الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميركل تحقق أكبر شعبية لمستشار في تاريخ ألمانيا

ميركل تحقق أكبر شعبية لمستشار في تاريخ ألمانيا
13 سبتمبر 2007 00:19
يبدو أن المستشارة الألمانية ''أنجيلا ميركل'' أدركت بأنه من الأنسب لها إتباع الطريق الأخضر والتركيز على قضايا البيئة التي باتت تحظى بأهمية كبيرة لدى الرأي العام· ولهذا فقد آثرت الابتعاد عن خوض معركة إعادة الهيكلة الاقتصادية في البلاد التي دافعت عنها بشدة خلال حملتها الانتخابية قبل سنتين، خاصة وأن هذا كان سيجر عليها صراعا سياسيا مع باقي الأطراف المشاركة في الائتلاف الحكومي· كما آثرت تفويض وزير داخليتها ''ولوفونج شوبل'' للتعامل مع تنامي الشكوك حول وجود مخطط إرهابي يستهدف ألمانيا، مفضلة البقاء في الخلفية بعيدا عن الأضواء· وبعيدا عن هذا كله شوهدت خلال الشهور الأخيرة وهي تتفقد الكتل الجليدية في ''جرينلاند''، وداعية في مؤتمر عقد بمدينة ''كيوتو'' اليابانية، إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة الاحتباس الحراري· يشبّه المراقبون ما يجري في ألمانيا، بتحول الرئيس الأميركي الأسبق ''رونالد ريجان'' المعروف بسياسته الليبرالية في الاقتصاد إلى ''آل جور'' المدافع عن قضايا البيئة بعد انتخابه رئيسا للبلاد· لكن مع ذلك لاقى هذا التحول في خطاب ''أنجيلا ميركل'' استحساناً من الشارع الألماني، وانعكس إيجاباً على نتائج استطلاعات الرأي التي ما فتئت تؤكد الشعبية الكبيرة التي تحظى بها المستشارة الألمانية، وهي نسبة تعد الأكبر التي يحققها مستشار ألماني منذ الحرب العالمية الثانيـــة· ويفسر ''جوزيف جوف'' -ناشر ومحرر المجلة الأسبوعية ''دي زيت''- هذه الشعبية التي تحظى بها المستشارة الألمانية، قائلا ''لقد تعلمت ميركل الدرس جيداً، فلا مجال لتلك الأحاديث عن الليبرالية الجديدة، ولا مجال للصراع مجدداً واستحضار التغيير''· ويبدو أن الألمان أيضاً راضون عن أداء الفيزيائية ''ميركل'' التي تحولت إلى سياسية ونجحت في نيل إعجابهم· مع أنها تفتقد لذلك التوهج الذي يمتاز به نظيرها الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' بعد أن خطف الأضواء على الساحة الدولية عبر أنشطته المكثفة لما بعد الانتخابات، إلا أن ذلك لا يزعج الألمانيين كما أنه لم ينعكس سلباً على شعبيتها الداخلية· وفي هذا الصدد يقول أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة برلين ''بول نوتل'': بأن ميركل فهمت بأنه ''ليس من الضروري تلطيخ يدها في القضايا ذات الحساسية الكبيرة في ألمانيا مثل الإرهاب ومراقبة المكالمات وغيرها''· والواقع أن المستشارة الألمانية أبانت عن غريزة سياسية عالية، رغم الفترة القصيرة نسبياً التي قضتها على رأس السلطة· ويرجع ذلك ربما إلى الوضعية السياسية الصعبة التي اضطرت إلى مواجهتها عقب فوزها في الانتخابات· فبعد توقعات بتحقيق فوز ساحق على منافسيها وتصدرها المرتبة الأولى بفارق 17 نقطة لم تحصل ميركل في المحصلة النهائية سوى على هامش ربح ضئيل، حملها الى الدخول في تحالف حكومي مع خصومها التاريخيين، وتشكيل ائتلاف يضم وسط اليمين ممثلا في الحزب المسيحي الديمقراطي، ووسط اليسار ممثلا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولذلك فقد أكد جميع المراقبين السياسيين في ذلك اليوم أن الإصلاحات المنتظرة لقوانين التوظيف والنظام الصحي والمعاشات لم يحن وقتها بعد· ويوضح الوضع السياسي القائم في ألمانيا حالياً ''جون كورنلوم''، السفير الأميركي السابق في برلين قائلا ''إنهم لا يتوفرون على توازن سياسي كما يتصور بعضهم، بل على شلل سياسي يريدونه أن يستمر''· فحسب المحللين المحليين لا يتطلع الشعب الألماني إلى القيام بإصلاحات جوهرية تطال القطاعات الحساسة، بل يفضلون ترك الدولة تتولى رعايتهم وتدبير شؤون حياتهم من الحضانة إلى التقاعد· ويؤكد هذا الطرح ''رينهارد شلينكيرت''، رئيس مؤسسة ''ديماب'' المتخصصة في قياس الرأي العام قائلا: ''ربما لا يوافق حزب ميركل على السياسة الاقتصادية الحالية، لكننا عندما نسأل الناس، فإن الأغلبية تعبر عن رغبتها في الاحتفاظ بأسلوب حياة اشتراكي، لأنهم لم يتعودوا خلال العشرين، أو الثلاثين السنة الأخيرة على تحمل مسؤولياتهم بأنفسهم بعيداً عن الدولة''· واللافت أن ''ميركل'' وظفت عجزها في مباشرة إصلاحات جوهرية وإحلال التغيير، بسبب التشكيلة السياسية المتنوعة للحكومة، لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه وتجنب الدخول في صراع سياسي والمحافظة على شعبيتها· وقد جاء صعود موضوع الاحتباس الحراري على الساحة الدولية والتقاطه من قبل السياسيين ليزيد من دعم موقف أنجيلا ميركل باعتبارها ذات خلفية علمية قادرة على التعاطي مع الموضوع وفهمه، وأيضا بسبب تجربتها السياسية في المجال عندما كانت وزيرة للبيئة بين عامي 1994 و،1998 فضلا عن ترؤسها للوفد الألماني أثناء مفاوضات بروتوكول ''كيوتو''· لكن ميركل استفادت أيضاً من انتعاش الاقتصاد الألماني الذي حقق معدل نمو بلغ 2,9% خلال السنة الماضية· ومع أن النسبة لا تضاهي ما يحققه الاقتصاد الصيني، أو الهندي، إلا أنه في بلد لم يتجاوز نموه الاقتصادي 1,2% طيلة الخمس سنوات الأخيرة، تعد نسبة 2,9 % إنجازاً حقيقياً· والأهم من ذلك بالنسبة للشعور الوطني العام، هو تحسن سوق العمل بعد تراجع معدل البطالة إلى نسبة 9% مقارنة مع 12% خلال ·2005 لقد أعلنت ''ميركل'' قبل استئناف البرلمان الألماني لأعماله ودخوله من العطلة الصيفية، أن هدفها هو تحقيق كل ما هو ''قابل للإنجاز'' في نبرة طغى عليها الجانب البراجماتي· وتظهر جميع استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً معدل شعبية مرتفعا تحظى به ''ميركل'' يصل إلى أكثر من 70 بالمائة، كما تظهر تلك الاستطلاعات أنها تتقدم على غريمها الرئيسي ''كورت بيك'' من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بحوالي 42 نقطة! مراسل نيويورك تايمز في ألمانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©