الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشكيل إسلامي برؤية خاصة

تشكيل إسلامي برؤية خاصة
14 سبتمبر 2007 01:16
يمثل العالم الفني للفنان التشكيلي عوض الشيمي مناخا خاصا ومتفردا ومختلفا، فهو يوظف الملابس والزخارف والموتيفات الاسلامية بكافة عناصرها في لوحاته كشكل، إلا أن مضمون العمل الذي يتضافر مع هذا الشكل غريب ومتميز، لأنه مستوحى من موضوعات تعود الى زمن المماليك، فالجارية والمحاربون المماليك والنوافذ الاسلامية أبطال أعماله الفنية، حيث يمزج بين الأشكال الهندسية للوحدات الاسلامية وبين الأشكال العضوية التي يستوحيها من عصور المماليك برؤية خاصة، ليؤكد هدفه وهو أن هناك فنونا اسلامية راقية إذا أعيد توظيفها واستيعابها وتطويرها فستصبح واحدة من الفنون التشكيلية الراقية والمتميزة في العصر الحديث، خاصة اذا كان الفنان مستمتعا بالتجربة الفنية التي يقدمها وهو ما يفعله منذ ثلاثة عقود د·عوض الشيمي رئيس قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة· وتبدو المفارقة واضحة عند الفنان التشكيلي عوض الشيمي، فمشروع تخرجه في الكلية كان عن الكائنات الفضائية والعوالم الخاصة بالفضاء، حتى إن معرضه الاول كان يدور حول هذا العالم لكنه بعد انتهاء المعرض وجد نفسه حائرا وظل يبحث عن عالم فني اكثر خصوصية وفيه أسرار وخفايا وهو ما وجده في الآثار الاسلامية المتنوعة التي تركها المماليك في مصر من مساجد وقصور وما بها من زخارف وموتيفات اسلامية· ويقول إنه ولد في منطقة القاهرة التاريخية وظل فيها حتى الثلاثين من عمره، وتأثر بالبوابات الأثرية والبيوت الاسلامية بخلاف المساجد الكثيرة الموجودة في المنطقة، ووجد في كل هذه العمائر عالما خاصا يحمل جوا روحانيا غير موجود في أي مكان آخر، ولفت انتباهه الزخارف الاسلامية المزينة بها تلك العمائر كالمشربيات والزخارف البنائية والهندسية والموتيفات المختلفة كالمآذن والعرائس فضلا عن الملابس· ويؤكد أن دخوله هذا العالم لم يكن بهدف تسليط الضوء على كنوزه فقط بل توظيفها من خلال تنفيذها بشكل حديث يقدم رؤية تشكيلية جديدة واستلهام الجو القديم وليس نقله كما هو، وقدم تجارب فنية مختلفة كلها مستوحاة من العصر المملوكي الذي يراه من العصور التي تعرضت للظلم في الحكم عليها، وحاول أن يعيد لهذا العصر بعض من اعتباره· ويقول د·الشيمي إن أولى تجاربه الفنية كانت عن الجارية التي كانت تشترى للمتعة وتتعرض كرامتها للإهدار، فعبر عنها من منطلق تعاطفه معها، فلجأ الى تصوير الجارية بلا ملامح بل مجرد ملابس لامرأة مضطهدة ومظلومة، وتوظيف هذا الشكل العضوي مع اشكال هندسية اسلامية واضحة كالمشربيات والزخارف النباتية والهندسية والدوائر والمثلثات، وكان للونين الأبيض والأسود في اللوحات بعد درامي، أما تجربة تمجيد المحارب القديم فركزت على الدور الذي قام به امام الصليبيين والمغول، وهنا ركزت اللوحات على تصوير المحاربين بملابسهم وأسلحتهم دون رؤوسهم، وكأننا نضعهم في متحف ونهمل دورهم المهم في تاريخنا مع أن المماليك اول من اقاموا مستشفيات متخصصة وكان لهم فضل إدخال المشربية في البيوت والقباب الحجرية في المساجد فضلا عن العمائر المليئة بالزخارف الفنية· وأشار الى أن تجربة النوافذ الاسلامية التي كانت موجودة في القصور والمساجد بشكل خاص جذبته لتصويرها فنياً، حيث كان يشعر بالجو الروحاني القائم خلف هذه النوافذ وأنها رمز للضوء الذي يشع من خلالها، وأقام من خلال اللوحات علاقات بين الاشكال والملامس المستقاة من الفنون الاسلامية، وأقام موسيقى تشكيلية منتمية للعالم الاسلامي بمعالجة جديدة· وأوضح د·الشيمي أن المقصود بتلك الاعمال والتجارب هو البحث عن خصوصية فنية تشكيلية مستلهمة من تراث شديد الثراء والجمال والندرة ربما بحثاً عن اعادة الحق وإزالة الإهمال عن هذا التراث الفني وربما للبحث عن هوية واضحة الملامح بدلا من السير خلف تجارب فنية لا تخصنا والتجربة مستمرة وتتطور باستمرار، ففي البدايات كان متأثرا بالمنمنات الاسلامية ولم يكن يصور البشر، ثم نضجت التجربة ووضع فيها اشكالا كاملة الاستدارة عندما احتاج لذلك، وهو يترك العنان للتجربة الفنية ورؤيته الخاصة التي لا تتقيد بأي قيود· وأكد أن الفن الاسلامي شديد الثراء وأبوابه مفتوحة لجميع الفنانين لإبداع اعمال فنية بروح شرقية مميزة وليست منقولة من هذه الفنون، ولهذا يرفض أن يقال عن تجربته إنها امتداد للفنون الاسلامية لأنه لا يقدم نفس الأنماط القائمة وإنما يستلهمها ويوظفها ويخرج منها اشياء خاصة به وحده·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©