الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بان كي مون نجاح أغزر من الزلات

14 سبتمبر 2007 23:50
تعد أزمة دارفور بأبعادها المتعددة وتطورها السابق واللاحق، وأعقد مهمة تواجه السيد ''بان كي مون'' الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وبالتالي فإن نجاحه في هذه المهمة الشاقة سيحسب له أو عليه عند تقييم أدائه بنهاية فترة ولايته الأولى· ولمـا كانـت زيارتــه التي تمـت أخيراً للســودان تعتبر بدايــة تدخلــه المباشر للمساهمــة في معالجـة الأزمــة، فــإن نتائجها لابد أن تصب في حساب الربح والخسارة بالنسبــة لأول أمين عــام للمنظمــة يأتي مـن منطقــة شرق آسيــا، فمــا هي إذاً الحصيلــة؟ هـل يعــد السيــد ''كــي مــون'' ناجحاً أم غير ذلك فيما قام به في الرحلة التي امتدت لنحو خمسة أيام، وشملت جنوب السودان وولايات دارفور؟! لقد كان دوره محدوداً فيما يتعلق بالجنوب، وما كان له أن يقدم أكثر من ترديد النصح للشريكين في الحكم السوداني بأن يبذلا كل جهد لتنفيذ ما جاء في اتفاقية ''نيفاشا'' للسلام التي عقدت بإشراف الأمم المتحدة، مع قوى أخرى، في الأرض الكينية عام 2005م، وكان بديهياً أن يكون تركيز جهوده على ''دارفور'' وأزمتها التي تشغل الرأي العام العالمي بأسره، وتقلق كل الشعب السوداني في شماله وفي جنوبه· إن أول ما عكسته هذه الزيارة أن السيد ''بان كي مون'' يحظى بترحيب وقبول من حكومة السودان لم يكن من نصيب سلفه الأفريقي السيد ''كوفي عنان'' الذي عانى كثيراً من عناء السادة قادة الحكومة السودانية ومناوراتهم التي لا تنتهي وتذبذبهم بين القبول والرفض فيما كان يطرحه الأمين العام السابق· ولكن الطريق أمام الأمين العام الحالي كان سهلاً ممهداً في التفاهم مع قادة الحكم في الخرطوم، وهذه حقيقة تعد لصالح الرجل· كما استطاع أن يضمّن في برنامجه لقاءً مع زعماء المعارضة السياسية رغم أن الحكومة لم تكن راضية عن ذلك· كما واصل الأمين العام جهده فاستطاع أن يدعو -مع الزعيم القذافي- كل الفصائل الرافضة لاتفاق (أبوجا) لمؤتمر يعقد في العاصمة الليبية في الأسبوع الأخير من الشهر القادم· ورغم أن واحدة من أهم تلك الفصائل ترفض المشاركة في ذلك المؤتمر قبل أن يتم نشر القوات الأممية والأفريقية في دارفور، فإن ما توصل إليه الأمين العام للأمم المتحدة حول المؤتمر المرتقب يعد خطوة للأمام في الطريق الصحيح· غير أن السيد ''بان كي مون'' أخطأ في أمرين خلال زيارته للسودان: الأول، أنه صرح بأنه يعتقد أن أسباب محنة دارفور هي التصحر والجفاف، وهو بذلك يحمل الطبيعة وتحولاتها أكثر مما تحتمل ويحاول مجاملة حكام السودان الذين أدت سياساتهم إلى تردي الوضع في دارفور· أما خطأه الآخر، فإنه، وفي رد على سؤال حول قضية السودانيين المطلوبين للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، قال: إنها قضية شائكة ومعقدة، متفادياً بذلك الخوض في أمر من أهم أركان أزمة دارفور وإشكالاتها· إن موقفه هذا آثار ضده قطاعات كبيرة من أهل دارفور الذين يحملون السلاح والذين لا يحملونه، لأن أمر محاكمة كل متهم بجرائم إنسانية في دارفور يعد واحداً من مطالب أهل دارفور· وبعد·· فإن هذه كلها ليست إلاّ ملامحَ وانطباعاتٍ من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة للسودان، ومدى ما كان له من نجاح أو إخفاق· ورغم أن حصيلة النجاح وفق ما أوردناه تعد أغزر وأوضح من الأخطاء أو الزلات، فإن معالجة المنظمة الدولية وأمينها العام لأزمة دارفور مازالت في بداياتها· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©