الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ممرات ضيقة.. عشرون حكاية في سجن النساء!

ممرات ضيقة.. عشرون حكاية في سجن النساء!
18 سبتمبر 2007 22:03
دخل المخرج محمد الشيخ نجيب مع الكاتب فؤاد حميرة إلى سجن النساء في دمشق، في مغامرة محسوبة، ترصد الكاميرا خلالها حكايات عشرين امرأة جانحة، لكل منها حكاية غريبة مملوءة بالتفاصيل الإنسانية، وبعضها مشحون بالشر ورغبة الانتقام، أو بالطمع والجشع اللذين يقودان إلى الجريمة· (مغامرة خطرة) يقول بعض النقاد، ويعترف المخرج بأنه تناول نصاً إشكالياً يثير ردود فعل مختلفة، لكنه يتساءل: إذا كانت الكاميرا قد دخلت سجن الرجال، وكشفت حكايات بعضهم، فلماذا لا تدخل سجن النساء، لتتعرف إلى النصف الثاني وراء القضبان؟· هذه المغامرة هي موضوع المسلسل السوري (ممرات ضيقة)، وهو يتناول بصراحة حكاية المرأة التي تجبر على الاندفاع في الطريق الموصل إلى الخطأ، حتى يصل بها الأمر أن تذهب خلف القضبان· ويعرض العمل لحكايات عشرين امرأة، ليروي قصة ومعاناة كل منهن، وليطرح أسئلة في العمق عما دفع بهؤلاء النسوة إلى الجريمة، وعن الظروف المحيطة بهن، والتي جعلت منهن متهمات ومجرمات· فما الذي يجعل ميساء، وهي امرأة في الأربعين من عمرها، تندفع في حبها الجنوني للشاب الثري سمير الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره؟ إنه بالتأكيد ليس الثراء، وإنما الحرمان الذي عانته بسبب غياب زوجها في الخارج بعقد عمل منذ زواجهما قبل أربعة عشر عاماً· وماذا ستكون نظرة المجتمع، الأقارب والمعارف لميساء بعد أن تم ضبطها في إحدى الشقق؟ بل ماذا ستكون نظرة ابنتيها (هبة وحياة) لوالدتهما المتهمة، وكيف سيتعامل الزوج المخدوع والمطعون بشرفه مع زوجته وأولاده، وهل سيعترف بجزء من مسؤوليته عن الخطأ الذي وقعت فيه الزوجة الباحثة عن تعويض الحرمان؟· وهناك حكاية هناء التي تتهم بقتل زوجها المسن الذي تزوجته طعماً بأمواله، ولقاؤها في السجن بالضابط ماجد الذي يقتنع ببراءتها (!) ويساعدها بدوره على الهرب لتنعم بأموال زوجها خارج السجن (!)· وهناك حكاية النجمة السينمائية والتلفزيونية (صفاء) التي أدمنت المخدرات، ووقعت في أيدي الشرطة أكثر من مرة، وقصة علاقتها مع زميلها وحبيبها مروان؟· فلماذا أدمنت على المخدرات، وهي في قمة مجدها، بل ما الذي يدفع بمثل هذه النجمة للإدمان؟· حكايات كثيرة تكشف عن الظروف التي تدفع بالمرأة للجريمة، لتعيد طرح سؤال قديم: هل المرأة شر كلها؟ أم أن الحقيقة غير ذلك، وأن هناك من يدفع المرأة إلى سلوك هذه الممرات الضيقة والمرّة· شرائح مسحوقة كاتب العمل فؤاد حميرة يقول: لقد حاولنا في هذا العمل رصد ظروف النساء الجانحات خارج السجن، وتعاملنا مع هذه الظروف ببعد إنساني عميق، حيث وقفنا على مسافة واحدة من كل منهن، ولم ننحز لأحد، ولم نتبن أو نهاجم أي شخصية، وتركنا الأمر للمشاهد كي يحكم بنفسه على ما يجري· وعن سبب اختياره الكتابة عن الشرائح المسحوقة في المجتمع يقول فؤاد: تناولي لحياة هذه الشريحة من المظلومات والمظلومين، ينبع من ارتباطي بالشريحة المسحوقة في المجتمع، فأنا ابن هذه الشريحة، ولهذا أدخل في تفاصيل حياتها، لأنني أعرف هذه التفاصيل· ويشير الكاتب إلى أن المسلسل يعتمد على عدة خطوط درامية، كما كان الأمر في مسلسل (غزلان في غابة الذئاب)، ويؤكد أنه اختار ذلك لاعتقاده بأن زمن دراما البطل الواحد قد ولّى، وأن المستقبل هو للدراما المتعددة الأبطال والحكايات· تلطيف ما يمكن تلطيفه يعترف المخرج محمد الشيخ نجيب أن العمل بما يتضمنه من جرائم حساسة، قد يكون قاسياً، لاسيما أنه يعرض في رمضان الكريم، لكنه يدعو المشاهدين لمتابعة العمل أولاً، وعدم الحكم عليه إلا بانتهاء عرض حلقاته، ويقول: لقد راعيت ظروف الشهر الكريم، وحاولت تلطيف ما يمكن تلطيفه، وقد اجتهدت لتقديم صورة متطابقة مع الكلام، بحيث يصل الفعل إلى المشاهد، دون جرح مشاعره، ودون أن تكون المشاهد قاسية أو مملة، لأنني