الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ميكنة صناعة الملابس تكنولوجيا تفقر الدول النامية

ميكنة صناعة الملابس تكنولوجيا تفقر الدول النامية
24 فبراير 2018 01:45
في مصنع محمدي للموضة في العاصمة البنغالية دكا يقف عدد من العمال يراقبون 173 ماكينة ألمانية الصنع وهي تحيك الملابس التي ستصدر إلى الخارج، أما هؤلاء العمال فدورهم ينصب فقط على مد الماكينة بالمواد الخام، إضافة إلى القيام بعمليات التنظيف. منذ سنوات قليلة مضت، كان من المعتاد أن ترى في هذا المصنع مئات العمال وهم يقومون بعمليات الحياكة بأيديهم لمدة عشر ساعات متواصلة ولكن بعد أن اتجه مصنع المحمدي للحياكة الآلية بداية من العام 2012 حلت الماكينات محل العمال. وتقول روبانا حق المدير التنفيذي في مجموعة المحمدي حول التحول إلى الإنتاج الآلي «من غير المنطقي أن نبطئ عملية الإنتاج». وتضيف أن الماكينات الآلية حلت محل حوالي 500 عامل في المصنع، مشيرة إلى أن هناك نية لشراء المزيد من الآلات، وأوضحت روبانا، أن أصحاب المصانع في بنغلاديش يجدون في التحول إلى الآلات راحة بال من التهديد الذي يطلقه العمال والنقابات العمالية من احتمال القيام بإضراب عن العمل. ويعد ما يحدث في هذا المصنع مؤشراً على انه لم يعد هناك ضمان وظيفي للعمال في الدول النامية فالتحول إلى الصناعات الآلية بدأ بالفعل يغزو قطاع الصناعة والأعمال في بنجلاديش والصين وكمبوديا وغيرها. وبرغم هذا التحول إلا أن صناعة الملابس مازالت تحتاج إلى الأيدي العاملة المدربة فهي تختلف في طبيعتها عن صناعة السيارات أو الأجهزة الإلكترونية التي يمكن أن تحل الآلة محل العامل في جميع المراحل، كما أن وجود وفرة في الأيدي العاملة في مجال صناعة الملابس في دول مثل بنغلاديش وكمبوديا والصين يبطئ من عملية التحول الآلي بشكل كامل في تلك الصناعة. وبالنسبة لعدد من الدول الأكثر فقراً في العالم فإن الصادرات من الملابس تعد ركيزة أساسية لاقتصاد هذه الدول. وما يعزز التحول إلى الصناعة الآلية ارتفاع أجور العمال ليس فقط في الغرب، ولكن أيضاً في الدول النامية وذلك في الوقت الذي تشهد فيه الآلات تطوراً تقنياً يسمح لها بالقيام بأعمال دقيقة كانت في السابق حكراً على الإنسان فقط. ويقول ايريك براينيوليفسون مدير مبادرة الاقتصاد الرقمي في معهد ماساشوسيتس الأميركي، «أخشى على الدول النامية، فهي في قلب ثورة التحول إلى الصناعة الآلية»، وأضاف أن الآلات تجيد تماماً صناعة المنتجات المتطابقة وهو الأمر الذي كان في السابق حكرا على العمال من الدول الفقيرة. وفي الوقت ذاته، أشار براينيوليفسون، أن معظم الوظائف في المستقبل ستتطلب عمالاً من ذوي المهارات المميزة وهذا لن يتوافر في الدول النامية ولكنه سيفتح المجال لمزيد من العمال من الدول المتقدمة. وطبقاً لتقدير الخبراء فإن بنجلاديش تحتاج سنوياً حوالي مليوني وظيفة جديدة لاستيعاب أعداد طالبي الوظائف حيث تعد صناعة الملابس اكبر قطاع يفتح أبوابة للعمال، وكانت منظمة العمل الدولية قد حذرت في تقرير لها عام 2016 من أن 80? من عمال الغزل والنسيج وصناعة الملابس الجاهزة في بعض الدول الآسيوية سيفقدون عملهم بسبب انتشار الميكنة الصناعية في هذا القطاع. محمد عبد الحليم البالغ من العمر 41 عاماً احد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في بنغلاديش بسبب اللجوء إلى الآلات لصناعة الملابس «امضيت سنوات عديدة اعمل في احد المصانع التي تنتج الملابس حتى فقدت عملي في 2017 عندما اشترى أصحاب المصنع آلات