبيلة "ستانكزاي" لا يريد لنور الحق أن يصبح قائدهم لأن هذا الأخير ينتسب إلى قبيلة منافسة. وفيما تتوثق العلاقة بين الشرطة المحلية التي تم تشكيلها حديثاً والجيش الأميركي الذي يسعى إلى تخفيف الأعباء الأمنية عن كاهله وتأهيل قوات قادرة على تسلم المسؤولية بعد انسحابه، تتزايد الشكاوى ضد بعض تلك القوات المتهمة بتجاوزات أثناء القيام بعملها، وهي الشكاوى التي وإن كان الجيش الأميركي يحقق فيها إلا أنه مايزال مصراً على إعطاء التجربة الجديدة فرصة للنجاح وإثبات جدارتها. جوشوا بارتلو أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©