الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الله بن عباس.. انتصر على فَقْد البصر بنفاذ البصيرة

عبد الله بن عباس.. انتصر على فَقْد البصر بنفاذ البصيرة
16 سبتمبر 2007 23:45
نشأ الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه بمكة ولزم الرسول صلى الله عليه وسلم وروى عنه الاحاديث الصحيحة، فهو ابن عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان التحدي هو دستور حياته، فاتخذ من فقد بصره عزيمة لا تلين، وإرادة لا تهزم، وبصيرة كاشفة ليس لها مثيل أو نظير، وقال معبراً عن ذلك: ''إن يأخذ الله من عينيَّ نورهما ففي لساني وسمعي منهما نور''، وقال له معاوية بن ابي سفيان ذات يوم مستخفاً به ما بالكم تصابون في ابصاركم يا بني هاشم؟ فرد عليه عبدالله بن عباس: ''كما تصابون في بصائركم يا بني أمية''! فصمت معاوية عنه بعد ذلك، وهذه البصيرة أضاءت صدر ابن عباس حينما دعا الرسول الله صلى الله عليه وسلم له وهو يضمه الى صدره قائلاً: ''اللهم علمه الكتاب والحكمة''· ويشير حامد الجوجري الباحث الاسلامي الى ان المؤرخين والكتب الحديثة التي صدرت في هذا المجال تقول عن ارادة ابن عباس: إنه كان فتى نهل من الحكمة حتى تفتح عقله واكتسب وهو صغير ما يكتسبه الكبير، حتى إن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان حريصاً على مشورته في كل امر كبير، وكان يلقبه بـ''فتي الكهول''، وكانت له ذاكرة قوية في الحفظ، وذكاء لا يحد، وكانت حجته واضحة كالشمس، وكان منطقه سليماً لا يترك جليسه حتى يقوم مطمئناً راضياً، وله في الصحيحين 1660 حديثاً· وأضاف: وابن عباس عرف بشجاعة الرأي وكان يحض المسلمين على فهم القرآن الكريم، كما أوتي علماً صادقاً، وقدرة على تفسير القرآن تفسيراً صحيحاً ناتجاً عن علم وحكمة وفهم عميق للنصوص والآيات، وجاء في كتاب اسد الغابة لابن الاثير عن عبيدالله بن عقبة قوله: ''كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق، وفقه فيما احتيج اليه من رأي، وحلم ونسب وتأويل، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم منه ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا افقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتفسير القرآن، ولقد كان يخصص يوماً للفقه ويوماً للتأويل ويوماً للمغازي ويوماً للشعر ويوماً لايام العرب، وما رأيت سائلاً قط الا وجد عنده علماً· ويحكي عنه أبو نعيم: ''لقد رأيت من ابن عباس مجلساً لو ان جميع قريش فخرت به لكان فخراً، فقد رأيت الناس اجتمعوا وضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على ان يجيء ولا أن يذهب! فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال ابن عباس: اخرج يا أبا نعيم وقل لهم: من كان يريد ان يسأل عن القرآن وحروفه وما اراد منه فليدخل، ويقول أبو نعيم'': فخرجت الى الناس فأخبرتهم، فدخلوا حتى ملأوا البيت فما سألوه عن شيء الا اخبرهم به وزادهم حتى انتهى اليوم وقد تحدث في كل شيء، فما رأيت مثل هذا الرجل من الناس· وينسب الى ابن عباس كتاب في ''تفسير القرآن'' جمعه بعض اهل العلم من مرويات المفسرين عنه في كل آية وهو بحق تفسير محكم· وكانت لابن عباس رضي الله عنه منزلة عظيمة وكبيرة في قلوب الخلفاء الراشدين، فقد أنابه عثمان بن عفان رضي الله عنه في رئاسة بعثة الحج عنه سنة 35 هجرية فسلم من الفتنة الكبرى، كما اتخذه عليّ كرم الله وجهه مستشاراً وولاه على البصرة زمناً وبقي بها حتى تنازل ''الحسن'' عن الخلافة واعترف ببيعة الامويين· ولما هدم ابن الزبير الكعبة وشرع في بنائها وتجديدها بعث اليه عبدالله بن عباس يقول: لا تدع الناس بغير قبله، انصب لهم حول الكعبة الخشب، واجعل عليها الستور حتى يطوف الناس من ورائها ويصلوا اليها· ونفذ ابن الزبير ما رآه ابن عباس· لقد كان عبدالله بن عباس فخر بني عبدالمطلب بن هاشم عقلاً وعلماً وديناً وفقهاً وحفظاً، ولم يحل كف بصره عن نفاذ بصيرته·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©