الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالكريم برشيد يتقصى سيرة المسرح الحديث

عبدالكريم برشيد يتقصى سيرة المسرح الحديث
14 فبراير 2014 23:40
محمد وردي (دبي)- في كتابه «التأسيس والتحديث في تيارات المسرح الحديث» الصادر حديثاً، يتناول الباحث الدكتور عبدالكريم برشيد سيرة المسرح ويرصد مراحل تطوره عبر التجارب المسرحية المتعددة. وذلك في مائتين وسبعين صفحة من القطع الوسط، حيث يتضمن الكتاب مقدمة، وخمسة فصول حملت العناوين التالية: «مسارح في مفترق الطرق»، و«المسرح المفرد/المتعدد»، و«من المسرح إلى تيارات المسرح»، و«تجديد الإبداع في العالم المتجدد»، و«المسرح العربي: تجارب وأسماء وتيارات»، وخاتمة. ويقول برشيد في مقدمة كتابه الصادر مع العدد الأخير لـ «دبي الثقافية»: «في البدء كانت المسارح، متعددة كانت في ولاداتها، ومتنوعة كانت بلغاتها، ومتجددة كانت بمسيراتها، وواسعة ورحبة كانت في عوالمها وأكوانها التي لا تحدها الحدود، وكل هذه المسارح، ورغم اختلاف بنياتها، فإنها تنتمي لأصل واحد أوحد، هو أبو كل المسارح في العالم، وهو آدمها، الذي تناسلت منه، وهو الذي يتمثل أساساً في الاحتفال وفي العيد، فعند هذا الاحتفال- العيد تلتقي كل المسارح، وانطلاقاً منه تفترق». ويتابع برشيد في مقدمة كتابه «إن الكتابة مرتبطة بالحقيقة. ومن طبيعة هذه الحقيقة أنها قديمة جدا.. قديمة قدم الإنسان، وقديمة قدم الوجود، وقديمة قدم الحياة، وقديمة قدم الاحتفال والتعييد في هذا الوجود الاحتفالي، وهي قديمة نعم، ولكن العيون التي تراها الآن، هنا، لا يمكن إلا أن تكون عيونا جديدة، والإحساس الذي يعيها ويدركها، في هذه اللحظة الحية، هو بالتأكيد إحساس جديد (...) إن الشيء الأساسي في الفكر الاحتفالي هو نحن، وكما تكون هذه الـ «نحن» يكون إبداعها ويكون عطاؤها أيضاً، ولأن هذه الذات لها حدود قديمة وأخرى جديدة، ولها أبعاد ماضوية وأخرى مستقبلية، فقد كان ممكناً أن ترى القديم جديداً دائماً، وأن ترى في هذا الجديد جوهره القديم جداً». ويضيف «في البدء كانت الصدمة الخلاقة.. والصدمة التي أعنيها هي صدمة الوجود في المسرح، أو هي صدمة المسرح في الوجود، وانطلاقا من هذه الصدمة، فقد خرجت إلى عالم الناس صرخات متعددة ومختلفة، وكان لهذه الصرخات أبعادها الفكرية والجمالية والأخلاقية المتنوعة، وكان ضرورياً أن تتشكل هذه الصرخات في أنظمة فلسفية جادة وجديدة، وأن تنتظم في منظومات فكرية متناسقة ومتجانسة، وأن يكون لهذه الأنظمة والمنظومات أسماؤها التي تميزها وتُعرف بها، فهي أساسا ولادات جديدة في عالم قديم، ولا أحد يمكن أن يجهل الحقيقة البسيطة التالية، وهي أنه بعد فعل الولادة والخلق، وبعد درجة الابتكار والتأسيس، يأتي فعل التسمية دائماً، ولعل هذا هو ما جعل العالم يحفل بأسماء التيارات والاتجاهات والمدارس والحساسيات الفكرية والأدبية المختلفة». ومن هذا الفهم الاحتفالي لحركة التجديد في مسيرة الفكر الإنساني، التي كانت على الدوام تصل الحاضر بالماضي، في عملية استشراف المستقبل، باعتبار أن كل ماهو جديد، هو تأسيس أو حفر من الصفر، ينطلق من البدايات بخصوصياته الرؤيوية الفكرية والجمالية، النابعة من خصوصياته الثقافية المحلية، كونه ينتمي إلى مجتمع ومنطقة ما على كوكب الأرض تتميز بخصوصياتها العرقية والدينية واللغوية والتاريخية. وبما أن مجتمع اليوم هو مجتمع مديني، يجمع مابين المختلفين، فلابد للجديد أن يكون منفتحاً على الآخرين، ولا يقطع بأي حال من الأحوال مع خلاصة المعرفة الإنسانية السابقة، ولكن بالضرورة أن يبدأ من جديد. بمعنى أن الدكتور برشيد يرى ضرورة ملحة للقطع مع المنهجيات والمصطلحات والمفاهيم أو الأدوات المعرفية أو التحليلية الغربية، واستنباط المذاهب أو التيارات الفكرية والفنية في الأجناس الأدبية بأسماء جديدة ورؤى جديدة، أو منهجيات جديدة، بخصوصية جديدة، سواء على مستوى البحث والتحليل، أم على مستوى الإبداع والتجريب في الآداب والفنون. ومع ذلك يرى الدكتور برشيد أن الجديد بهذا المعنى، هو بمثابة مقدمة لما هو أجدّ في صيرورة الوعي الإنساني في كل زمان أو مكان، من دون تمييز أو إقصاء أو استثناء. ولذلك يعتقد الدكتور برشيد مسبقاً أن كتابه الجديد «في معناه الحقيقي ما هو إلا مقدمة، لأن الأساسي والجوهري هو ما سوف يأتي دائماً، وهو ما سوف يكون، وإنني أعترف اليوم تماماً كما اعترفت بالأمس بأنني في كل مساري الفكري والإبداعي لم أفعل شيئاً سوى كتابة المقدمات، وأنا في هذا على منهج شيخ العلماء ابن خلدون، الذي كانت مقدمته أخطر من كتابه التاريخي، لأنه استطاع فيها أن يقرأ الظاهرة التاريخية علمياً، وأن يفككها، وأن يحللها من الداخل، وهذا ما أطمح للقيام به في هذا المشروع الواسع، الذي يهدف إلى قراءة ظاهرة ظهور التيارات المسرحية، سواء على المستوى المغربي المغاربي والعربي، أو على المستوى العالمي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©