السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الله لا يوزع توفيقه جُزافاً

الله لا يوزع توفيقه جُزافاً
6 مارس 2017 19:28
لا أؤمن بالصُدفة ولا أعترف بالحظ الذي يقولون إنه يتدخل فيحسم الأمور سلباً وإيجاباً، لا شيء يحدث عبثاً، كل الكلام عن خُزعبلات الحظ ومشتقاته مرفوض، فكل أمورنا خلقها الله بقدر، هكذا قال فى ذكره الحكيم، وهكذا هو حديث العقل والمنطق والطبيعة، دعانى الآن العقل والمنطق والطبيعة أن أتأمل تجربة دولة الإمارات العربية الشقيقة التى طبع على جواز سفرى ختم دخولها للمرة الرابعة على التوالى، أنا مصرية وقعت فى غرام الإمارات بمجرد أن وطأت قدمى أرض مطار أبوظبى فى المرة الأولى، حيث كان الجو جميلا ومعتدلا ومريحا لجيوبى الأنفية التى خرجت بها من مصر ملتهبة جداً بفعل البرد القارص. كبر الغرام فى القلب بعد ما تعرفت عليها أكثر وفهمت لماذا يحبها الآخرون ويتطلعون إليها ويحكوا عنها كثيراً،  تعودت على زيارتها كل عام، وهذا العام  كنت فى أشد حالات إشتياقى إليها فرأيتها كما لم آراها من قبل، لم تعد عينى تنبهر بالمستوى الفريد فى التنظيم والنظام وتفعيل القوانين على الكل، لم تعد نفس اللهفة على متابعة الطرز المعمارية والأبراج وناطحات السحاب، وتوقفت عن فتح فمى بزاوية 180 درجة كلما رأيت حجم التكنولوجيا والأنظمة الذكية المعمول بها فى شتى مناحى الحياه لتوفير الوقت والجهد والطاقة. لم أعد أقف أمام أضوائها وعظمة النظام المرورى فى شوارعها ولم يعد يستوقفنى أن أرى المستحيل يتحقق فى وقت قياسى، يحدث هذا معى رغم أن كل ما سبق لا يمكن أن ينطفئ الشغف به أبداً ورغم أن التحديثات التى تدخل على كل شيء فى الدولة أكبر بكثير من يتوقف القلب والعين عن الولع بها، قلبى وعينى الآن مولعين بما هو أبعد وأعمق، مولعين بالإنسان الإماراتى الذى يقف وراء كل هذا، بداية من القيادة التى تختار أسمى معانى الحياة شعار لخطط عملها، مروراً بالمواطنين الذين يؤمنون بعظمة وأهمية تلك الشعارات وما تعنيه وما تتضمنه فينفذوها بكل حرص وحب، صحيح أن المدينة الفاضلة لا وجود لها على كوكب الأرض، وصورة كل مجتمع فيها جانب مظلم، إلا أننى أتحدث هنا عن الشريحة العريضة من المجتمع الإماراتى وليس عن إستثناءات القاعدة. الناس فى الإمارات يدركون جيدأً قيمة الوقت فلا يضيعوه ، يقدسون الوقت بلا مبالغة،  آداء الحكومة أسرع من أن يستوعبه الإعلام ويعرضه جيداً لأن كل يوم _ بل كل ساعة _ هناك جديد، أتصورأن تقديس قيمة الوقت وبُعد نظر الإدارة هما الوصفة السحرية التى وصلت بالإمارات لما هى عليه الآن، وهما التحليل الصحيح لخلفية ما تنبهر به عيون كل زائر وليس النفط والحظ كما يردد الجاهلون .. أيها الإنسان.. يامن تتابع التجربة الإماراتية عن كثب فتنبهر بها وتتطلع إليها ويصيبك الشعور الطبيعى "المشروع" بالغيرة والإحباط  لأنها تسبق بلادك بخمسين سنة ضوئية على الأقل، أترك الإحباط جانباً، وإعلم جيداً أن ليس للنفط فضل فى هذا لأن النفط موجود فى دول كثيرة وربما بكميات أكبر مما يوجد فى الإمارات ومع ذلك هى الأفضل، إترك الإحباط لأن المسالة ليست حظ ولأن الله لا يوزع توفيقه جزافاً، الله لا يمنح توفيقه إلا لمن يستحق وضع ألف خط تحت كلمة "يستحق" والإماراتيون يستحقون ، لأنهم من البداية  إستثمروا فى الإنسان وإنتصروا للإنسانية ورفعوا قيم الخير والحب والسلام عالياً وساروا على ضوئها، قيم يبدو الحديث عنها مستهلك ومكرر لكنها السر الحقيقى وبوابة المرور الحقيقية.. أيها الأنسان الذى تتابع التجربة الإماراتية أياً كانت جنسيتك ، ضع أمام عينك طول الوقت ورقة مكتوب عليها " الله لا يوزع توفيقه جزافاً " لا تجعل تلك الجملة تغيب، إنبهر بها، كثف من شغفك نحوها، فورائها الوصف التفصيلى لأسباب نجاح التجربة الإماراتية بشكل عام ، ونحاج تجربة أى إنسان فى الحياه بشكل خاص. ===== * كاتبة مصرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©