الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعات صنعاء القديمة ينقذها سكانها

صناعات صنعاء القديمة ينقذها سكانها
16 ابريل 2009 22:46
كشفت دراسة ميدانية أعدتها «الهيئة العامة للآثار والمتاحف» بالتعاون مع «الصندوق الاجتماعي للتنمية» في إطار برنامج الحفاظ على التراث الثقافي اليمني، عن اندثار نحو 35% من الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي عرفتها مدينة صنعاء حتى منتصف أربعينات القرن الماضي.. وأنه لم يبقَ حتى الآن سوى 28% من سكان مدينة صنعاء القديمة يزاولون حرفهم باقتدار رغم ضغط الاستيراد الخارجي المنافس الذي بات يهدد مصدر دخل معظم الحرفيين ووقوعهم بين مخالب الفقر وهو ما يهدد بزوال ما تبقى من هذه الحرف. وأسفرت نتائج الدراسة التي شملت مسحاً ميدانياً وحصراً وتوثيقاً للحرف والصناعات التقليدية بالمدينة عن معرفة وتقييم واقع تلك الحرف التقليدية (ألبسة، حلي، خشبيات...) التي تميزت بها صنعاء عن سائر الحواضر العربية، وتم تقسيمها إلى عدة حرف. اندثار وفقدان هوية تندرج في هذه الفئة صناعة «السلب» بنوعيها النباتي والحيواني، وصناعة «دلاء الماء الجلدية» و»صناعة القفل الغثيمي» وأقمشة «الغزل، والشَمِيْل، والعباءة، والمصاون، والغراير» وصناعة «المدايع» و»صناعة الدروع النحاسية» و»صناعتي الصابون والشمع» وبعض المنتجات الجلدية. بينما ثمة حرف توشك على الاندثار، وتندرج تحت فئة أسمتها الدراسة «حرف على وشك الاندثار» وتشمل تلك الفئة (المغالق التقليدية، الصباغة، المنقالة، الدباغة، المحدادة، صناعة الكوافي التقليدية، المكاييل الخشبية، التزج والحضية). فيما أشارت الدراسة إلى أن الحرف والصناعات التي تندرج تحت الخطر، أي خطر فقدان الهوية، مثل (صياغة الفضة، النجارة التقليدية، الجنابي، أحزمة الجنابي)، في حين أن الحرف والصناعات المنتعشة هي (الحياكة، الحزم والمحازق، العسوب، المواقد، النحاس، المخبزات). حلول آنية خلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات بغرض إيجاد حلول ممكنة ولو آنياً، كوضع ضوابط قانونية تحد من كثرة المستورد، وما يسببه من آثار اقتصادية بالغة السوء تُلحق أضراراً يومية تهدد مصير الحرفيين، الأمر الذي يجعل أغلبهم يعيشون تحت خط الفقر. وفيما يخص حرفة المعاصر التقليدية شددت الدراسة على ضرورة التنسيق مع وزارة الزراعة بالعمل على زيادة نسبة البذور الزيتية الكفيلة بتأمين حاجة المعاصر منها، وتوفيرها بأسعار مناسبة، والعمل على جعل هذه البذور المحلية سلعاً نقدية قابلة للتصدير الخارجي، إذا ما أنتجت زيوتها بطريقة العصر البارد (الطريقة التقليدية). فيما أوصت وزارة الصحة بالاهتمام والإشراف على عمل المعاصر التقليدية لضمان مستوى نظافة المعاصر التقليدية. وأما بشأن حرفة النجارة فقد دعت الدراسة وزارة الصناعة والتجارة إلى إعادة الاعتبار لحرفة المكاييل الخشبية، والقيام بدورها المسؤول والقانوني بين التجار وصُناع المكاييل وإلزام التجار بمعايير مكاييلهم سنوياً، والعمل على دعم وتشجيع حرفة النجارة التقليدية، وكذا الاهتمام بالأماكن التي تتوفر فيها الأشجار غير المحمية الصالحة للنجارة، وإكثار غرسها كأشجار (الطنب، العلب، الطلح، والغضار) وحمايتها من التعامل العشوائي الذي يهدر هذه الثروة الطبيعية. وبالنسبة لمهنة الدباغة والصناعات الجلدية فقد شددت الدراسة على ضرورة تشجيع الحرفيين في حرفة الدباغة، ودعمهم بإنشاء المدبغة الحديثة بتقنياتها التي تمكن الحرفي من زيادة الإنتاج اليومي، وتغطية حاجة الحرف الأخرى