حديثة، حاولت بعد ذلك العثور على عمل في نفس المجال ولكني لم افلح واعمل الآن سائقا». وبرغم أن تحول صناعة الملابس من صناعة يدوية إلى آلية يضر كثيراً بدول آسيوية نامية إلا انه في المقابل يعد تحولاً إيجابياً للدول الغنية مثل الولايات المتحدة، فاستخدام الآلات لصناعة الملابس يبقى على أسعارها منخفضة خاصة في أنواع الملابس التي تشهد حركة بيع سريعة مثل الجينز والملابس الرياضية. كما قد تشهد دول مثل الولايات المتحدة ازدهاراً في صناعة الملابس مرة أخرى حيث كانت العديد من المصانع هناك قد نقلت نشاطها إلى دول مثل تايوان ودول آسيوية أخرى بسبب ارتفاع الأجور بالنسبة للعمال الأميركيين مقارنة بالأجور في الدول النامية وبالتالي الانتقال إلى تلك الصناعة آلياً سيوفر الكثير من الأموال ويسمح بافتتاح مصانع جديدة داخل الولايات المتحدة.وقد شيدت شركة اديداس الألمانية الشهيرة للملابس والأدوات الرياضية مصنعين لإنتاج الأحذية الرياضية احدهما في ألمانيا والثاني بالقرب من اتلانتا بالولايات المتحدة يعمل المصنعان آلياً بشكل شبه تام وذلك بدلاً من اللجوء لدول آسيوية ذات العمالة الأقل أجراً. ربما هناك حل وحيد لإخراج دول مثل بنغلاديش من دائرة الخطر بسبب انتشار الآلات مقابل الأيدي العاملة في صناعة أساسية وحيوية بالنسبة لاقتصاد تلك الدول وهي صناعة الملابس وربما كان البحث عن صناعات أخرى تستوعب الأعداد الكبيرة من الباحثين عن العمل هو الملاذ إلا انه سيظل هنا دائماً خطر اتجاه أي صناعة إلى الآلة لما توفره لأصحاب الأعمال من أموال. 240 ألف وظيفة تهبط في «الغزل والنسيج» في 7 سنوات طبقاً للأرقام الرسمية للبنك الدولي، فإن عدد الوظائف الجديدة في قطاع الغزل والنسيج في العالم قد هبطت إلى 60 ألف وظيفة فقط في العام، مقابل 300 ألف وظيفة سنوياً بين عامي 2003 و2010، وذلك بسبب غزو الآلات الحديث لتلك الصناعة التقليدية التي كانت تضمن العمل لقطاعات عريضة تعاني الفقر في العديد من الدول النامية في آسيا. وأشار البنك الدولي إلى أن صناعة النسيج في بنجلاديش تضاعفت ثلاث مرات خلال عشر سنوات وحتى 2010، مما قلص كثيراً أعداد الأسر التي تعيش في فقر مدقع، خاصة من بين السيدات اللاتي انتقلن إلى المدن من المناطق الريفية وكن يرسلن جزءاً من أجورهن لذويهن مما ساعد في ازدهار قرى كانت تعاني الفقر. وفي الوقت ذاته، أشارت الأرقام الرسمية للحكومة البنجالية، إلى أن حجم صادرات بنجلاديش من الملابس قد زاد بين عامي 2013 و2016 بنسبة تصل لحوالي 19.5% في حين زادت الوظائف خلال الفترة نفسها بنسبة 4.5% فقط. قنابل اجتماعية موقوتة حول الآثار السلبية لغزو الميكنة الآلية مجال الغزل والنسيج على حساب الأيدي العاملة، قال زاهد حسين الخبير الاقتصادي في البنك الدولي: «إذا لم نتمكن من احتواء الشباب في أنشطة إنتاجية، فقد يتجهون لتمضية أوقاتهم في أمور أخرى لن تكون بالضرورة مقبولة اجتماعياً، قد يصبحون قنابل اجتماعية موقوتة». ومن ناحية أخرى، قالت ناظمة أكتر الزعيمة في اتحاد لعمال النسيج في بنجلاديش، إن الميكنة الآلية جعلت أصحاب المصانع لا يمتثلون لطلبات العمال، بل يهددون بتقليص الوظائف واستبدال العمال بماكينات تعمل آلياً. وأضافت أن المصانع التي كانت تعمل بجهود 300 عامل أصبحت الآن تعمل بمائة عامل فقط. ويقول أصحاب الأعمال في قطاع صناعة الملابس في بنجلاديش أنهم قد يضطرون إلى التحول للآلة بدلاً من الأيدي العاملة لمحاولة تقليص المصروفات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©