عكرمة في الجنة بسبعين طعنة

عاش عمرو بن هشام المعروف بأبي جهل طوال حياته عدواً لله ورسوله، وحاول قتل الرسول أكثر من مرة، وفي ذلك المناخ المليء بالحقد على الاسلام ونبيه نشأ عكرمة الذي رأى أباه لا يدخر جهداً في حرب المسلمين وايذاء الرسول، وورث الكراهية للاسلام ورسوله، فشارك في غزوتي بدر واحد محارباً الله ورسوله، وفي غزوة الخندق كان عكرمة واحداً من آلاف مؤلفة جاءت تحاصر المدينة وطال الحصار ولم يتحمل عكرمة فخرج مع عمرو بن عبد ود يدعو المسلمين للمبارزة فخرج علي بن ابي طالب حتى قطع رأس عمرو بن عبد ود فامتلأت نفس عكرمة رعباً وفر هارباً تاركاً حربته· وأعز الله المسلمين ففتحوا مكة، ولم يخل الامر من بعض المناوشات، فقد قام عكرمة ومعه صفوان بن امية وسهيل بن عمرو ليقاتلوا المسلمين، وتجمع عكرمة وأصحابه في موضع يسمى ''الخندمة'' وارادوا مقاتلة المسلمين، ولكن رماهم رسول الله بسيفه المسلول ''خالد بن الوليد'' فانهزم الجميع وفر عكرمة واهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه مع تسعة آخرين ولما عرف عكرمة ذلك قرر الهروب الى اليمن، وفي تلك اللحظات كانت زوجته ''أم حكيم'' قد أسلمت واستأمنت الرسول لعكرمة فقال لها: هو آمن، وخرجت ''أم حكيم'' لترد زوجها الى مكة، وقد وقف الرسول بين أصحابه يقول لهم: ان عكرمة بن ابي جهل سيأتيكم مؤمناً مهاجراً فلا تسبوا أباه· ووصل عكرمة مكة فرحب به رسول الله واستقبله احسن استقبال، وعرض عليه الاسلام وأسس دعوته فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا الى حق، وما امرت إلا بخير، ثم بسط يده وشهد ان لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله، ثم قال: يا رسول الله إني اسألك ان تستغفر لي كل عداوة عاديتكها، أو مسير أوضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك أو في غيبتك، فدعا له الرسول وقال: اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه الى موضع يريد به اطفاء نورك، واغفر له ما نال من عرضي في وجهي أو وأنا غائب عنه· وبعد اسلامه صار عكرمة واحداً من ابطال الاسلام الذين حملوا رايته الى شتى بقاع الارض، وقد ابلى بلاء حسناً في اليرموك، اذ إنه لما اوشك الروم ان ينزلوا بالمسلمين الهزيمة صاح قائلاً: من يبايعني على الموت؟ فقام عمه الحارث بن هشام وضرار بن الازور فبايعاه ومعهم اربعمائة مسلم فدخلوا غمار المعركة حتى الحقوا الهزيمة بالروم واستشهد عكرمة بسبعين طعنة تلقاها في صدره·