الهند تتقشف في استهلاك الطاقة

أوصت مجموعة من العلماء بضرورة تقديم التوقيت الرسمي في الهند، والذي ما زال يعتبر حتى الآن أحد موروثات الاستعمار البريطاني الثابتة، بمقدار نصف الساعة يوميا حيث ذكروا أن هذه الخطوة من شأنها أن تدر على الدولة مبلغاً بمقدار 10 مليارات روبية (121 مليون جنيه استرليني) في كل عام بشكل ترشيد وادخار في تكاليف الطاقة كنتيجة لخفض بمعدل 16 في المئة في استخدام الكهرباء في أوقات الذروة المسائية· وكما ورد في صحيفة التايمز اللندنية مؤخراً فإن المقترح الذي يقضي بتبني الهند لتوقيت يسبق توقيت جرينتيش بست ساعات كاملة عوضاً عن الخمس ساعات ونصف المعمول بها حالياً، سوف يتم تقديمه للحكومة من قبل ثلاثة أساتذة يعملون في المعهد الوطني للدراسات المتقدمة في الدولة· وقد خلصت ورقة البحث التي تم نشرها مؤخراً في مجلة ''العلوم المعاصرة'' إلى أن إضافة نصف ساعة من ''ضوء النهار'' في كل يوم سوف يفضي إلى فوائد ومكاسب مقدرة أخرى إلى جانب ترشيد استهلاك الطاقة بما في ذلك التقليل من حوادث السير في الطرقات وكبح مستوى الجريمة وزيادة الأنشطة وممارسة الأعمال في داخل القاعات إلى جانب ارتفاع معدل التسوق وتوقف عدد أقل من المباريات الرياضية بسبب سوء الإضاءة· وبالإضافة لذلك سوف يتحقق أيضاً عامل سياسي وأمني أكثر ايجابية يتمثل في مساعدة الهند على السيطرة على المنطقة الشمالية الشرقية للدولة التي تؤمها الجماعات الانفصالية وتسودها حالات الاضطراب والعنف عبر جعل يوم العمل هنالك أكثر توافقاً مع بقية أنحاء الدولة وبخاصة في ذروة فصل الصيف حيث تشرق الشمس هناك في الرابعة صباحاً بينما تغيب في فصل الشتاء في وقت مبكر لا يتعدى الرابعة وخمس وعشرين دقيقة في المساء· وتشير المجلة من جانبها إلى أن تبكير الوقت عبر تقديم عقارب الساعة بمقدار 30 دقيقة سوف يمنح المنطقة متوسطاً بمقدار ساعة كاملة من ضوء النهار بعد أن يتم احتساب منطقة التوقيت الجديدة على أساس خط 90 درجة شرق بالقرب من حدود ولايتي غرب البنغال وآسام· ومضت المجلة تقول ''سوف يستمر تقديم التوقيت الهندي في توفير الانفاق على الطاقة المسائية الذي ظل يزداد عاماً بعد عام مع ازدياد الاستهلاك المحلي''· ويقدر العلماء أن التحول إلى منطقة توقيت جديدة يمكن أن يتحقق خلال فترة عامين من الآن· وأشار الباحثون أيضاً إلى أن خمسة في المئة فقط من المناطق في العالم اختارت أن يكون لديها اختلاف كسري أكثر أو أقل من توقيت جرينتيش بدلاً من التوافق معه بالكامل وهو الأمر الذي يعني أن التوقيت الهندي سيصبح منسجماً مع ذلك المعمول به في غالبية دول العالم· وإلى ذلك فإن الفوائد سوف تتجاوز بكثير مستوى السلبيات مثل شروق الشمس المتأخر في الشتاء والذي يؤثر على الأطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة بالإضافة إلى جعل صناعة خدمة تكنولوجيا المعلومات الأشد أهمية في الهند أكثر قرباً وبمقدار نصف الساعة مع توقيت كبار زبائنها في الولايات المتحدة الأميركية وفقاً لما ذكره كاتبا المقال في المجلة البروفسور سين جوتبا وزميله الدكتور ويليب أهوجا· ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي تدرس فيها الهند فكرة تغيير توقيتها الرسمي الذي ظل يعمل به منذ العام 1802 عندما ابتدعه جون جولينهام أول فلكي في شركة الهند الشرقية في مدراس· ففي حقبة الثمانينات اقترح فريق من الباحثين في مجال الطاقة تقسيم الدولة إلى منطقتين للتوقيت على طول مناطق الحكم البريطاني بحيث يعني وجود توقيت خاص في مومباي وآخر في كلكتا متأخـــر بمقدار 39 دقيقة· إلا أن الدولة لم تتبن هذه التوصية في نهاية المطاف أما في عام 2004 فقد تقدمت لجنة شكلتها الحكومة بمقترحات توصي بتطبيق مناطق زمنية متعددة قبل أن يرفضها البرلمان مخافة أن تؤدي إلى تهديد تماسك النسيج الاجتماعي في الهند· أما المقترح الأخير فسوف يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء ولكن فرصة في النجاح تبدو أقوى من سابقاته بفضل حاجة الهند الماسة للطاقة من أجل إشعال المزيد من الازدهار الاقتصادي· حقائق وأرقام ؟ كل 15 درجة في خطوط الطول عادة ما تمثل فرق ساعة كاملة في التوقيت على الخريطة· ؟ المكان الوحيد في العالم الذي يمكن فيه للشخص أن يتواجد في ثلاث مناطق توقيت منفصلة في نقطة واحدة هي تلك التي تقع على الحدود ما بين دول النرويج وروسيا وفنلندا· ؟ أكبر اختلاف في الزمن في الكرة الأرضية عند عبور حدود واحدة يبلغ ثلاث ساعات ونصف الساعة ما بين أقصى غرب في الصين ودولة أفغانستان· ويحدث هذا الأمر نتيجة إلى أن الصين على الرغم من أنها تتبنى خمس مناطق زمنية في مختلف أنحاء الدولة إلا أن الدولة بأكملها تنتهج توقيتاً موحداً هو توقيت العاصمة بكين في شرق الدولة· ؟ درجت كلية كريست شيرش في جامعة أوكسفورد على ضبط جميع ساعاتها بمقدار يقل خمس دقائق وثانيتين عن توقيت جرينتش· وهذا التوقيت الذي استمر يعرف باسم ''توقيت أوكسفورد'' ثم احتسابه على أساس بعد الجامعة بحوالي 50 ميلاً إلى الغرب عن نقطة برايم ميرديان في منطقة جرين وينتش·