الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أكاديمية نيويورك للسينما تحول أبوظبي إلى منارة إشعاع فني

أكاديمية نيويورك للسينما تحول أبوظبي إلى منارة إشعاع فني
24 مارس 2008 04:01
يشد الناس الرحال إلى أبوظبي سعيا وراء الرزق أو للسياحة والآن يأتي بعضهم لطلب العلم ··· جاك ايليوت أحد هؤلاء· لقد قرر أن يدرس السينما· وكانت أمامه خيارات جذابة، تشمل نيويورك، هوليوود، لندن، فلورنسا ومدناً غربية أخرى· لكن عندما انضمت أبوظبي إلى القائمة اختارها فوراً مع أنها تبعد عن منزل أسرته في ولاية أيوا بالوسط الغربي الأميركي أكثر من ثلاثة آلاف ميل، أي أربعة أمثال المسافة بينه وبين هوليوود معقل صناعة السينما العالمية· يقول ايليوت: ''سوق السينما في أميركا في حال تشبع بينما الأمر هنا جديد· اعتقد انه في غضون عامين ستظهر في أبوظبي صناعة سينما مهمة هنا فرصتي أكبر·'' وبقراره هذا الذي فأجأ والديه، انضم ايليوت إلى نحو 28 طالباً يدرسون الآن في أكاديمية نيويورك أبوظبي للفيلم، أول معهد من نوعه في الشرق الأوسط لتدريس الفن السابع· بدأت الأكاديمية نشاطها في فبراير الماضي كثمرة لاتفاق أبرمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مع أكاديمية نيويورك للفيلم بغية ''جعل أبوظبي مركزاً قيادياً لتعليم السينما وتطوير صناعة الفن السابع في الشرق الأوسط''· وتعادل أكاديمية نيويورك للفيلم في صناعة السينما متحف اللوفر في عالم المتاحف· لذلك اختارتها أبوظبي، ضمن شراكات دولية واعدة أبرمتها العام الماضي، فيما تسعى للتحول إلى منارة الثقافة في المنطقة· المشروع الوطني جون سامون مدير أكاديمية نيويورك أبوظبي للسينما يدرك جيداً أن الثقافة هي المشروع الوطني لأبوظبي في الوقت الحاضر· من ثم فإنه يشعر بأن أمامه تحدياً كبيراً لكنه ''يحب التجارب الجديدة المختلفة·'' وفي مقابلة بمكتبه في الأكاديمية مع ''الاتحاد'' تعهد بأن تبذل الأكاديمية قصارى جهدها من أجل ''المساعدة في تحقيق طموح أبوظبي لأن تكون قاعدة لصناعة سينما عربية ودولية كبيرة ذات شأن لأن السينما لغة عالمية يفهمها الجميع بصرف النظر عن اختلاف الثقافات''· حرفيات السينما تقوم فكرة الدراسة في الأكاديمية على تعليم الطالب كل حرفيات العمل السينمائي من إخراج وتصوير وسيناريو ورسوم متحركة ثلاثية الأبعاد ومونتاج· ويتلقى الطالب في قاعات سميت بأسماء كبار مخرجي هوليوود مثل ستيفن سبيلبيرج والفريد هيتشكوك، تلك العلوم ضمن مناهج دراسية مرنة تتراوح مدتها بين شهر و24 شهراً برسوم تصل إلى 17 ألف دولار للفصل الدراسي الواحد· وهي المناهج نفسها التي يدرسها الطلبة في مختلف فروع أكاديمية نيويورك للفيلم التي استطاعت رغم حداثة عمرها أن ترسخ نفسها كواحدة من أهم معاهد تخريج أجيال سينمائية متميزة، حتى أنها صارت، منذ تأسيسها عام ،1992 مقصد أبناء نجوم هوليوود الراغبين في السير على درب آبائهم· فروع المؤسسة و للأكاديمية فروع عدة في باريس وفلورنسا وجامعة هارفارد ودبلن، وعدة مدن غربية أخرى، إلا انها للدراسة في فصل الصيف فقط· يقول سامون (31 عاماً) '' فرع أبوظبي هو الأول خارج الولايات المتحدة الذي يقدم برنامجاً متكاملاً يمتد لعامين، وهو الثالث على مستوى العالم بعد نيويورك وهوليوود·'' ويتابع سامون فيما تحيط به أفيشات مجموعة من أشهر أفلام هوليوود: ''نريد إطلاق قاعدة جديدة للخريجين في عالم السينما والتلفزيون· أبوظبي الآن بالنسبة لصناعة السينما في المنطقة، مثل هوليوود في الخمسينات، عندما قررت أن تخترع نفسها من جديد· فأقامت معاهد علمية لدراسة السينما تخرج منها أسماء كبيرة مثل سبلبيرج وكوبولا وسكورسيزي·'' وبلهجة منتج واثق من قدراته يؤكد ''خلال عامين ستكون هناك وظائف كثيرة تحتاج الى خريجين· والأكاديمية تعد تلك الكوادر·'' البداية البداية الحقيقية للدراسة في الأكاديمية ستكون في سبتمبر المقبل حيث يتوقع أن يصل عدد الطلاب إلى نحو 150 طالباً وربما 400 طالب، بعد تلقي كثير من الطلبات من دول عدة بينها بعض دول الخليج مثل السعودية والكويت· أما الآن فإن الطلاب الـ 28 يدرسون منهجاً عاماً عن الإخراج على فترتين، صباحاً ومساءً· وهم خليط من مختلف الجنسيات· ربعهم مواطنون بينهم خمس فتيات· والباقي من لبنان والأردن وأميركا وفرنسا وجورجيا· ''إنه تنوع مثير لن تجده حتى في المقر الرئيسي بنيويورك· هل تتخيل ذلك؟ ''هذا ما قاله مدرس الإضاءة انريكو مايور الأميركي من أصل إيطالي، فيما كان يضبط إحدى كاميراته لتصوير لقطات تحت نور الشمس الساطعة في كبد السماء، عند مدخل الأكاديمية· ويضيف بنبرة دهشة، قائلاً عن طلبته ''إنهم متحمسون للغاية· بعضهم لديه خلفية وبعضهم الآخر مبتدئ· لكنهم أكثر اهتماماً بالسينما من طلاب درست لهم في فرع الأكاديمية بإيطاليا مثلاً· لديهم حساسية عالية ورغبة جادة في التعلم· انهم مذهلون·'' الكاميرا تقوم العملية التعليمية في الأكاديمية على أسس نظرية التعلم بالممارسة، حيث يسمح للطلاب منذ الفترة الأولى باستخدام الكاميرا، إذ يتعين عليهم تصوير ثمانية أفلام قصيرة في الفصل الدراسي الواحد· وربما هذا ما أفاد الشاب المواطن سمير عبيدي الذي يعتبر أول خريج من الأكاديمية، بعدما أنهى بنجاح برنامج الأربعة أسابيع· يقول سمير، وهو بالمناسبة طبيب نفسي في مستشفى خليفة، ''تعلمت أشياء كثيرة للغاية رغم قصر مدة الدراسة''· ويتابع ''نعم أنا طبيب نفسي لكني أهوى التمثيل· طبعاً فترة الأربعة أسابيع ليست كافية لكني أخذت خلالها الأساسيات وقمت بتصوير فيديو كليب· كنت أحب أن أدرس برنامج السنة الكاملة لكن ظروف عملي لا تسمح، ربما انضم للدراسة المسائية بعد انتهاء دوامي في المستشفى·'' وتمثل السينما أحدث قطاعات الفنون التي تسعى أبوظبي إلى توطيد أركانها في الإمارة، مع علامات بارزة أخرى مثل اللوفر ومشروعات جزيرة السعديات، لدعم مشروعها الثقافي والحضاري في المنطقة· النقاد غير أن ثمة رأياً تردد في أوساط نقاد عرب ''على هامش مهرجان السينما'' الذي استضافته أبوظبي في أكتوبر الماضي- يشير إلى تحديات ربما تواجه انطلاق صناعة سينما مزدهرة من منطقة الخليج، تتعلق بالقيم الاجتماعية السائدة· يرد مدير أكاديمية نيويورك أبوظبي قائلاً: ''بعض أفضل الأفلام الأميركية صنعت في فترة كانت تعرف باسم ''Code Era'' بين عامي 1930 و1953 · إبان صعود نفوذ المحافظين· وكانت الرقابة شديدة على الأفلام·'' وأضاف ''لكن ذلك أشعل خيال السينمائيين وحفز قدراتهم الإبداعية من أجل صناعة أفلام مميزة ببعض الخيال والتحايل على الرقابة· بما يعني أن كون المجتمع محافظاً فربما يمثل ذلك نقطة ومصدر قوة لصناعة السينما·'' بهذه الروح المتفائلة تتعامل الأكاديمية الأم في نيويورك مع فرعها في أبوظبي· وهى تقول في موقعها على الانترنت: ''سيكون الطلبة في أبوظبي جزءاً من نهضة ثقافية شاملة· إنها مزيج من سحر العالم القديم والتطور الكوزمولبيتاني في بيئة آمنة ونظيفة·'' هل هذا هو ما أغرى شاب يافع مثل جاك إيليوت لم يتجاوز عمره العشرين للقدوم إلى منطقة لم يزرها أبداً في حياته، وحذره والداه من العيش فيها ؟! يجيب ايليوت بنبرة عميقة تليق بممثل مسرحي مخضرم ''أعرف أن الصورة السائدة عن المنطقة ليست إيجابية، لكني وجدت الأمر مختلفاً تماماً· أشعر هنا في أبوظبي بالأمان أكثر مما يمكن أن أشعر به في نيويورك· الناس هنا ودودون للغاية'' ويقوم ايليوت الآن بتصوير فيلم قصير، كتب قصته،عن صديقين يضلان طريقهما في الصحراء، فتتحول رحلتهما إلى اختبار صعب لأواصر الصداقة بينهما· وهذا واحد من الأفلام الثمانية التي يتعين على ايليوت وباقي الطلاب تصويرها خلال فترة الدراسة في برنامج العام الكامل بما يتوافق مع منهج الأكاديمية التي ترفع شعار التعلم بالممارسة· أي إتاحة الفرصة للطلاب منذ بدايات الدراسة بالتعامل مع الكاميرا وكل حرفيات العمل السينمائي من كتابة سيناريو ومونتاج وإنتاج وإخـــراج· ومثلما استهلم ايليوت أول عمل دراسي له من أجواء أبوظبي، فربما تتحول المدينة مستقبلاً إلى موضوع لأفلام سينمائية كبرى، تعرض في شتى دول العالم بما يعكس سحر الإمارة ووجهها المشرق·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©