إفطار الصائم

لي صديق ''فنان''، وله نوادر، وقد علمني بعضاً منها حتى أسير على دربه، وهو يعيش في أبوظبي وحيداً وأحيانا نلتقي لتبادل الخبرات، خصوصاً فيما يتعلق بالإفطار في شهر الصيام، ويدلني أو أدله على أفضل الخيام وأفضل الولائم المجانية· لكنه خرج علي بقصة جديدة أمس، ربما أجربها وقت الضرورة، صديقي هذا يذهب قبل الإفطار الى أكبر ''سوبر ماركت'' في البلد ويجر عربة التسوق كأي متسوق عادي، وربما يتوقف قليلا بانتظار الأذان ليقرأ في ركن الكتب، ولعله يتناول مصحفاً ويقرأ ما يتيسر له، وعندما يحين موعد الإفطار يكون قريباً من ركن الفواكه، فيبدأ بتذوق الرطب والتمر ثم يكمل بالفواكه ما لذ منها وما طاب، ويتذوق شيئا من الأجبان والمارتديلا والبسطرما، وربما يذهب الى ركن الوجبات الجاهزة فيتذوق شيئا من هنا وشيئا من هناك، وبعدها ينتقل الى ركن الحلويات ويحلي، كل هذا بحجة انه يبحث عن الأفضل ليشتريه، لكنه يتذوق فقط ولا يشتري، وقد يتذوق نصف كيلو جرام مثلا أو حتى يشبع ويمل من ذلك الصنف من الأطعمة، ولا أدري إن كان يذهب الى المسجد ليصلي المغرب ويعود، غير أنه قال إنه يذهب بعد تناول الحلويات الى ركن الأجهزة الكهربائية، فيتفرج على التلفزيون قبل أن ينهي جولته بتدريبات على أجهزة الرشاقة المعروضة· وكان الله في عون صاحب ''السوبر ماركت'' وعزاؤه انه يفطر صائما وأن هذا يحسب له إن شاء الله صدقة· والحقيقة أن مثل هذه المحال الضخمة تستاهل أن يحدث لها هذا وأن تنهب بشكل واضح، والواقع أن الجمعية التعاونية ما قصرت وأدت ما عليها من دور، فهي على الأقل أقامت خيمة لإفطار الصائمين وهناك محال صغيرة أو بقالات يملكها آسيويون أراهم أحيانا وهم يقدمون الماء واللبن لتفطير الصائمين، فأقول يستاهل ذلك ''السوبر ماركت'' الضخم، وكنت سأنضم الى صديقي لتناول الإفطار المجاني فيه، غير أنني خشيت أن يحسب له انه فطر صائما إضافيا· أيها المؤمنون الصائمون دعوا عنكم البخل والشح، وقدموا طعام الإفطار للصائمين الجوعى، فمن فطّر صائما فله مثل أجره لا ينقص منه شيء، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم· أستغفر الله·· اللهم إني صائم