الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشورى.. الفريضة السياسية في الإسلام

الشورى.. الفريضة السياسية في الإسلام
17 سبتمبر 2007 22:31
أعلى الإسلام قيمة الشورى وجعلها فريضة واجبة من أجل فلاح الأمة· والابتعادُ عن الشورى يهدر الحقوق، ويقوّض فرص التقدم والازدهار، ويرسخ الديكتاتورية، ويهدر العدالة والأمن والاستقرار والحريات وكرامة الإنسان، ومن عظمة الإسلام أن مبادئه صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان مهما تغيرت الظروف أو الأحداث والمستجدات· والدولة الإسلامية سبقت الغرب في تحقيق مناخ الحرية واحترام الرأي وترسيخ قيم المشاركة في إدارة شؤون الوطن، فالشورى هي الفريضة السياسية في الإسلام· أوضح الدكتور محمد عمارة -المفكر الإسلامي المعروف- أن الشورى مصطلح إسلامي خالص وأصيل، وهو اسم من المشاورة التي تعني استخراج الرأي، فهي فعل إيجابي لا يقف عند حدود التطوع بالرأي، بل ينتقل من درجة التطوع الى درجة العمل على استخراج الرأي، أما الشورى في الفكر السياسي الإسلامي فهي فلسفة الحكم والاجتماع والأسرة، لأنها تعني إدارة أمر الاجتماع الإنساني الخاص والعام·وأكد أن الشورى هي السبيل الى الإمارة أي القيادة والنظام والسلطة والسلطان في الأسرة، أوالمجتمع، ويرفض الإسلام الانفراد بالرأي والسلطة، لأن ذلك هو المقدمة للاستبداد والطغيان مصداقاً لقوله تعالى: (كلا إن الإنسان ليطغي أن رآه استغنى) (العلق: 6-7)، والمنقذ للإنسان وللعمران البشري من الطغيان هو نظام الشورى الإسلامية حيث يكفل للإنسان المشاركة في تدبير شؤون العمران فتنجو دنياه من الطغيان، وذلك دون أن يطغى هذا الإنسان على التدبير الإلهي المتمثل في الشريعة التي هي الأخرى مقوم من مقومات العدل· واستكمل الدكتور عمارة حديثه قائلاً: الإسلام جعل الشورى فريضة وليست مجرد حق من حقوق الإنسان، أي أنه لا يجوز للإنسان أن يتنازل عنها حتى بالرضا والاختيار إن هو أراد، كما عمم الإسلام ميادينها لتشمل سائر الحياة الانسانية العام منها والخاص· ثمرة الشورى وأوضح أن القرآن الكريم يحرص على التنبيه على أن يكون ''أولو الأمر'' من الأمة حتى تكون السلطة نابعة من الأمة وليست مفروضة عليها، وهذه إشارة الى مبدأ السيادة الوطنية والقومية والحضارية للأمم والشعوب والمجتمعات· أما في العلاقة بين الدولة وجمهور الأمة فإن القرآن يجعل الشورى والمشاركة في صنع القرار ''فريضة'' حتى ولو كانت الدولة يقودها رسول الله صلى الله عليه وسلم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) (آل عمران: 159)، فالعزم أي تنفيذ القرار هو ثمرة الشورى أي المرحلة التالية لاشتراك الناس في إنضاج الرأي وصناعة القرار، ولهذا جاءت الشورى في القرآن الكريم صفة من صفات الأمة المؤمنة، وليست وقفاً على فريق دون فريق، فتوجه التكليف الإسلامي بالشورى الى الأمة جميعاً (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) (الشورى: 38)، فهي إذن ليست امتيازاً لأحد دون الآخر، وإنما فريضة وتكليف سماوي للكافة· وبلغ الإسلام في تزكية الشورى الحد الذي جعل ''العصمة'' للأمة، ومن ثم للرأي والقرار المؤسس على شوراها، فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: ''إن أمتي لا تجتمع على ضلالة''، وذلك حتى تطمئن القلوب الى حكمة الرأي وصواب القرار إذا كانا مؤسسين على شورى الأمة في أمورها بواسطة أهل العلم والدين من ابنائها· منهج للحياة وقال الدكتور سيف عبدالفتاح -استاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة-: إن الشورى نظام إسلامي شامل تقوم عليه الدولة والمجتمع، كما أنها منهج للحياة بكل أنشطتها العامة والخاصة، فهي ممارسة للحوار الذي يقرب بين أفراد المجتمع ويوحد صفوفهم ويقوي رابطتهم، ويحقق المقاصد الشرعية ومصلحة الفرد والجماعة دون طغيان، خاصة أن الأمة القوية تقوم على الصلاح وترك الاستبداد والعدل بين الناس· ومن وجهة نظر الدكتور سيف عبدالفتاح فإن الشورى عامل أساسي في تقوية أواصر الألفة والمحبة بين أبناء الأمة وقادتها وتحقق الأستقرار في المجتمع من خلال الحوار والمشاركة في تحمل المسؤولية والايجابية في التعامل مع قضايا الوطن· آليات تطبيق الشورى عن آليات تطبيق الشورى يرى الدكتور محمد رأفت عثمان -رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر- أن الإسلام لم يحدد طريقة معينة للشورى، وترك ذلك للمسلمين يختارون ما يتناسب مع ظروفهم وعصرهم، لأن شريعة الإسلام هي التي ختمت سائر الشرائع الإلهية، ومن خصوصيتها أن يكون في أحكامها ما يبين الحكم الشرعي لكل نوع من أنواع السلوك الانساني من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم الى أن تنتهي الدنيا· الإسلام يرفض الانفراد بالرأي الشورى عامل أساسي في تقوية أواصر الألفة والمحبة بين أبناء الأمة وقادتها وتحقق الاستقرار في المجتمع من خلال الحوار والمشاركة في تحمل المسؤولية والايجابية في التعامل مع قضايا الوطن· الشورى هي السبيل الى الإمارة أي القيادة والنظام والسلطة والسلطان في الأسرة، أو المجتمع، ويرفض الإسلام الانفراد بالرأي، لأن ذلك هو المقدمة للاستبداد والطغيان·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©