أعرف أن الدراما التلفزيونية، هي دراما للأسرة والمنزل العربي· وعن خصوصية الأسلوب الإخراجي في هذا العمل قال الشيخ نجيب: في أعمالي السابقة اعتمدت أسلوب الكاميرا البسيطة، لكن الأمر هنا يختلف، فالكاميرا لها علاقة بالمادة الدرامية المطروحة، ويتوجب عليّ أن أقدم شيئاً مختلفاً، لأن السجن هو المكان الرئيسي للأحداث· ويؤكد المخرج أن كل عناصر الصورة من حركة الكاميرا والممثلين والسيناريو لها دور في الأحداث· ويضيف: إن علي أن أربح عين المشاهد، لذلك تكون الكاميرا متحركة، وتارة أخرى تكون اللقطات ثابتة في عملية ربط لأحداث العمل، لتقدم الحكاية من خلال الصورة نفسها· ويفاخر المخرج أنه قدم دراما اجتماعية سورية تدخل للمرة الأولى إلى سجن النساء، لترصد مجموعة من نزيلاته، وتقف على عوالمهن الخاصة، ولترى كيف يتعامل المجتمع معهن، وخاصة أن ثلث مشاهد العمل تجري في السجن، أما بقية المشاهد فتجري خارجه، لتلاحق الجانحات قبل دخول السجن، ثم بعد خروجهن منه· وفي النهاية يؤكد المخرج لنا أنه عاش السجن كحالة افتراضية، قريبة من الواقع، لكنها أخف منه، ويعلق ضاحكاً: من منا دخل السجن ليقول: إن السجن هو هكذا! وفيه يحصل كذا!· أما السجن المفترض، فهو منزل الرئيس السوري الأسبق محمد علي العابد الذي شغل هذا المنصب بعد احتلال الفرنسيين لسوريا، وهو عبارة عن بيت دمشقي قديم، يضم نحو (65) غرفة تم تحويلها إلى مهاجع وساحات على مدى مساحة (2200) متر، بحيث أصبح البيت قريب الشبه بمكان السجن الحقيقي· يقع مسلسل (ممرات ضيقة) في ثلاثين حلقة تلفزيونية، وتلعب شخصياته نخبة من الفنانات والفنانين السوريين، في مقدمتهم كاريس بشار، ومنى واصف، وجيني إسبر، وأمانة والي، وناهد حلبي، ورنا شميس، ويارا صبري، وجيهان عبدالعظيم، وتولين البكري· أما السجانون والمتحكمون فقد جسد شخصياتهم عباس النوري، وأيمن رضا، وعبدالحكيم قطيفان، وجهاد سعد، ومكسيم خليل، وخالد القيش، أندريه سكاف· الفنان عباس النوري يمثل دور الزوج المخدوع، ويقول: إنها تجربة في منتهى الجرأة، وأعتقد أنها رغم واقعيتها ستصدم الجمهور، فالعمل يقوم على موضوع الخيانة الزوجية وبعناوين مختلفة، وأنا ألعب دور الزوج الذي سافر ليعمل ويحصل على المال، بينما تعيش زوجته حرماناً وفراغاً عاطفياً كبيراً، فتقع مشكلة، يكون الطلاق فيها أفضل حل· أما الفنانة جيهان عبدالعظيم فتجسد شخصية فتاة في السنة الأخيرة من كلية الطب، لكنها تسقط في حبائل إغراء المال، ويتم القبض عليها وإيداعها السجن، حيث تتعرض لمتاعب تزيد وضعها سوءاً· بينما تؤدي الفنانة المخضرمة ناهد حلبي دور فريال التي تخرج من السجن، بعد أن اعتادت دخوله عدة مرات، وتطالب بحضانة ابنتها، لكن الزوج يرفض، فتحتال عليه، وتحاول أن تدبر له مكيدة· وتلعب أمانة والي شخصية الشرطية التي تحاول أن تحمي ابنتها من (وحوش) المجتمع، في ضوء ما تراه أمامها من عشرات النساء الضحايا في السجن، إلا أنها ورغم كل جهودها لا تستطيع حماية الابنة، فتسقط الأخيرة في الفخ!· أما جيني إسبر فتقوم بدور الفتاة الجميلة التي تتزوج برجل مسن طمعاً بماله، فتعيش معه في ظروف صعبة وقاسية، إلى أن تتهم بقتله، وتدخل السجن، لكن ضابطاً فيه يقع في غرامها، ويساعدها على الهرب، لتستمتع بمساعدته بأموال زوجها المقتول!· كما تلعب تولين البكري شخصية إحدى السجينات، وهي تحمل حكاية مختلفة، وتقول عن دورها: إنه من الأدوار المركبة التي أرغب بها، لأنها تستنفر أدوات الممثلة بحق، وقد شاركت في هذا العمل ليس كمغامرة، وإنما عن رغبة أكيدة في المشاركة فيه· ويلعب الفنان خالد القيش شخصية فريز الشاب المتعلم الذي يعمل في مكتب للطيران، ويحاول الدفاع عن أخته، بعد أن أوقعها شاب في شباكه، فدخلت السجن بتهمة الجنوح· بينما تؤدي مريم عطا الله دور فتاة سجينة، تتعرض لمضايقات في السجن، وتعاني نتيجة لذلك من مشكلة جسدية تؤثر على نفسيتها، وتفقد الأمل في الحياة·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©