الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... ومناورة أوباما الإيرانية

الأزمة السورية... ومناورة أوباما الإيرانية
14 فبراير 2014 22:45
ثمة أسباب كثيرة وراء عدم رغبة أوباما في الانخراط كثيراً في الأزمة السورية، وعندما أتحدث عن الانخراط لا أعني تقديم المساعدات الإنسانية أو المشاركة في مؤتمر «جنيف»، وإنما أعني «عسكرة» الدور الأميركي بشكل كبير إما عن طريق دعم المعارضة بأسلحة متطورة، أو عن طريق استخدام قوة عسكرية مباشرة، أو كليهما معاً. وقد كان واضحاً أيضاً لبعض الوقت أن سياسات الرئيس الدفاعية بعدم التدخل في سوريا لا يمكن أن «تجدي» إذا كانت «الجدوى» تعني الضغط على الأسد للتنحي عن السلطة وإنهاء الحرب الأهلية السورية. وتمثل تصريحات جون كيري بشأن حدود السياسة، والأوضاع الإنسانية المرعبة على الأرض، وجهود جنيف الفاشلة، ومماطلة دمشق بشأن الأسلحة الكيميائية، تأكيداً جديداً على أن الولايات المتحدة لا يمكنها تغيير شيء من دون فعل شيء. وعلى رغم ذلك، من المرجح بشكل كبير جداً عدم حدوث تحول حقيقي في المستقبل المنظور في استراتيجية الولايات المتحدة ضيقة الأفق، التي تعتمد على تفادي المخاطر في سوريا، وقد كان أوباما شديد الوضوح بشأن السبب وراء ذلك. حيث قال أوباما «يساورني قلق شديد إزاء ما يحدث، ولكنني لست قلقاً بشأن قراري بعدم الدخول في حرب شرق أوسطية أخرى، فمن الصعب تخيل أن سيناريو تدخلنا في سوريا سيفضي إلى نتيجة أفضل، وخصوصاً في ضوء عدم رغبتنا القيام بجهود في حجم ومدى ما فعلناه في العراق». وأضاف: «عندما أسمع أشخاصاً يشيرون بشكل ما إلى أننا لو كنا موّلنا وسلّحنا المعارضة في وقت سابق، لربما كان الأسد قد ولى الآن وكان قد حدث انتقال سلمي، فإن هذا يبدو لي مثل تفكير سحري». وعلى رغم ذلك، هناك سبب آخر لحذر أوباما ربما لن يذكره أبداً، وقد يكون من أكثر الأسباب تأثيراً، ومن غير المدهش أنه مشتق من أكثر أهداف سياسة أوباما الخارجية حساسية في الشرق الأوسط، ألا وهو: «الاتفاق النووي مع إيران». وإلى جانب القلق من هجوم آخر من قبل تنظيم «القاعدة» على الأراضي الأميركية، فإن قضية إيران هي جوهر السياسة الخارجية التي من شأنها إثارة الفوضى في السنوات المتبقية لأوباما في السلطة. وإذا فشلت الدبلوماسية وتحركت إيران نحو مزيد من التسلح، أو باتت قريبة من تصنيع سلاح، فستخيم مخاطر حدوث ثلاثة أشياء غير سارة محتملة، أولها: إلقاء اللوم على أوباما لأنه ترك طهران تحصل على القنبلة. وثانيها: أن تهاجم إسرائيل إيران. وآخرها أن تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه، أو تنزلق في أتون مواجهة إسرائيلية إيرانية. وسيؤثر الاحتمال الأول على موروث أوباما، الذي سيبدو ضعيفاً وضحلاً. وأما الحالتان الأخيرتان فستفتحان الباب أمام احتمالات بالغة السوء، وستفضيان إلى مخاطر مثل انهيار أسواق المال وارتفاع أسعار النفط وتعرض القوات الأميركية لهجمات في أفغانستان وحرب بالوكالة. ولذا، إن أمكن، يعتبر تفادي مواجهة مع إيران هدفاً جوهرياً للرئيس في الشرق الأوسط، وإذا كنت أفهم أوباما بشكل صحيح، فإنه يعتقد أيضاً أنه ربما تكون لذلك ميزة إضافية هي المساعدة في استقرار المنطقة. ولكن ما علاقة ذلك كله بسوريا؟ إليكم الأمر ببساطة، فمن أجل تسوية الأمور مع إيران، تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تتحدث مع الإيرانيين، بدلاً من مهاجمتهم في سوريا أو في أي مكان آخر. وبالفعل، إن آخر شيء يريده أوباما أو يمكن أن يتحمله الآن هو التدخل العسكري المباشر الذي سيفضي إلى حرب بالوكالة، أو قتل وحدات الحرس الثوري الإيراني التي تساعد قوات الأسد، أو إقناع طهران بأن الولايات المتحدة تخنق النظام السوري بأطراف مدعومة أميركياً. ومنتقدو سياسات أوباما بشأن إيران وسوريا يريدون منه أن يسعى وراء هذه الأهداف، قائلين أنه إذا أسقطت الولايات المتحدة نظام الأسد، فإن طهران ستصبح أكثر انحساراً وأقل تهديداً، وستضطر للتراجع عن طموحاتها بشأن التسلح النووي. وتبدو هذه نظرية مثيرة للاهتمام، واستراتيجية ملفتة تماماً، ولكنها ترتكز أيضاً على افتراض أن سوريا ليست في جوهر الاهتمام الإيراني، وأن دعم الأطراف السنية سيجعل إيران أكثر قلقاً وأكثر طاعة. ولكن على رغم أن سوريا ليست محورية بالنسبة لإيران مثل العراق، إلا أنها لا تزال مهمة جداً، ومن دون نظام صديق في دمشق، لن يكون للنظام الإيراني نفوذ كبير في لبنان. وعلاوة على ذلك، يبدو الافتراض الثاني أكثر ضعفاً، إذ أنه من الممكن زعم أن استراتيجية المحاصرة يمكن أن تسرّع بالفعل الطموحات النووية الإيرانية، في ظل تشديد الخناق السني والأميركي. وعلى رغم أنه لا يمكن إثبات أن سياسة أوباما بشأن سوريا أسيرة لمناورته مع إيران، ولكن الملف الإيراني يقيناً يعتبر عاملاً مهماً في منهجه الحذر إزاء الحرب الأهلية الدائرة. وفي الحقيقة، سيكون من السذاجة أن نستبعد أنه في سبتمبر الماضي عندما كانت سُحب الحرب تتجمع بسبب استخدام الأسد أسلحة كيماوية، لم تؤدِّ حسابات أوباما بشأن إيران إلى تردده في استخدام القوة في سوريا، ولاسيما أنه في ذلك الوقت كانت قناة سرية للتفاوض بين الولايات المتحدة وإيران مفتوحة بالفعل. ومن غير المثير للدهشة أن أوباما لا يرغب في الإقرار بدور إيران بوضوح في سياسته تجاه سوريا، ولو فعل ذلك، سيتضح أنه يضحي بالأهداف الأخلاقية والإنسانية من أجل هدف استراتيجي فاتر وللتعامل بلطف مع إيران، بينما تساعد طهران نظام الأسد في ارتكاب الفظائع، وهو ما يؤجج غضب منتقديه بدرجة أكبر. والسؤال المُلح الآن هو: هل سيحقق أوباما بالفعل أولولياته في الشرق الأوسط باستدراج الأسد إلى مائدة المفاوضات وإقناعه بالتخلي عن الحكم، ووقف الطموحات النووية الإيرانية؟ في الحقيقة، يخامرني الشك في أن أوباما سينجح، إذ أنه لا يبدو في الوقت الراهن مثل هذا النوع من الدبلوماسية البطولية ممكناً. ‎آرون ديفيد ميلر مستشار سابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©