الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... حرب أخرى في طريق الخسارة

أفغانستان... حرب أخرى في طريق الخسارة
17 سبتمبر 2007 22:37
يقول وزير الدفاع الأميركي السابق ''دونالد رامسفيلد ضمن العدد الحالي لمجلة ''جي· كيو·'' إن الحرب في أفغانستان شكلت ''نجاحا كبيرا'' على اعتبار أن الناس ينعمون بالحرية اليوم، والحياة باتت ''أفضل في الشوارع''· والحــال أنه بالنسبــة لكل من يعمــل في هذا البلد، فإن ثمة جوابا واحدا ممكنا: عن أي أفغانستان يتحدث الرجل؟! الواقع أن حال أفغانستان -المعقل السابق لحركة طالبان، وملاذ القاعدة، ومكان زعماء الحرب المهربين للهيروين- يبدو اليوم أشبــه بما كان عليه في العاشر من سبتمبر ،2001 منه بانتصارٍ في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب· بالمختصر المفيد: إن أفغانستان في فوضى عارمة اليوم، لقد تمكنت القاعدة وحلفاؤها طالبان في صمت من استرجاع بعض المناطق، لتحوِّل بذلك قطاعات شاسعة من البلاد إلى مناطق محظورة على القوات الأميركية والأفغانية وعمال الإغاثة الدوليين، بل وحتى الصحفيين· كما أصبحت الهجمات العنيفة ضد المصالح الغربيــة من قبيل الأمور الروتينيـــة· بل حتى العاصمة كابول، التي كان يحلــو للبيـــت الأبيض أن يشير إليها باعتبارها مثالا لمــا هــو ممكــن في أفغانستــان، أصبحت مكانا خطيرا جدا إلى درجة أن السفارات الأجنبية باتت تشبه السجون، نظــرا لأن الدبلوماسييـن لا يغــادرون مكاتبهم، فالمجازفة خارج المناطق الآمنة تتطلب السفر نهارا ومركبـــات مدرعة وحراسا مرافقين· اليوم، يسود الخوف في أوساط الأفغان العاديين في كابول، لقد ارتفعت على مدى السنوات الثلاث الماضية معدلاتُ الجريمة في الشوارع، وهو أمر لم يكن موجودا من قبل تقريبا في الثقافة الأفغانية، ذلك في وقت يقوم فيه الشباب الغاضب والعاطل والمؤدلج بتصفية حساباته مع أفراد القبائل والعشائر الأخرى، والسرقة والسطو لإطعام عائلاتهم، وإفراغ سخطهم واستيائهم من حكومة تبدو عاجزة عن مساعدتهم· ونتيجة لذلك، فإن تناول الطعام في أحد مطاعم أفغانستان المعدودة أو الذهاب للتسوق في أحد الأسواق المتبقية إنما يعد ضربا من ضروب المجازفة بالنفس والحياة· وهكذا، باتت كابول تعني السجن بالنسبة لكثير من المسؤولين والدبلوماسيين الأميركيين؛ ذلك أن السفارات مغلقــة تماما في وجه حركة السيارات، بل وحتى الراجلين· ففي سفارة الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لا يُصدر القسم القنصلي تأشيرات سوى للمسؤولين الحكوميين الأفغان، أما في حال أراد مواطن أفغاني عادي الحصول على تأشيرة الولايات المتحدة، فيتعين عليه أن يسافر إلى إســـلام آبــاد في باكستـــان من أجل طلبها، ويعزى ذلك إلى حقيقة أن من شأن السماح للأفغان بالوقوف في صف لطلب التأشيرة في السفارة الأميركية بكابول أن يجذب هجمات الإرهابيين والهجمات الانتحارية· وعلاوة على ذلك، فإن الموظفين بالسفارة الأميركية الراغبين في الذهاب إلى مكتب ''وكالة التنمية الدولية''، الذي يوجد مقابل السفارة، مطالبون باستعمال نفق تحت-أرضي يربط بين المبنيين، فعلى الرغم من أن الشارع مغلق في وجه حركة المرور، باستثناء المركبات التابعة للمسؤولين الأميركيين والأمم المتحدة، ويعرف حراسة مشددة ودوريات منتظمة بواسطة المدرعات والدبابات وموظفي الأمن المدججين بأسلحة الكلاشنيكوف مع محيط من المتاريس والكتل الواقية، إلا أن خطر القناصة أو قذائف الهاون أو القنابل اليدوية حاضر وقائم دائما· الواقع أن العمل في أفغانستان-السجن يجعل من أداء وكالة التنمية الدولية الأميركية عملا بطوليا، فمنذ ،2003 أشرفت الوكالة على استثمار أكثر من 4 مليارات في أفغانستان، وأنشأت أكثر من 500 مدرسة، ومثلها من المستشفيات، وعبدت أكثر من 1000 ميل من الطرق؛ غير أنها أصيبت بنحو 130 إصابة على أيدي طالبان والقاعدة· ومن ناحية، تعد أفغانستان قصة ناجحة على نحو ما، فطالبان أزيلت من السلطة، رسميا على الأقل؛ والقاعدة تمت ملاحقتها إلى براري الحدود الأفغانية-الباكستانية؛ والقوات الأميركية موجودة لتعزيز وتقوية نظام سلمي جديد· بيد أن الحقيقة مختلفة جدا؛ ذلك أن الأمر مايزال يتعلق بحرب ''ساخنة'' مع عدو محفَّز ومنظم ومسلح تسليحا جيدا· وإضافة إلى ذلك، فإن القاعدة عائدة اليوم تدريجيا عبر البلدات والقبائل والأقاليم، حيث تحاول فرض شكل من الحياة والعقيدة الإسلامية التي تعود إلى القرن الثاني عشر، وتهدد الإصلاحيين، وتمول عملياتها بالأموال التي تدرها عليها زراعة الخشخاش واسعة النطاق وتهريب الهيروين· وبينما تعيد القاعدة رص وتنظيم صفوفها، فإن أسامة بن لادن مايزال حرا طليقا يرسل رسائله عبر أشرطة الفيديو، ويمثل مصدر إلهام إيديولوجي للجهاديين عبر العالم· أما رئيس البلاد، حامد قرضاي، فقد أثبت بالفعل أنه ليس سوى عمدة لكابول؛ فالحرب في أفغانستان عملية سياسية وعسكرية تقوم على مبدأ ''خطوة إلى الأمام، وخطوتين إلى الوراء''· والحقيقة أن المهمة في أفغانستان ليست غير مكتملة فقط، وإنما هي أكثر خطرا وأقل يقينا مما يمكن أن يتخيله صناع السياسة في واشنطن والمتحدثون في استوديوهات نيويورك، أما من يقولون بغير ذلك، فإما أنهــم سذج أو أنهم يروجــون لأجندة سياسية· جون كيرياكو مسؤول محاربة الإرهاب بوكالة سي آي إي من 1998 إلى 2004 مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©