الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دنانير البويهيين شاهد على انهيار الحكم العباسي

دنانير البويهيين شاهد على انهيار الحكم العباسي
18 سبتمبر 2007 22:23
انقسمت أملاك العباسيين بعد وفاة الخليفة المتقي لله في عام 329هـ ـ ''940م'' بين عدد من الأسر الحاكمة وما لبثت بغداد نفسها أن وقعت تحت سيطرة البويهيين القادمين من بلاد الديلم أو جيلان الواقعة في الجنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر، وكان الديالمة آنذاك حديثي عهد بالاسلام· وقد قام بتأسيس هذه الدولة ثلاثة اخوة هم علي والحسن وأحمد أولاد بويه وقد عملوا أولا في خدمة الامير ''مرداويج'' واستغل هؤلاء الاخوة اضطراب الاحوال في بلادهم فتمردوا على ''مرداويج'' واستولوا على فارس وطبرستان واصفهان وهمذان وقم وقاشان والكرج والري وقزوين مستفيدين من تحلل الدولة السامانية آنذاك· وكان علي بن بويه طموحا فتطلع الى ان يستغل اضطراب أمر الخلافة العباسية ببغداد ليمد نفوذه الى الاهواز وبغداد، وكان علي يقوم بادارة اقليم فارس، بينما يتولى الحسن أمر اقليم الجبل، أما أحمد الاخ الثالث فكان بلا مسؤوليات، ومن ثم وجهه الى الاهواز التي استولى عليها ثم مد نفوذه الى مدينة واسط الواقعة بين البصرة والكوفة· وهناك كاتبه قادة بغداد يطلبون منه المسير نحوهم للاستيلاء على بغداد فوصل إليها في 11 جمادى الاولى عام 334 والخليفة بها هو المكتفي بالله، فقابله واحتفى به وبايعه احمد وحلف كل منهما لصاحبه، هذا بالخلافة وذاك بالسلطنة· ألقاب على النقود وفي ذلك اليوم أسبغ الخليفة على بني بويه شرف التسمي بالالقاب الفخمة، فلقب عليا صاحب بلاد فارس بعماد الدولة، ولقب الحسن حاكم الري والجبل بركن الدولة، اما احمد صاحب العراق فصار لقبه معز الدولة، وزيادة على ذلك، أمر المكتفي بأن تسجل ألقابهم وكُناهم على النقود· وظلت دولة بني بويه تسيطر على بغداد الى ان نجح طغرل بك السلجوقي في القضاء عليها في عام 447هـ ''1055م''· ومن دنانير البويهيين واحد باسم ركن الدولة، وهو الحسن بن بويه وقد ضرب بمدينة المحمدية قرب الري بايران في عام 335هـ· ولا يختلف هذا الدينار عن سواه من دنانير الولايات التي تعترف بالنفوذ الديني لخلفاء العباسيين فعلى الوجه هامشان يدوران مع محيط الدينار· وفي ظهر الدينار هامش واحد يتضمن الاقتباس القرآني ''محمد رسول الله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون''، بينما يبدأ المركز بلفظ الجلالة وبعده ثلاثة أسطر متوازية نصها ''محمد رسول الله- عماد الدولة أبوالحسن- ركن الدولة أبوعلي'' أي أن هذا الدينار يحوي اسم اثنين من امراء البويهيين، وهما علي عماد الدولة والحسن ركن الدولة· أما دنانير مدينة السلام أي بغداد فكانت تسك باسم الخليفة العباسي وصحبته أسماء نفر من أبناء الأسرة البويهية· ومن ذلك دينار تتطابق كتاباته مع الدينار السابق فيما عدا مدينة الضرب ''مدينة السلام'' وتاريخ سكه هو عام 352هـ وكتابات مركز الوجه بها ستة أسطر ''لا إله إلا الله- وحده لا شريك له - معز الدولة - ابوالحسين- عز الدولة - ابومنصور- بويه'' وفي مركز الظهر ''محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المطيع لله- ركن الدولة- ابوعلي- بويه''· ومن الملاحظ هنا أن بني بويه أضافوا عقب اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عبارة ''صلى الله عليه وسلم''، وهي من العبارات التي لم يكن من المألوف تسجيلها على نقود العباسيين· وقد تكررت ظاهرة تعدد اسماء الحكام البويهيين على قطعة النقد الواحدة مثلما نرى في دينار من ضرب همذان عام 365هـ، ففي مركز الوجه نجد ''لا إله إلا الله/ مؤيد الدولة أبومنصور/ فخر الدولة/ أبو الحسن'' وفي مركز الظهر ''محمد رسول الله/ الطائع لله/ ركن الدولة/ أبوعلي/ عضد الدولة/ أبوشجاع''· ولهذا الدينار أهمية خاصة، اذ يعتبر آخر دنانير البويهيين التي تحمل اسم ركن الدولة اذ توفي في المحرم عام 366هـ· ومن الملاحظ ان البويهيين زادوا بعد ذلك في ألقابهم بعدما استفحل سلطانهم وصاروا يعزلون الخلفاء ويولون غيرهم، وتلقبوا بلقب ملك الملوك ''شاهنشاه'' فضلا عن استخدامهم الالقاب الفخمة مثل ''بهاء الدولة'' و''ضياء الدولة'' و''مجد الدولة'' و''كهف الأمة''· ومن الامثلة على ذلك دينار من ضرب عمان في عام 388هـ وهو يحمل في مركز الوجه اسم الملك العادل شاهنشاه بهاء الدولة وضياء الملة وغياث الأمة أبونصر وفي مركز الظهر سجل فقط اسم الخليفة العباسي القادر بالله· وبهاء الدولة صاحب كل هذه الالقاب المهيبة هو أمير الامراء في بغداد من عام 379هـ''989م'' الى عام 403هـ ''1012م'' وقد حكم عمان ايضا من عام 388هـ ''998م''· ضرب بنو بويه دنانيرهم في العديد من دور السك في شرق العالم الاسلامي مثل المحمدية ودار السلام ''بغداد'' وعمان وهمذان والاهواز والبصرة والكوفة وجميعها ضربت على الطراز العباسي ما عدا الدنانير التي قاموا فيها باضافة عبارة ''صلى الله عليه وسلم'' بعد اسم الرسول الكريم· ومن نقودهم النادرة أيضا قطع فضية تزن الواحدة منها أكثر من 11 جراما وهي تعادل الدينار الذهبي اثناء التداول وتحمل اسم ''أبوطالب رستم'' أو ''السيد أبوطالب بن فخر الدولة وملك الدولة بويه'' كما سمى نفسه وهو الذي خلف أباه على حكم الري والجبل· ويحمل هذا النقد المضروب في المحمدية عام 387هـ اسم الخليفة العباسي الطائع لله، ويبدو انه ضرب ليوزع كنقد تذكاري على الجنود بمناسبة جلوس ابي طالب رستم على العرش، إذ سجلت كلمة ''تيمن'' اربع مرات على هامش الوجه والظهر ونقش في الهامشين ايضا رسم مكرر لأربعة أهلة تفصل بين عبارات التيمن·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©