الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوسطية الإسلامية حلقة وصل بين الفُرقاء

الوسطية الإسلامية حلقة وصل بين الفُرقاء
18 سبتمبر 2007 22:09
هناك بعض الملاحظات حول التقريب بين المذاهب الاسلامية، ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي - عضو مجمع البحوث الاسلامية واستاذ الشريعة بجامعة حلوان - إن التقريب بين المذاهب الفقهية الاسلامية يعد مطلبا اسلاميا على رأس الاولويات التي ينبغي أن تتجه اليها الرؤى الفقهية والاطروحات المذهبية للمشاكل والمعاملات التي تواجه الامة الاسلامية، ومنشأ ذلك ان التقريب يمثل الوسطية الاسلامية التي أصلها قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ، فهذه الوسطية تمثل حلقة وصل وتواصل تجمع المختلفين من أجل إثراء الفقه الاسلامي والانطلاق به نحو الآفاق الرحبة لحل المشكلات المستجدة ومواكبة ما يطرأ على العالم الاسلامي من متغيرات· تحري المصلحة الإسلامية وأشار إلى أنه من الملاحظات الجوهرية في سياق التقريب بين المذاهب الفقهية الاسلامية تسليم الفكر الاسلامي باختلاف الآراء في اطار التنوع وليس الاضداد طبقا للقاعدة الاصولية ''هذا اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد''، وهو ما ينبئ عن ان الفكر الاسلامي الذي قام على هديه الاختلاف بين المذاهب الفقهية يسمح بمساحة من الاختلاف بين الآراء من اجل تحري المصلحة الاسلامية، طلبا للبرهنة على ان الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وانها تضمنت من الحلول ما يساير كل عصر ليس على اساس تطويع الشريعة لمتغيرات العصر، وإنما على هيمنة احكام الشريعة على المستجدات في كل عصر بتقديم أحكام قابلة للتطبيق على دراية بفقه الواقع المحكوم بفقه النص، مصداقا لقوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء' لكن هذه الاختلافات لا ينبغي ان تكون سبيلا للحكم على فقه المخالف بأنه خطأ محض وأن الصحيح هو ما يقول به أحد الآراء، وأن الباطل ما يقول به الرأي الآخر، فهذا الفهم قاصر ومغلوط بالنسبة للأدبيات الفقهية التي أرساها الفقهاء الاجلاء، فالمأثور عنهم أنهم كانوا يعتزون بالرأي المخالف ويرحبون به ولا يصفونه بالخروج عن الشرع، أو بانه خطأ محض، وهو ما نقل عن الامام ابي حنيفة ''علمنا هذا رأي، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه''، وقول الإمام مالك ''كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذه الروضة''، مشيرا الى قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكذلك قول الإمام الشافعي ''رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب''· ويشير الدكتور الجندي إلى أن الملاحظة الاساسية للتقريب بين المذاهب الفقهية هي أن هذه المذاهب انما كان تعددها من اجل غاية اساسية هي اثراء الفقه الاسلامي، كما انها وسيلة لتزويد المجتمع الاسلامي المتنوع في اصوله العرقية ولغاته التي يتحدث بها وعاداته التي كان يجري تعامله وفقا لها لذلك اعتبرت الاجتهادات الفقهية وسيلة دافعة ومحركة للعقل الاسلامي وليس لإثارة العصبيات بين المجتهدين، ولعل هذا واضح في ان الفقهاء التزموا بحرية الاختلاف الذي لا يؤدي الى الخلاف· التعارف والتآلف أما الدكتور عبدالعزيز التويجري - المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة - فيشير الى انه لابد من تأكيد بعض الملاحظات لفهم رسالة التقريب، وهي ان الدعوة إلى التقريب بين المذاهب الفقهية الإسلامية لا تعني انصهار المذاهب في بوتقة واحدة، أو الذوبان في مذهب واحد، بل هي خطوة نحو توحيد المسلمين، وتقوية أسباب التعارف والتآلف بينهم· ولابد من الفصل بين حقيقة الخلافات الفكرية والعلمية في المسائل الفرعية بين أئمة المذاهب الإسلامية كما هو السائد بين العلماء قديماً وحديثاً، وفهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأثره في استنباط الأحكام الشرعية وبين مسارات الأحداث الدامية التي شهدتها الأمة الإسلامية في عصور سابقة من خلال بث روح التفرقة بين المسلمين· وصنفت في هذا المضمار الموسوعات الكبيرة والصغيرة منذ القرن الثالث وحتى القرن الحاضر، ومن ذلك ما أفرده الشافعي في أواخر كتابه ''الأم'' من الرسائل في اختلاف الصحابة· تنوع في اطار الوحدة الاختلاف في المسائل الفرعية ـ وإن اختلفت مدارسها الفقهية والفكرية ـ أمر طبيعي يجب أن ننظر إليه في إطار تنوع الفكر والعطاء، ولا يجوز بحال أن يكون عقبه مانعة أمام توحيد الأمة· والتبليغ السيئ عن المذاهب الفقهية الإسلامية أدى وما زال إلى تمزيق هذه الأمة، في الوقت الذي تداعى عقلاء البشرية لدعم فكرة حوار الحضارات، والمساهمة في نشرها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©