الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

للشحاتة فنون

17 سبتمبر 2007 22:27
أقبل عليّ شاب -تدل هيئته على أنه مواطن- مرحباً مهللاً، وسلم عليّ سلاما حارا وبالخشم، وجاريته على أساس أنني كاتب وصحفي مشهور ولابد أن هذا الشاب أحد قرائي ويعرفني، وراق لي الأمر فقد شعرت أنني رجل مهم وشخصية مرموقة· واكتشفت لاحقاً أن الشاب لا يعرفني ولا يحزنون ولم يقرأ أصلاً جريدة الاتحاد طوال عمره وأنه مجرد ''طلاب'' أو شحات يريد حسنة، طبعاً بعد أن قال لي قصة طويلة عريضة عن مشاكله ومرض والده والديون التي تحاصره بسبب بحثه عن العلاج وأنه مهدد بالسجن ولا يملك الآن أجرة الطريق· وقبل بضعة أيام كنت قادما من العين، وكانت هناك سيدة تحمل طفلها الرضيع تقف في الشمس وفي طريق مقطوع بعيد عن المناطق المأهولة، أشارت لي فتوقفت متخلياً عن كل مبادئي شفقةً على الرضيع المسكين· هي امرأة هندية قالت إنها تعرضت لنوع من النصب، فقد تزوجها خليجي على أنه مواطن إماراتي وعندما وصلت الإمارات اكتشفت الخيبة التي تعيش فيها، فالرجل دخل السجن بسبب الديون والسُكر وتركها هي وطفلها بدون معيل أو قريب، ولا يوجد اليوم حليب للطفل وهي ذاهبة الى منطقة الخزنة تستجدي أحد أقارب زوجها لعل قلبه يرق للطفل ويساعدها·· قصه تقطع نياط القلب، صدقتها وتعاطفت معها وطبعا لم يكن عندي أي اقتراحات حلول، ولكنني أعطيتها ما قدر الله· غير أنني اكتشفت فيما بعد ان هذه القصة مبتكرة جدا وأن هذه السيدة تقوم بهذه الجولة على الخط السريع بين أبوظبي والعين يوميا، فهي تستغل عطف مستخدمي هذا الطريق السريع، تقف مستجدية التوصيلة فتحصل على توصيلة مجانية ومبلغا للرضيع وتنزل لتكمل الطريق في سيارة أخرى وهكذا حتى ينتهي اليوم وتكون ذهبت الى أبوظبي وعادت الى العين· الله أعلم بحاجتها وكان الله في عون ذلك الطفل على حر الشمس والجوع والله يعينها على بلواها، لكن الفكرة أعجبتني فيها نوع من الدراما والابتكار· وفي هذه الأيام المباركة يزيد عدد الشحاتين، وكان الله في عون المحتاج منهم، وأعاننا على النصاب منهم·· فبالرغم من كل شيء فالآية الكريمة تقول: (وأما السائل فلا تنهر)· وكان الله في عون الشرطة التي تسعى وراء الشحاتين والحرامية· ssalbadi@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©