الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا وذكرى الحرب العظمى

14 فبراير 2014 22:47
كانت الخطة تهدف إلى جعل تلاميذ المدرسة يجوبون ساحات المعارك الأجنبية، وجعل المجتمعات ترمم الآثار المحطمة، وجعل الأمة بأكملها تتذكر الحرب التي كلفت البريطانيين حياة عدد من أبناء وطنهم أكثر من أي شيء آخر. ويا له من إحياء جميل للذكرى. ولكن بعد شهر من بداية الاحتفال بمرور 100 عام على بداية الحرب العالمية الأولى، طغت على هذه الخطط قصص سياسية قبيحة حول ما كانت تعنيه الحرب، وما إن كانت بريطانيا تتذكرها حقاً بالأسلوب الصحيح. وجرى الرد، ضمن السجال الدائر، على اتهامات بعدم وجود القدر الكافي من الوطنية باتهامات أخرى مضادة بالغلو في الوطنية. وقد مر 100 عام على اندلاع الحرب، ورقود المقاتلين في قبورهم، ولكن تظل الحرب العظمى موضوعاً قابلاً للإثارة بدرجة كبيرة في بريطانيا، حتى بعد أن واصلت الشعوب الأخرى مسيرتها، ونسيت أو تعمدت مسح ذكرى الصراع الذي خلف ما يزيد على 16 مليون قتيل - منهم ما يقرب من مليون بريطاني. ويتعلق الجدل إلى حد كبير بحاضر بريطانيا، كما هو الحال مع ماضيها، مما يعكس تناقضاً عميقاً حول الحرب ذاتها، وحول ما إذا كانت بريطانيا جزءاً حقيقياً من أوروبا. ويتجلى الانقسام أكثر بين أولئك الذين يعتبرون أن الحرب كانت مكلفة ولكنها انتصار حيوي ضد العدوان الألماني، وأولئك الذين يرونها مذبحة لا طائل من ورائها وكانت ترسي الأساس لصراع أكثر ترويعاً وقع بعد مرور عقدين من الزمن. وكان وزير التعليم البريطاني مايكل جوف هو أول من أطلق الشرارة الأولي للجدل المثار حول الحرب في عموده في صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، حيث قال «من المهم أن نتعلم من الحرب العالمية الأولى أن يكون الصراع بالطريقة الصحيحة». وأضاف جوف: «إن الحرب كانت عادلة وشنت ضد القيادة الألمانية الخبيثة من قبل الشبان البريطانيين الملتزمين بالدفاع عن الليبرالية الغربية». كما سخر جوف، من تشويه صورة المحاربين في الأعمال الفنية التي تناولت تلك الحرب، ومن بينها العمل الموسيقي الذي ظهر في عقد الستينيات بعنوان «يا لها من حرب جميلة»! وكذلك المسرحية الهزلية التي ظهرت في الثمانينيات بعنوان «بلاك أدر» ولعب دور البطولة في هذا العمل الأخير روان أتكينسون الذي أدى دور جندي تعيس في خنادق الجبهة الغربية، ولا يزال هذا العمل يستخدم كأداة تعليمية حول الحرب العالمية الأولى في الفصول الدراسية بجميع أنحاء بريطانيا. كما أشار العمود أيضاً إلى الاستجابة الهازئة من قبل المؤرخين. فقد ذكر ريتشارد إيفانز، وهو أستاذ بجامعة كامبريدج، والذي خصه جوف بالنقد، أن وزير التعليم «يحاول تهميش هؤلاء الذين يختلفون معه في الرأي بالقول إنهم يشوهون سمعة القوات». كما اتهم سياسي بارز في حزب العمال المعارض جوف، وهو عضو بحزب المحافظين الحاكم، بأنه يحاول إرضاء الجناح المناهض لأوروبا في الحزب. وقد واجه حزب المحافظين تحدياً قوياً من حزب الاستقلال في المملكة المتحدة، الذي يفضل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حيث يشغل النفوذ الألماني حيزاً كبيراً. وقال تريسترام هانت، المتحدث باسم حزب العمال لشؤون السياسة التعليمية: «لدينا في بريطانيا تاريخ جيد وعادات جيدة وتراث جيد. ولذلك فمن العار أن ندع السياسيين يضعون ذلك في إطار كيفية تمكننا من هزيمة الألمان». ومن ناحيته، وصف نيال فيرجسون، المؤرخ بجامعة هارفارد، دخول بريطانيا في الحرب بأنه «أكبر خطأ في التاريخ الحديث» مشيراً إلى أن بريطانيا كان بإمكانها العيش مع النصر الألماني في القارة. وفي الأسبوع الماضي، وعد بعض كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية بأن الاحتفال بذكرى الحرب العالمية الأولى، الذي سيستمر لمدة أربعة أعوام ويتكلف 80 مليون دولار، لن يساهم في تسييس هذا الصراع. ولكن الخلافات لا تزال تنشأ، مع إجبار وزارة الخارجية الألمانية على نفي تقارير تفيد بأنها تمارس ضغوطاً على بريطانيا كي لا تحول الحدث إلى احتفال. وقالت بريطانيا إنه لا داعي أصلاً لممارسة أي ضغوط. «إن قرار تجنب أي نوع من الاحتفال أو إظهار فرحة النصر يتجلى فيما يفعله أي شخص» حسبما ذكره هيو ستراكين، المؤرخ بجامعة أكسفورد الذي شارك في الإعداد للاحتفال. وعلى رغم ذلك، فهناك من يشعر بالقلق، نظراً للطريقة التي بدأ بها العام، من أن إغراء الاستغلال السياسي سيكون من الصعب مقاومته. وخاصة أن «الناس يشعرون بأن طرح أسئلة حول الماضي هو بمثابة التساؤل عن الحاضر. إنني أتفهم ذلك. ولكنني آمل أن ندعم الحدث من خلال مناقشته بدون التطرق إلى السياسة» بحسب عبارة مارجريت ماكميلان، المؤرخة بجامعة أكسفورد. جريف ويت مدير مكتب واشنطن بوست في لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©