الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإعــــلام ليس كما يبدو

الإعــــلام ليس كما يبدو
25 مارس 2008 02:12
الإعلام ليس كما يبدو، صاحب سلطة ونفوذ، إنه مجرد أداة بيد أصحاب المال وأشكال السلطة، يتغذى على الإعلان ظاهرياً، ويتغذى على مصائر الشعوب وقضاياها الرئيسية باطنياً· الإعلام الحر أكذوبة يسوقها العالم الحر، ولا يتضح هذا في السياسة فحسب، وإنما يبدو جلياً في التعامل مع منظومة القيم والمعايير الأخلاقية والوطنية وحقوق الإنسان· وقد نقل عدواه إلينا، في الوطن العربي خاصة، والعالم الثالث بشكل عام، فأصيب الإعلامي بانفصام في الشخصية، إضافة إلى أشكال السلطة والمؤسسات الأخرى المصابة بها أصلاً، حتى بات الإعلامي موظفاً، ليس لدى صاحب المؤسسة الإعلامية وكل المؤسسات التي لا تؤمن بحرية تدفق المعلومات، وإنما باحتكارها، والإفراج عما تشاء للرأي العام· الوسيلة الإعلامية حتى تستمر، لا بد لها أن تكون تابعة لجهة ما، وهذه التبعية تفقدها مصداقيتها، ولهذا نرى في أيامنا هذه، وسائل إعلامية تحرض على الطائفية، ونشوب الحروب الأهلية، وتدفع باتجاه الاستسلام، وتبرير الهزائم، والانبطاح في أحضان الأعداء التاريخيين، كما نرى وسائل إعلام أخرى تتهم الآخرين بالخيانة والمغامرة والكفر والردة وتدعو إلى القتل· وكل وسيلة تستند إلى حزب، الذي يستند إلى ممول، والأخير يستند إلى قوة دولة ما· الإعلام العربي لا يستطيع أن يكوّن رأياً عاماً، إنه يقسمه ويفتته بانتماءاته المتضاربة، بانقسامه على نفسه، لسبب بسيط، لأن السياسة العربية منقسمة على ذاتها، ناهيك عن الانقسامات داخل القطر الواحد· الفوضى والضياع والتشرذم الإعلامي ينعكس على الثقافة أيضاً، يتجسد في الشللية، والأحكام المتسرعة، والبحث عن السلطة عبر أشكال التعبير الأدبية والفنية، وينعكس في التسلط والمصادرة والإلغاء وعدم التعايش والتهميش، وإن كنا نفهم كيف تفرق السياسة أبناء البلد الواحد، فإننا لا نفهم كيف تفرق الثقافة أبناء اللغة الواحدة، الذين يحلمون بواقع مختلف، لكنهم، يبدو أنهم يحلمون على ظهور دبابات تقصف أقرانهم، حتى تتحقق السيادة· هل كان الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم محقاً حين وصف بعض الفضائيات العربية بـ (بيوت الدعارة) حين كان يتحدث للمذيع غسان بن جدو على قناة الجزيرة؟ الإجابة متروكة للمشاهد، لكن هذا لا يعني أن الإعلام العربي لا يعاني مأزقاً مهنياً وأخلاقياً وموضوعياً، بل إنه يعاني ضياعاً وارتباكاً لم يسبق له مثيل، وكأن ثورة تكنولوجيا الإعلام أطلقت مارد الفوضى من قمقمه، ليغرق المشاهد بالإسفاف والتفاهات· إنه من المؤكد، أن الشاعر أحمد فؤاد نجم، لم يقصد بالدعارة على أنها تجارة الجسد، وإنما المتاجرة اللا أخلاقية في كل شيء ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©