الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زواج العربيّات... في غير قبائلهنّ...

زواج العربيّات... في غير قبائلهنّ...
15 ابريل 2009 23:33
للناس في نظرتهم إلى المرأة العربيّة، فيما قبل ظهور الإسلام، مذهبانِ اِثنان: أحدُهما أنّها كانت مضطهَدةً مقمُوعة، ومُحتَقَرَة مقهورة. ومذهبٌ آخرُ يرى أنّها كانت على غير ذلك شأناً، فقد كانت تتمتّع بحريّة عريضة في تقرير أمرها، والتصرّف في مالها الذي ترِثه عن أبيها، أو تكتسبه من مَهرها، أو تناله من تجارة تتاجر فيها، فكانت هي التي تختار شريك حياتها، ولم يكن والداها يفرضان عليها في ذلك من الرجال أحداً. والحكَمُ الْتُرْضَى حكومتُهُ في ذلك ما بلغَنا من نصوص أدبيّة تُثْبت الأمريْن جميعاً؛ فأمّا أنّها كانت لا تكاد تملك من أمرها شيئاً فتُثْبته نصوص شعريّة وقعْنا عليها في أُمَّاتِ التراث منها أنّ امرأة عربيّة، من بني عامر بن صعصعة، زُوِّجتْ في قومٍ من طيئ، فاستوحشت الْمُقام بينهم، وهم أهل زوجها، فاشتكتْ متباكيةً متحسّرة إذْ زُوِّجتْ في غير قومها كالْمُرْغَمة على ذلك: لا تحمَدَنّ، الدّهرَ، أختٌ أخاً لها ولا تَرْثِيَنَّ، الدّهرَ، بِنتٌ لوالِدِ همُ جعلُوها حيثُ ليستْ بحُرّةٍ وهمْ طرَحوها في الأَقاصِي الأباعِدِ ويبدو أنّ النساء العربيّات كنّ يستوحشن كثيراً حين يُزوَّجْن في الأباعد، فتنقطع صلتُهنّ بأهلهنّ، وبالأمكنة التي كنّ يعِشن فيها على عهد الصِّبا، وذلك لصعوبة المواصلات، وانقطاع أخبار الأهل عنهنّ، فقد قالت امرأة يمنيّة أخرى من العُرْف الأعلى، وقد زوّجها أبوها رجلاً من اليمامة، فذكرت مسقطَ رأسها، فحنّت إليه حنيناً عارماًً، فقالت: يا حبّذا العُرفُ الأعلى وساكنُهُ وما تضمّن من قُربٍ وجيـرانِ لولا مخافةُ ربّي أن يعذّبَني لقد دعوتُ على الشيخِ ابنِ حيّانِ فاقْرَ السلامَ على الأعرافِ مجتهِداً إذا تأطَّمَ دوني بابُ سِيدانِ (وابن حيان: أبوها. وسِيدان: بعلها. وتأطّم البابُ: صرّ، أي صوّتَ). فهذه المرأة تنقِم من أبيها الذي لم يرعَوِ في طرْحها في الغرباء من القوم، وفي الأقاصي الأباعد من الأوطان التي لم يَطِب لها فيها العيشُ الرغيد، فبكتْ جَدَّها العاثر... وأمّا أنّها كانت تملك نفسَها، وتتحكّم في أمرها، لدى إرادة الزواج فكانت هي التي تختار شريك حياتها، فيُثبته أيضاً نصوص أدبيّة كثيرة منبثّةٌ في الأمَّهات منها هذان النصّان، فقد ورد أنّ رجلاً جاء خاطباً فكان له بنتان، وكان الخاطب متزوّجاً فرفضت الكبرى أن تتزوجه وهي تقول لأبيها: لا أريده! يوم عِتاب، ويوم اكْتِئاب، وقد يبلَى فيما بين ذلك الشباب! فقالت الصغرى: أنا أتزوّجه! فقال لها الوالد: أو على ما سمعتِ من أختك؟ قالت: نعم! يومٌ تزيُّن، ويوم تسَمُّن، وقد تَقَِرُّ فيما بين ذلك الأعيُن! وأمّا النّص الآخر فمرتبط بأشهر شاعرة عربيّة وهي تماضر بنت عمرو الخنساء، حين رفضت الزواج من دُريد بن الصِّمَّة، وقد كان شيخاً، حين خطبها إلى أخيها معاويةَ، قائلةً: «أتَروْنَني تاركةً بني عمّي كأنّهم عَوَالي الرِّماح، ومُرْتَثَّةً شيخَ بني جُشَم»!؟ تريد أنّه كان ضعيفاً كالمحمول من المعركة جريحاً، وذلك لكبر سنّه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©