الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتحدث بالقرآن

المتحدث بالقرآن
16 سبتمبر 2007 23:48
يروى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسير مع بعض صحبه ليلاً عندما أحسوا بأناس يسيرون على الجانب الآخر من الطريق، وكان الظلام حالكاً، فلم يعرف عمر من هم فأمر أحد أصحابه أن ينادي (من أين يقدم القوم؟) فنادى فيهم صاحب عمر بذلك، فرد عليه أحدهم يقول: (من الفج العميق) فأمر صاحبه أن يسألهم وإلى أين يقصدون؟ فأجابه الصوت: (إلى البيت العتيق)، فقال عمر: إن هؤلاء القوم معهم عالم بالقرآن، وأراد عمر أن يختبر ذلك فقال لصاحبه سلهم أي القرآن أعظم؟ فأجابه الصوت (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )، (البقرة: 255)· فقال عمر سلهم أي القرآن أحكم؟ فأجابه الصوت (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، فأمر عمر أن يسأل أي القرآن أجمع؟ فأجاب (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (الزلزلة:8،7)، فأمر عمر أن يسأل أي القرآن أخوف؟ فأجاب: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)، (النساء: 123)، فأمر أن يسأل أي القرآن أرجى؟ فأجاب (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورالرحيم)،(الزمر:53)، فأمر عمر صاحبه أن يسألهم: هل فيكم عبدالله بن مسعود؟ فجاء الجواب: اللهم نعم! كرماء اجتمع في وقت واحد ثلاثة اعتبرهم الناس أجود العرب في عصرهم وهم: عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، وقيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، وعرابة الأوسي· وقد روى الوطواط في ''غرر الخصائص'' وصاحب ''ثمرات الأوراق'' أن قوماً اجتمعوا في مجلس فذكروا الجود والأجاويد فذكروا أولئك الثلاثة، ثم اختلفوا حولهم أيهم أكثر جوداً، فقال قائلهم: فلنبعث ثلاثة منا كل واحد يذهب الى واحد منهم لنحكم على جودهم· فتوجه أحدهم الى عبدالله بن جعفر فوجده يهم بالسفر وقد وضع احدى قدميه في الركاب فقال له: أيها الأمير أنا ابن سبيل نفد مالي وزادي، فنزل عبدالله وقال: إليك هذا الفرس بما عليه، ولكن احرص على السيف فإنه من سيوف الإمام علي بن أبي طالب· فركب الرجل الفرس ووجد عليه ثياباً فاخرة وفيها صرة بها أربعة آلاف دينار، فذهب بهذه الأشياء الى صحبه· وذهب الثاني الى قيس بن سعد فطرق بيته فخرجت له جارية أخبرته أن الأمير نائم، وقالت له: قل حاجتك فإن كانت هينة قضيناها وان لم تكن كذلك أيقظنا الأمير· فقال لها انه ابن سبيل نفد زاده وماله، فقالت ان حاجتك أهون من ان نوقظ لها الأمير ودخلت ثم أتت له بصرة فيها سبعمائة دينار وأقسمت له ان بيت قيس ما فيه غيرها من المال، ثم قالت واذهب الى معاطن إبلنا فخذ راحلة وما يصلحها وخذ معك عبداً، فأخذ ذلك وذهب به لقومه ولما استيقظ قيس وأخبرته الخادمة بذلك فرح واعتقها مكافأة لها على كرمها· وذهب الثالث الى عرابة فوجده يقصد المسجد متوكئاً على عبدين له وقد أسن وكف بصره فقال له: انه ابن سبيل نفد زاده وماله، فقال عرابة: أواه أواه! ما تركت الحقوق لعرابة مالاً، ولكن اليك هذين العبدين فاستحيا الرجل، وقال ما كنت لأقص جناحيك قال عرابة هما عتيقان ان لم تأخذهما فإما ان تأخذهما وإما ان تعتقهما فأخذهما وانقلب الى قومه فقضوا ان الثلاثة أجود أهل زمانهم، ولكن أجودهم عرابة لأنه جاد بكل ما عنده! أعجب شيء قيل: سئل الخضر عليه السلام عن أعجب شيء رآه في الدنيا مع طول سياحته، وقطعه للقفار والفلوات، فقال: أعجب شيء رأيته أني مررت بمدينة لم أر على وجه الأرض أحسن منها· فسألت بعض أهلها متى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا متى بنيت، وما زالت كذلك في عهد الطوفان، ثم غبت عنها خمسمائة سنة ومررت بها فإذا هي خاوية على عروشها، ولم أر أحداً أسأله، وإذا رعاة غنم فدنوت منهم فقلت: أين المدينة التي كانت ههنا؟ فقالوا: سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا أنه كان ههنا مدينة، ثم غبت خمسمائة سنة ومررت بها وإذا موضع تلك المدينة بحر، وإذا غواصون يخرجون منه شبه الحلية· فقلت للغواصين: منذ كم هذا البحر هنا؟ فقالوا: سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا، إلا أن هذا البحر من عهد الطوفان، فغبت خمسمائة سنة وجئت فإذا البحر قد غاض ماؤه، وإذا مكانه غيضة وصيادون يصيدون فيها السمك في زوارق صغار· فقلت لبعضهم: أين البحر الذي كان ههنا؟ فقالوا: سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا أنه كان ههنا بحر، فغبت خمسمائة عام ثم جئت الى ذلك فإذا هو بالمدينة على الحالة الأولى، والحصون، والقصور والأسواق قائمة فقلت لبعضهم: أين الغيضة التي كانت ههنا؟ ومتى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله لم يذكر آباؤنها ولا أجدادنا إلا أن هذه المدينة على حالها من عهد الطوفان، فغبت عنها نحو خمسمائة سنة ثم أتيت إليها فإذا عاليها سافلها، وهي تدخن بدخان شديد، فلم أر أحداً أسأله ثم أتيت راعياً فسألته: أين المدينة؟ قال: سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا إلا أن هذا المكان هكذا منذ كان· فهذا أعجب شيء رأيته في سياحتي فسبحان مبيد العباد ومفني البلاد، ووارث الأرض ومن عليها وباعث من خلق منها بعد رده إليها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©