من لطائف الفقه

من القواعد الفقهية التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وتهم المسلم والتي من خلالها تستنبط الأحكام الشرعية المليئة بالحكايات الطريفة قاعدة ''اليقين لا يزول بالشك''· ويقول الدكتور محمد الدسوقي -أستاذ الفقه بجامعة القاهرة: إن اليقين هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع· والشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر· وعلى هذا يكون معنى القاعدة أنه إذا ثبت أمر من الأمور ثبوتا متيقنا لا يرتفع بمجرد طروء الشك عليه، لأن الأمر اليقيني لا يعقل أن يزيله ما هو أضعف منه· وهذه القاعدة من أمهات القواعد التي عليها تدار الأحكام الفقهية، حتى قيل إنها تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها من عبادات ومعاملات تبلغ ثلاثة أرباع الفقه· ويدل على صحة هذه القاعدة قول الله تعالى في سورة يونس (وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئا) (يونس: 36)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ''إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو في صلاته فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى أنه أحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا''· وعن لطائف هذه القاعدة يقول الدكتور الدسوقي: تفرع من هذه القاعدة كثير من الفروع الفقهية وبها كثير من اللطائف، منها لو غاب انسان غيبة منقطعة بحيث لا يعلم موته ولا حياته فإن المعتبر هنا اليقين السابق وهو حياته الى أن يُعلم موته بالبينة أو بموت جميع أقرانه وإن كان احتمال موته قائما في كل لحظة فلا يجوز قسمة ماله على الورثة إلا بعد التأكد من موته· ومن لطائف هذا الحكم أيضا انه لو كان مع شخص ماء وتردد في مخالطة النجاسة له فلا عبرة لهذا التردد والماء باق على طهوريته، فله أن يتوضأ منه ويشربه حتى يتيقن من مخالطة النجاسة له، وكذلك من يتيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر، ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث· ومن لطائف هذه القاعدة ايضا لو ادعت المرأة عدم وصول النفقة والكسوة اليها في مدة طويلة وادعى الزوج خلاف ذلك فقول المرأة هو المعتبر لأن الأصل بقاؤهما في ذمته وهما ثابتان بيقين فلا يرتفعان إلا بيقين·