الحسد أخطر الأمراض

الحسد صفة سيئة تلازم بعض المسلمين، فينظر الانسان الى غيره ويحسده على النعم التي أنعم الله بها عليه ويتمنى زوالها، وفي المقابل تجد بعض الناس الذين يتعرضون للحسد او يخشون الحسد من الآخرين يلجأون الى بعض التمائم ويضعونها على أبواب منازلهم مثل ''الخمسة وخميسة'' أو يكتبون بعض العبارات مثل ''عين الحسود فيها عود'' ولا يتحصنون بالقرآن الكريم والصلاة والدعاء لله بأن ينجيهم من الحاسدين· ويقول الدكتور محمد نبيل غنايم -استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة القاهرة: إن الاسلام حث على الأخوة الصادقة والمحبة المتبادلة بين الناس جميعا حتى يعم الخير، ولذلك نهى عن كل تصرف أو سلوك يضر بسلامة هذا المنهج، ومن أسوأ السلوكيات التي يرفضها الاسلام ويحذر منها الحسد، لأنه عبارة عن تمني زوال نعمة الآخرين، وهو من أخطر الأمراض النفسية التي تعود على المحسود وتضر المجتمع كله، وقد تضر الحاسد نفسه· ولخطورة هذا السلوك على المجتمع اعتنى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ببيان ذلك وكيفية التخلص منه، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحسد والايمان لا يجتمعان في قلب مؤمن فيقول صلى الله عليه وسلم: ''لا يجتمع في جوف عبد مؤمن غبار في سبيل الله ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد''، كما يبين انه كالنار تأكل الحطب· فيقول: ''إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب''· وتبرأ صلى الله عليه وسلم من الحاسد فقال: ''ليس مني ذو حسد ولا تميمة ولا كهانة ولا أنا منه''، ثم تلا قول الله تعالى في سورة الاحزاب: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) (الأحزاب: 58) كما أن الحاسد ساخط على قضاء الله وقدره غير راض بما قسمه الله له· ويضيف الدكتور غنايم : القرآن الكريم يحكي حسد أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول الله تعالى في سورة النساء: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (النساء: 54)· ان الاسلام يحث على نقاء الصدور وحب الخير للناس جميعا· وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل الناس؟ قال: ''كل مخموم القلب صدوق اللسان'' قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب، قال: ''هو التقي النقي لا إثم ولا بغي ولا غل ولا حسد''· ويبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الناس بخير ما لم يتحاسدوا· واذا كانت خطورة الحسد كما قدمنا فإن الاسلام وضع العلاج لهذا المرض الخطير، فقد أرشدنا القرآن الكريم الى أن نتحصن بالله تعالى من شر الحاسدين فقال تعالى في سورة الفلق: (ومن شر حاسد إذا حسد)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ نفسه، وتروي السيدة عائشة رضي الله عنها فتقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أوى الى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ برأسه ووجهه، وما اقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات· كما كان يعوذ بعض اهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: ''اللهم رب الناس اذهب الباس، اشف انت الشافي لا شفاء الا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما''· وأرشد الاسلام الى أن الشخص الذي يعرف عن نفسه انه يحسد كل ما تقع عليه عينه حتى ولو كان ماله أو ولده عليه أن يردد عبارات التحصين التي تمنع عينه من الحسد، كما قال تعالى في سورة الكهف: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) (الكهف: 39)·