الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قول على قول

13 سبتمبر 2007 01:01
قيل إن الرشيد نظر من مُستَشْرف له على قصره فرأى ولده المأمون وهو صغير يكتب على حائط، فدعا الرشيد خادمه وأمره أن ينطلق حتى ينظر ما يكتب المأمون على ألا يتنبه له المأمون، فتوجه الخادم خلسة فرآه، كتب بيتاً من الشعر ووقف يتفكر فحفظ البيت وعاد إلى الرشيد فأخبره بالبيت وهو: قل لابن حمزة ما ترى في زيرياجٍ مُحكمة والزيرياج نوع من الطعام، فقال الرشيد لخادمه: اذهب إلى المأمون واسأله عما يكتب، فسيقول لك إني كتبت بيتا ومتحير في التتميم، فتصنع التفكر ثم قل له فتمم فقل: قال ابن حمزة يا بنيَّ هزلتَ مُجترئاً فَمَهْ· ففعل ذلك الخادم، فتفكر المأمون ثم قال له: لولا أنك مأمور ما نجوت من يدي· فلما علم الرشيد هذا الجواب عجب· وابن حمزة هو علي الكسائي عالم اللغة المعروف، كان أستاذ المأمون والأمين، وعرض عليه الأمر وقال له كيف علم المأمون أن الخادم مأمور؟ قال من قوله ''هزلت مجترئاً فمه'' إذ لا يستطيع الخادم أن يخاطبه بهذه اللهجة إلا إذا كان مأموراً بقول ذلك ممن يملك أن يقوله للمأمون· مباراة شعرية روى ابن شرف القيرواني في (أبكار الأفكار) أنه اجتمع يوما مع ابن رشيق عند المعز بن باديس فقال لنا أحب أن يصنع كل منكما أبياتاً في وصف الموز من قافية الغين، فقال ابن شرف القيرواني: يا حبذا الموز وإسعاده من قبل أن يمضغه الماضغ لان إلى أن لا مجس له فالفم ملآن به فارغ سيان قلنا مأكل طيبة فيه وإلا مشرب سائغ وقال ابن رشيق: موز سريع أكله من قبل مضغ الماضغ مأكلة لآكل ومشرب لسائغ فالفم من لين به ملآن مثل فارغ يخال وهو بالغ للحلق غير بالغ فاندهش الجميع لاتفاق المعنى رغم عدم اطلاع كل واحد على ما نظم الآخر· فقال المعز بن باديس إذاً ليصنع كل منكما شعرا آخر من القافية الذالية، فقال ابن شرف: هل لك في موز إذا ذقناه قلنا حبذا فيه شراب وغذا يريك كالماء القذى لو مات من تلذذا به لقيل ذا بذا وكتب ابن رشيق: لله موز لذيذ يعيذه المستعيذ فواكه وشراب به يُداوي الوقيذ ترى القيء العين فيه كما يريها النبيذ فعجب الحاضرون وقالوا لسنا ندري مِمَّ نتعجب أمن صعوبة القافية أم من سرعة البديهة أم من اتفاق المعاني!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©