عادات رمضانية تتلاشى ·· والتكنولوجيا تستحدث بدائل جديدة

طـــقوس رمضـــانية تتـــلاشـــى تدريجياً وقد تصبح قريباً في طي النسيان بعد أن تبدلت وصارت من الماضي بمرور السنوات، وطقوس أخرى مستحدثة خلال السنوات الأخيرة، فمن المجالس الرمضانية التي كانت سمة عامة داخل كافة البيوت الإماراتية إلى المنتديات الإسلامية التي صارت الوجهة الأولى للشباب الإماراتي خلال الشهر الكريم، ومن زيارات التهنئة إلى عالم الرسائل القصيرة التي أصبحت أبرزالملامح الرئيسية للتهنئة بقدوم رمضان· رسائل ومنتديات يقول علي عبده وهو موظف في إحد البنوك الحكومية بدبي إن التطورالتكنولوجي ألقى بظلاله على الطقوس الرمضانية خلال رمضان، وباتت الاتصالات التليفونية التي كانت وسيلة التهنئة بقدوم الشهر الكريم بين الأهل والأصدقاء من بقايا الماضي في ظل الرسائل القصيرة السريعة عبر الهواتف النقالة· ويعتقد علي أن عالم الرسائل تسبب ومن قبله الاتصالات التليفونية في غياب الاتصال المباشر بين الأصدقاء وأفراد الأسرة الواحدة، لكنه وفي الوقت ذاته وسيلة فعالة لمواجهة آلاف الكيلو مترات التي ربما تفصل بين أفراد الأسرة الواحدة· ويؤكد أحمد أبو العلا مهندس معماري أن المنتديات الدينية وعلى الرغم من حالة الرواج التي تتمتع بها لدى شريحة كبيرة من الشباب، إلا أن المجالس الرمضانية تعد الأساس ولا غنى عنها ، خصوصا وأنها تتميز بأجواء من الروحانية والتركيز بين المشاركين في المجلس سواء من أفراد الأسرة الواحدة، إضافة إلى أنها قنوات اتصال مباشرة تختلف عن عالم المنتديات الذي قد يشوبه بعض التشتت بدخول أعضاء غير جادين ومن مثيري الشغب · ثقافات وخلفيات متباينة ويعتقد أحمد أن المنتديات تتيح في الوقت ذاته إمكانية التعرف إلى مختلف وجهات النظر في الفضايا الدينية المثيرة للجدل ، وذلك من خلال مشاركات رجال الدين وشرائح مجتمعية مختلفة ذات ثقافات وخلفيات متباينة· وينتهي أبو العلا إلا أن المنتديات الإسلامية ستكون خلال السنوات المقبلة هي الأكثر رواجا وانتشارا مقابل انحسار دور المجالس الرمضانية داخل الأسرة الواحدة، وهو الأمر الذي ستكون له نتائج سلبية ، نظرا لتغييب العلاقة المباشرة بين أفراد الأسرة والمجتمع بشكل عام· المزج·· ضرورة ويقترح عمرو رفعت مهندس معماري أن يكون هناك مزج بين عالمي المجالس الرمضانية والمنتديات الدينية عبر الإنترنت، موضحا إمكانية أن يتم فتح النقاش في نفس وقت انعقاده عبر الإنترنت· ويرى عمرو أن عالم الإنترنت أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، وأنه لم يعد بإمكان أحد إيقاف سطوته على عقول الشباب، مطالبا بإيجاد آليات وطرق تحقق التكامل بين الاتصال المباشر وبين الاتصال التكنولوجي· ومن المجالس الرمضانية إلى طقوس ما بعد الإفطار، حيث تراجع التركيز على الروحانيات وصارت الفضائيات والمزدحمة ببرامج المسابقات والنكات هي الأوسع انتشارا لدى غالبية الأسر ، مما دفع الكثيرين إلى المطالبة بتدخل سريع وجاد من جانب المجتمع بمختلف مؤسساته لمواجهة انحسار روحانيات الشهر الكريم خلال السنوات المقبلة· ويلمّح محمد شوقي ويعمل في إحدى شركات التمويل العقاري إلى دور إعلامي ضروري لمواجهة غياب طقوس رمضانية من تفاصيل الحياة في رمضان، مؤكدا على ضرورة إيجاد فضائيات عربية مسؤولة تدرك حجم المادة الإعلامية التي تقدمها خلال الشهر الكريم · مضمون هادف يعزز القيم ''الفضائيات والمسلسلات التليفزيونية لابد أن تتحول عن مسارها الحالي لتكون ذات مضمون هادف يعزز القيم النبيلة التي نطمح إلى غرسها خلال الشهر الكريم'' ، بهذه الكلمات بدأ أحمد سعدة ويعمل في إحدى الشركات الخاصة بدبي حديثه حول إقبال الكثيرين على متابعة القنوات الفضائية التي ابتعدت عن المسار الطبيعي خلال الشهر الكريم، مشيرا إلى أنه وأمام التحول الذي شهده القطاع الإعلامي من متابعة البرامج الإذاعية إلى الهوس غير الطبيعي بالمضامين الفضائية المتاحة من دون تقنين، فإن الأمر يستدعي مواجهة الغزو الفضائي الغير مسؤول من جانب عدد من القنوات الفضائية خلال رمضان· ويطالب أحمد بطرح حملات توعوية شاملة تشارك فيها كافة المؤسسات المجتمعية والدينية لمواجهة تلك الفضائيات، بالتزامن مع تدعيم القنوات الفضائية ذات المضامين الجيدة في إطار مشاركة رجال الدين وقادة الرأي في المجتمع· خيم رمضانية يتعجب محمود صابر ويعمل في شركة مقاولات بالشارقة من أن الخيم الرمضانية التي كانت وسيلة لإطعام عابري السبيل والنابعة من قلب التراث الإماراتي باتت تنحصر بشكل ملحوظ، وباتت الخيم الرمضانية التي تلجأ إليها العديد من المطاعم والفنادق كوسيلة تجارية تتخلى في بعض الأحيان عن مسؤولياتها خلال الشهر الكريم· ويؤكد محمود أن التطور الطبيعي للغزو الثقافي والفكري في المجتمعات العربية قد يكون انحسار روحانيات الشهر الكريم ، وهو الأمر الذي يتطلب الانتباه إلى دورالأسرة الذي يتمثل في تنشئة الجيل الجديد على قيم الشهر الكريم وزرعها بداخلهم مع الأخذ بعين الإعتبار مسار التكنولوجيا وأنها لابد أن تكون فقط مجرد عامل مساعد في التعرف إلى الكثير من الأمور الحياتية والدينية خلال الشهر الكريم· زينة الشوارع ·· تظاهرة منسية أشارأحمد جودة مهندس مدني إلى إنحسار طقوس الاحتـــــفالات بقـــــدوم الشـــهر الكـــــريم من خلال السنوات الأخــــيرة، لافتا إلى أن زينة الشـــــوارع كانـــــت تمــــثل أحد أبرز معالم الشــــهر الكريم وأن إنحسارها يعني اختلاف نظرة الإنسان المسلم إلى شهر رمضان، موضحا أننا نحتاج إلى إعــــادة النـــــظر في طقـــــوس أخرى مستــــحدثة باتـــت تؤثــــر على احتــــفالاتنا بالشهر الكريم·