في السوق المحلي على الأقل، وذلك في المناطق المهيأة لها، وحماية مهنة الصناعات الجلدية بالحد من التصدير الكامل للجلد الخام، الذي يشكل المادة الأساسية لصنع الأحزمة والمحازق، والأحذية والحقائب وغيرها من المشغولات الجلدية ووضع ضوابط لتصديرها. تأهيل الكوادر أوصت الدراسة فيما أوصت بأهمية تدريب وتأهيل كوادر جديدة من الحرفيين في مجال خرازة الجلد بطرق آلية وحديثة، ورفد الحرفة بحرفيين جدد متخصصين والاستعانة بالخبرات العربية في هذا المجال، وتشجيع الحرفيين معنوياً ومادياً، سواء بالمساعدات العلمية أو بتقديم قروض ميسرة تمكنهم من إدخال وسائل حديثة لتسهيل عملية صناعتها. وأكدت الدراسة إلزام الجهات المختصة كالكليات والمؤسسات العسكرية بشراء احتياجات الطلاب من الأحذية والأحزمة وجيوب المسدسات وغيرها من السلع المحلية، التي يستطيع حرفيو المنقالة والحزم والمحازق توفيرها. ذهب وفضة لعبت صناعة الحلي التقليدية «الفضية» دوراً أساسياً ومهماً في حياة وزينة المرأة اليمنية، وقد أشارت الدراسة إلى تراجع إنتاجها المحلي في ظل انصراف محترفي صياغة الحلى التقليدية نحو صياغة الذهب، نتيجة الاهتمام والإقبال المتزايد عليه منذ بداية السبعينات وانصراف النساء عن اقتناء المصوغات الفضية، ناهيك عن لجوء معظم صائغي الفضة إلى تذويب الفضة «الخشر» لتحويلها إلى مواد خام جديدة، وهو ما يؤدي إلى هدر هذا التراث الفني العظيم. وطالبت الدراسة بضرورة تشجيع الشباب من صائغي الفضة الجدد في سوق «المخلاص» بالترويج لمنتجاتهم، ودعمهم من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في المعارض الدولية والإقليمية كصائغين يمنيين معاصرين، والاستفادة من خبراتهم في تدريب كوادر جديدة من الشباب من الجنسين. توصيات ومن التوصيات العامة التي خلصت إليها الدراسة ضرورة تطبيق قانون حق الملكية «الحماية الفكرية» على الحرفيين، وتفعيل قانون صنعاء وتطويره بما يتلاءم مع مستجدات العصر، خاصة ما يتعلق بإلزام الحرفيين في مجال الصياغة بأنواعها، بوضع الأختام التي تحمل أسماءهم على ما يقومون بإنتاجه، ووضع الضوابط القانونية التي تحد من الغش، والعمل على زيادة تشغيل أيادٍ عاملة في المهن الحرفية التي يزيد الإقبال عليها للتخفيف من البطالة ودرء الفقر. وضرورة وضع ضوابط قانونية تحد من إغراق اسواقنا بالصناعات الحرفية المستوردة، بما يضمن حماية الصناعات الحرفية الوطنية، داعية إلى تبنى استراتيجية جديدة لتنمية كافة الصناعات الحرفية بما يحقق لها جودة عالية تمكنها من المنافسة محلياً وخارجياً. وشددت كذلك على ضرورة التوجيه إلى جهات الاختصاص في التربية والتعليم بتضمين المناهج الدراسية مواضيع تتعلق باحترام العمل اليدوي في الحرف اليدوية في كل مجالاتها، واحترام من يقوم بممارستها لإعادة الاعتبار إلى المهن التي ينظر إليها المجتمع نظرة دونية، وضرورة اقتناء منتجاتها كمنتجات متميزة وراقية وعلاقة ذلك باحترام هوية الانتماء للوطن. كما طالبت الدراسة بتبني خطة إعلامية عبر أحدث الوسائل الترويجية للمنتجات الحرفية الوطنية وإقامة الأسواق التجارية لليمن اقليمياً ودولياً ودراسة إمكانية تصدير المنتجات الحرفية التي يكثر الطلب عليها وبالأخص الصناعات القابلة للتصدير، ومنح التسهيلات والإعفاءات الضريبية لهذه الصناعات التي تكاد تختفي، وفتح المجال واسعاً أمام الشباب وانتشالهم من البطالة والضياع.. خاصة أن هدفهم كسكان منطقة صنعاء القديمة إنقاذ صناعاتها التقليدية.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©